الأولى

ماذا لو لم يقلب ترامب سترته؟

| تيري ميسان 

دونالد ترامب، الذي تم انتخابه بناءً على برنامجه لإنهاء الإمبريالية وخدمة مصالح شعبه، هل انتقل بغتة إلى ضفة أخرى، بعد ثلاثة أشهر فقط من وصوله إلى البيت الأبيض؟ هذا هو تفسير الأغلبية الساحقة لقصف قاعدة الشعيرات الجوية فجر يوم السادس من نيسان الجاري.
حلفاء الولايات المتحدة بأكملهم، باركوا هذا الفعل باسم المبادئ الإنسانية، على حين أدانه جميع حلفاء سورية باسم القانون الدولي.
على أي حال، اتسم الهجوم الأميركي على قاعدة الشعيرات العسكرية بوحشية واضحة، كانت القوة الإجمالية لصواريخ توماهوك، تعادل تقريباً ضعف قوة قنبلة هيروشيما الذرية.
مع ذلك، اتسم الهجوم أيضاً بعدم فاعليته، على الرغم من سقوط بعض الشهداء لمحاولتهم إطفاء الحرائق، إلا أن الأضرار لم تكن جسيمة، ما سمح للقاعدة العسكرية معاودة نشاطها من جديد في مساء اليوم ذاته.
خلاصة ذلك هي: إما أن القوات البحرية للولايات المتحدة مجرد «نمر من ورق»، أو أن هذه العملية مجرد مسرحية.
في هذه الحالة، يمكننا أن نفهم سبب عدم رد الدفاع الجوي الروسي، ما يعني أن صواريخ اس400 المضادة للصواريخ التي تنطلق ذاتيا، قد تم إيقاف تفعيلها مسبقا.
لكن الأمور جرت كما لو كان البيت الأبيض قد ابتكر حيلة تهدف إلى أخذ حلفائه إلى حرب ضد مستخدمي الأسلحة الكيميائية، أي ضد الجهاديين.
في الواقع، ووفقا للأمم المتحدة، الحالات الوحيدة التي تم توثيقها حتى الآن في استخدام مثل هذه الأسلحة في كل من سورية، والعراق، تم نسبها للجهاديين، وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، كانت الولايات المتحدة تجري القطيعة مع سياسة الجمهوري جورج بوش الابن، الذي وقع على قانون إعلان الحرب على سورية، قانون محاسبة سورية، وضد سياسة باراك أوباما، الذي دعم «الربيع العربي» أي إعادة إنتاج «الثورة العربية الكبرى» التي قادها الشريف حسين عام 1916، ونظمها له البريطانيون.
كل هذا لم يساعد دونالد ترامب في إقناع حلفائه، ولاسيما الألمان، والبريطانيين، والفرنسيين، وبعد أن قام بالقفزة التي أوحت أن ثمة تغييراً جذرياً حصل في سياسة الولايات المتحدة، بادرت لندن إلى مضاعفة بياناتها المعادية لسورية وروسيا وإيران، وألغى وزير خارجيتها بوريس جونسون، زيارته إلى موسكو.
هنا فقط نتساءل: إذا كانت واشنطن قد غيرت سياستها فعلا فلماذا، وخلافا لذلك، أكد وزير خارجيتها ريكس تيلرسون زيارته إلى موسكو؟ ولماذا أيضاً كانت ردة فعل الرئيس الصيني شي جينبنغ، الذي كان باستضافة نظيره الأميركي أثناء قصف قاعدة الشعيرات، رخوة، على الرغم من استخدام بلاده حق النقض ست مرات متتالية في مجلس الأمن، حماية لسورية؟
في خضم كل هذا الإجماع والخطابات، والتشوش الملحوظ، كان معاون مستشار الرئيس ترامب سيباستيان غوركا، يضاعف من بث رسائله في الاتجاه الآخر، ويؤكد أن البيت الأبيض ما زال يعتبر الرئيس الأسد رئيساً شرعياً، وأن العدو هم الجهاديون.
غوركا هو أحد الأصدقاء المقربين من مهندس مخطط ترامب لمكافحة الجهاديين الجنرال مايكل فلاين، عموما، وداعش على وجه الخصوص.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن