قضايا وآراء

ورطة ترامب العدوانية والسيناريو المقبل

| تحسين الحلبي 

لا أحد يشك أن كل عمل عسكري أميركي ضد الجيش السوري وقواعده يخدم أول ما يخدم إسرائيل والمجموعات الإرهابية، ولذلك كان من الطبيعي أن تكون إسرائيل أول من يقدم الامتنان والدعم للرئيس ترامب في عدوانه على مطار الشعيرات، لكن ذلك لا يعني أيضاً أن الوجه الآخر للصورة في المشهد السوري والإقليمي ومع التحالف الروسي بدأ يثير قلقاً إسرائيلياً تزايد بعد أن تبين للقيادة الإسرائيلية أن الموقف الروسي الواضح ضد العدوان الأميركي سيقدم لسورية دعماً روسياً عسكرياً وتكنولوجياً متصاعداً منذ هذه اللحظة تحسب له إسرائيل حسابات كثيرة، ولذلك كان من اللافت أن تكشف صحيفة هآريتس الإسرائيلية في 8 نيسان الجاري بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يقم بتصعيد إدانته للعدوان الأميركي بل قام بتوبيخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأن إسرائيل سارعت إلى الثناء على هذا الهجوم الأميركي.
ويرى المحلل السياسي في صحيفة هآريتس آفي يسيخاروف أن «الاستنتاج الذي يستمد من ذلك هو أن إسرائيل مقبلة على مواجهة أوقات صعبة وقاسية من روسيا» ويضيف يسيسخاروف أن «سلاح الجو الروسي هو الذي يتولى حماية الجيش السوري بل وكذلك حماية مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وهؤلاء يقاتلون جنباً إلى جنب مع القوات الروسية ضد مجموعات داعش والنصرة وغيرهما»، ويؤكد الكاتب الإسرائيلي أن هذا التحالف الروسي مع بقية هذه الأطراف سيزداد متانة بعد الهجوم الأميركي على مطار الشعيرات وستزداد قوة هذه الأطراف وقدرتها على استخدام أسلحة حديثة أكثر تطوراً، وستنتظر إسرائيل الآن معرفة التصرف الذي سيلجأ إليه ترامب بعد هذا الهجوم.
وبالمقابل يرى بول ماكجيو في تحليل نشره في الموقع الإلكتروني «وات تودي» الأميركي، أن الهجوم الأميركي زاد من تعقيد النزاع في المنطقة لأن ترامب كان قد أعلن عن تبنيه لسياسة «أميركا أولاً» فإذا به وبشكل سريع ومفاجئ لدول كثيرة في العالم، ينتقل إلى سياسة أوباما السابقة وبشكل يفوق التدخل العسكري الأميركي المباشر وخصوصاً أنه لم يستشر حلفاء واشنطن الستين قبل الهجوم المباشر على مطار الشعيرات.
ولذلك سارعت بلجيكا إلى الإعلان عن سحب دورها وقواتها من هذا التحالف، وتساءل الكاتب الأميركي: وهل ستتحمل هذه الدول مضاعفات قرار ترامب لو وقع صدام عسكري مباشر بين القوات الأميركية والقوات الروسية في الأراضي السورية؟ وما حدود هذا التحالف الذي تقوده واشنطن وهي وحدها تقوم بمعظم مهامه العسكرية فوق الأراضي السورية؟
لقد اعتاد ترامب على إطلاق مواقف وتصريحات متناقضة واعتاد على التراجع عن بعض قراراته ولذلك يتوقع هؤلاء المحللون أن يصف مستشارو ترامب وصفة للخروج من الورطة التي دفعه إليها المحافظون الجدد الموجودون في إدارته، ولنترك الأيام أو الأسابيع المقبلة تثبت لنا ما سوف يفعله ترامب أمام التحذير الروسي له حين أعلن بوتين أن صيغة التنسيق المسبق بين سلاح الجو الأميركي والروسي فوق سورية تم تجميده؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن