قضايا وآراء

العدوان.. وكذبة الكيميائي

| صياح عزام 

من المعروف أن المخطط التآمري على سورية تتواصل حلقاته بأشكال متعددة ومتنوعة، ويتم تنفيذه تحت ذرائع شتى، ووفق أجندة محددة من الغرب، بدعمٍ إقليمي واضح من تركيا والسعودية وقطر، بهدف تدمير البنى الحيوية للعقل السوري والعربي بشكل عام، واختراق هذا العقل والثقافة عبر الادعاء بأن ما يجري في سورية يهدف إلى تخليص السوريين من الظلم والديكتاتورية والفساد، وإقامة دولة مدنية تضمن تحقيق الديمقراطية والحريات والعدالة.
باسم هذه الشعارات يتم ارتكاب أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات وإراقة الدماء وتدمير البنية الأساسية للدولة السورية، بدءاً من تدمير مقومات قوتها وتماسكها، ووحدتها الوطنية، وذلك باستهداف جيشها وقدراتها العسكرية، مروراً بضرب بنيتها التحتية، وصولاً إلى تفسيخ وحدة نسيجها المجتمعي المتآلف، ونشر بذور الفتن الطائفية والمذهبية داخل المجتمع لتفكيكه، ما يسهل إسقاط الدولة وتقسيمها، وتكوين ميليشيات مسلحة تقوم بالوكالة بإنجاز هذه المهام مأجورة بالأوراق الخضراء أو موهومة بمناصب قيادية.
غير أن هذا المخطط التآمري المعمول عليه منذ أكثر من ست سنوات اصطدم بالجدار السوري المنيع، حيث لا تزال الدولة السورية متماسكة تحبط مخططات الفتن الطائفية والمذهبية ومحاولات شق الصفوف، وذلك بفضل وعي مكونات الشعب السوري لحقيقة ما يبيت لبلادهم وبفضل الصمود الأسطوري والتضحيات الكبيرة لجيشها الباسل.
لهذا لجأ المتآمرون إلى التفتيش عن وسائل قذرة لاستعمالها في مسلسل التدمير والتفتيت والإجرام، من خلال استخدام السلاح الكيميائي لتوظيفه في إحداث نقلة أكبر باتجاه التدمير، والإيغال في انتهاك السيادة السورية واستهداف بناها الأساسية وأبناء شعبها، ولتبرير الاستقواء بالأجنبي وطلب تدخله العسكري المباشر، في هذا السياق جاءت حادثة خان شيخون في إدلب وسيلة قذرة سبق أن استخدمت في غوطة دمشق الشرقية وخان العسل من المجموعات الإرهابية رداً على الانتصارات التي يحققها الجيش السوري على مختلف الجبهات، وخاصة انتصاراته الأخيرة على محور القابون جوبر، ثم في ريف حماة الشمالي وغيرها من الأماكن وتكبيده خسائر بشرية ومادية فادحة للإرهابيين.
من هنا، فإن الضربة الأميركية التي استهدفت مطار الشعيرات العسكري بصواريخ أطلقت من البحر، ليست للرد على مزاعم كاذبة باستخدام الجيش السوري السلاح الكيميائي في «خان شيخون» بإدلب، والادعاء بأنها جاءت في سياق الانتقام للضحايا المدنيين، بل هي في الحقيقة جاءت لتعطيل تقدّم الجيش السوري والنيل من انتصاراته الميدانية وإضعافه، وأكبر دليل على ذلك أن الضربة المذكورة حصلت قبل أن يجري أي تحقيق دولي موضوعي حول الحادثة من لجنة تقصي حقائق، والدليل الآخر، هو حالة الفرح والانتشاء التي عاشتها إسرائيل وتركيا والسعودية وقطر والأردن وغيرها من الدول العربية، لدرجة أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز هنأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذه الخطوة العدوانية طالباً منه المزيد! كذلك عاشت المجموعات الإرهابية فرحة مماثلة، وشنّت هجمات إرهابية على مواقع ونقاط الجيش السوري مباشرة بعد هذه الضربة.
من جهة أخرى، فإن الضربة الصاروخية الأميركية كانت متوقعة لعدة أسباب منها: إن ترامب يريد أن يظهر بمظهر «الرئيس الأقوى لأميركا الأعظم»، والدليل على ذلك الاتهامات التي وجهها، بعد الضربة، للرئيس السابق باراك أوباما بأنه كان ضعيفاً، والسبب الثاني أن ترامب أراد توجيه رسائل للأصدقاء والأعداء تُوحي بقوة أميركا، وبأنه لا يخضع لابتزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما اتهمه البعض في الداخل والخارج.
باختصار، إن أيادي أميركا وحلفائها في الغرب وعملائهم في تركيا والسعودية وقطر والأردن، ملوثة بسفك الدم السوري، وليس لدى هؤلاء أي حصانة أخلاقية أو قيمية تجعلهم يترفعون عن اقتراف أفعال سوداء وجرائم كبيرة مثلما حصل في خان شيخون منذ أيام، وفي الغوطة الشرقية لدمشق عام 2013، بمعنى أن لديهم سوابق في استخدام هذا السلاح وفي القتل والتهجير والتشريد، كذلك لديهم سوابق أكبر في الفبركة والتزوير والتدليس والكذب، وهم يفتقرون لأي وازع من ضمير أو أخلاق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن