عربي ودولي

وكالة الطاقة الذرية ستنجز التقرير النووي الإيراني بنهاية 2015…رسائل تقارب بين طهران وواشنطن.. والمفاوضات في ربع الساعة الأخير

بعد أشهر من المفاوضات الماراثونية المكثفة بدأت الدول الست وإيران أمس نهاية أسبوع من المحادثات الحاسمة تعتبر الشوط الحاسم قبل التوصل إلى إبرام اتفاق تاريخي محتمل بشأن البرنامج النووي الإيراني لتدخل في الربع الساعة الأخير، في وقت أعلن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أمس أن التحقيق حول احتمال وجود بعد عسكري للبرنامج النووي الإيراني قد ينجز بنهاية العام 2015 بمساعدة طهران. وتحدث أمانو بعد زيارة قام بها إلى طهران عن «حصول تقدم» مؤكداً في الوقت ذاته الحاجة إلى «مزيد من العمل».
وقال أمانو للصحفيين قبل التوجه إلى فيينا للانضمام إلى المفاوضات الجارية بين إيران والقوى الكبرى: إنه «في ظل تعاون من قبل إيران، أعتقد أنه سيكون بمقدورنا إصدار تقرير بحلول نهاية العام لتوضيح المسائل المتعلقة باحتمال وجود بعد عسكري» للبرنامج النووي.
وقد تشير تصريحاته إلى اختراق في واحدة من المسائل الشائكة التي تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي بعد نحو سنتين على المحادثات المكثفة.
وتحدثت كل من إيران والولايات المتحدة عن أن المفاوضات أصبحت في نهايتها مع اقترابها من التوصل إلى اتفاق. وتركز المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، ألمانيا) على مستقبل القدرات النووية الإيرانية. وتطالب القوى الكبرى بتوسيع هامش الرقابة على البرنامج النووي الإيراني لتتمكن الوكالة الذرية من زيارة المواقع العسكرية. وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام 2011 تقريراً مهماً عن «احتمال وجود بعد عسكري» للبرنامج الإيراني، مشيرة إلى معلومات ذات «مصداقية» حصلت عليها.
وقال أمانو: إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عززت التزاماتها مع مجموعة 5+1 خلال الأشهر الماضية لضمان التوصل إلى اتفاق «دقيق تقنياً». وأوضح أنه «فور التوصل إلى اتفاق حول خطة عمل مشتركة شاملة، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون مستعدة لتطبيق البنود المتعلقة بالقطاع النووي حين يطلب منها ذلك». هذا وأكد كبير المفاوضين الإيرانيين نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «نحن على استعداد للتعاون مع السيد أمانو حتى يثبت أن الاتهامات الموجهة إلى جمهورية إيران الإسلامية لا أساس لها ونحن مستعدون للتعاون بشأن البعد العسكري المحتمل مع الوكالة وتسريع هذا التعاون للتوصل إلى نتيجة». إلى ذلك توجه محمد نهونديان مدير مكتب الرئيس حسن روحاني الجمعة إلى فيينا «في مهمة خاصة» للمشاركة في الأيام الأخيرة للمفاوضات حول الملف النووي مع الدول الكبرى بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وصدرت رسائل تقارب عن الولايات المتحدة وإيران الجمعة، حيث رحب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بـ«الجهود الصادقة» من قبل جميع الأطراف، فيما تحدث نظيره الإيراني محمد جواد ظريف عن «تحديات مشتركة» خاصة في مكافحة التطرف. وقال ظريف: إنه رغم بعض الخلافات المتبقية خلال الساعات الأخيرة من المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني إلا أنه «لم نكن إلى هذا الحد قريبين من التوصل إلى حل مستدام». وأضاف ظريف في رسالة عبر الفيديو أمس: «إن التوصل إلى اتفاق بحاجة إلى الشجاعة من أجل المصالحة.. والقناعة من أجل المرونة.. والنضج من أجل اتخاذ قرارات منطقية.. والتعقل والمنطق من أجل التخلي عن الأوهام» مشيراً إلى أن البعض يعتقدون بعناد أن الضغط الاقتصادي والعسكري على إيران يؤدي إلى استسلامها ويظنون أن بإمكانهم أن يتابعوا أوهامهم على حساب أرواح وأموال الآخرين.
ولفت ظريف إلى أن الأطراف الغربية اختارت طاولة المفاوضات إلا أنها يجب أن تتخذ قراراً حساسا وتاريخيا بين الاتفاق أو فرض الحظر الاقتصادي مضيفاً.. «إنهم انتبهوا إلى أن أكثر الحظر الاقتصادي ظلما ضد بلدي لم يوصل هؤلاء إلى أي من أهدافهم ومآربهم المعلنة وفي المقابل تسبب في إلحاق أضرار بالأبرياء وإثارة غضب شعب مسالم ومضح».
وكان ظريف قال: «لم نكن يوماً أقرب من التوصل إلى اتفاق» وإن لم يكن هذا الاتفاق «أمراً مؤكداً» بعد. وأوضح «أننا مستعدون لفتح آفاق جديدة لمواجهة التحديات الكبيرة والمشتركة. إن التهديد المشترك اليوم هو تصاعد الخطر المستشري للتطرف العنيف والهمجية»، في تلميح إلى تنظيم داعش الإرهابي. وأكد ظريف أنه «لمواجهة هذا التحدي الجديد، هناك حاجة ماسة لانتهاج مقاربات جديدة» متحدثا عن «معركة وجودية». وقبل ذلك بقليل رحب كيري الذي تحادث مجدداً أول أمس مع نظيره الإيراني، بـ«الجهود الصادقة» التي تبذلها كافة الأطراف للتوصل إلى اتفاق. وقال الوزير الأميركي: «لدينا بعض المسائل الصعبة، لكن هناك جهوداً صادقة من قبل الجميع لنكون جادين في ذلك أن الطرفين يعملان بشكل مضن للغاية مع الإرادة الطيبة لإحراز تقدم، وإننا نحرز تقدما». وأضاف: «لذا سنواصل العمل بكل تأكيد كلانا يرغب في السعي لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى نتيجة».
وبموجب قانون جديد فإنه في حال تلقي الكونغرس الأميركي نص اتفاق بحلول التاسع من تموز فسيكون أمامه مهلة شهر لإبداء الرأي، لكن في حال تجاوز ذلك التاريخ تصبح مهلة مناقشته 60 يوما، ما سيؤدي إلى تأخير تطبيق الاتفاق كما أن ذلك قد يتسبب بمضاعفات وتعقيدات إضافية. وتهدف المفاوضات إلى التوصل إلى اتفاق يضمن خلو البرنامج الإيراني من أي بعد عسكري مقابل رفع العقوبات الدولية عن إيران.
وصرح مسؤول حكومي أميركي كبير للصحفيين «إننا فعلا في نهاية الشوط». وقال هذا المسؤول طالبا عدم كشف اسمه: «إننا نحرز بالتأكيد تقدما، فما من شك بصدد ذلك»، مضيفاً «لكن من الواضح أيضاً أنه ما زالت هناك مسائل هامة لم تحل بعد، لذلك فهم يعملون حتى ساعة متأخرة من الليل». وقال دبلوماسي غربي: «هذا يشبه فعلا النهاية»، «فالعمل التقني يتقدم على النص الرئيسي والملحقات».
وبالإضافة إلى تفتيش المواقع الإيرانية والبعد العسكري، تبقى مسائل أخرى عالقة مثل مدة الاتفاق. وتريد المجموعة الدولية أن تكبح البرنامج النووي الإيراني لعشر سنوات على الأقل، الأمر الذي ترفضه طهران. كذلك يشكل رفع العقوبات عقدة بالغة الأهمية، لأن إيران تأمل في تدابير فورية، أما مجموعة 5+1 فتريد رفعاً تدريجياً ومشروطاً لهذه العقوبات.
والتوصل إلى اتفاق نهائي سيكون له انعكاسات دولية مهمة إذ سيفتح الطريق أمام تقارب قد بدأ فعلا بين الولايات المتحدة وإيران، وأمام عودة الجمهورية الإسلامية إلى الساحة الدولية رغم قلق الكيان الإسرائيلي ودول الخليج وخصوصاً السعودية. ويرى مراقبون أن واقع المفاوضات حول النووي الإيراني يقول: إن الخلاف ليس فقط بين إيران و«مجموعة خمس زائد واحد»، إنما يمتد إلى داخل حلف الصف الواحد، بل إن كلاماً يدور حول وجهات نظر متباينة حتى داخل الإدارة الأميركية، بين من يفاوض في فيينا ومن يجلس في واشنطن، هي معركة المصالح والمصالح المشتركة ومصالح الحلفاء، هي مفاوضات نووية، لكنها أيضاً معركة إثبات وجود وانتزاع مكاسب بالنسبة للجميع، لتخرج تلك المفاوضات في النهاية بنتيجة رابح – رابح.
أ ف ب – الميادين – سانا – وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن