شؤون محلية

المتاجرة بالآلام!

| محمد راكان مصطفى

هل تحولت مهنة الطب من مهنة إنسانية هدفها إنقاذ الأرواح إلى تجارة رأس مالها آلام المرضى لتدر الملايين على صاحبها؟
يبدو أن كثيراً من المشافي الخاصة تحولت إلى مشروعات ربحية حرم الفقراء من خدماتها، وبات همها الأول جني الأرباح غير آبهة بمهامها الإنسانية بالحفاظ على صحة المرضى وإنقاذهم وتخفيف آلامهم ومعاناتهم، متناسين قسَم الأطباء الذي يلزمهم بالحفاظ على أرواح مرضاهم ويمنع قبح المعاملة، وسوء الخدمات، والنظر إلى المرضى على أنهم مجرد سلعة يتم بذل الجهود لتحقيق أكبر ربح مادي ممكن عن طريق استغلال معاناتهم وآلامهم، حتى باتت إقامة المريض في هذه المشافي تضاهي بتكلفتها الإقامة في أفخم الفنادق السياحية!
من خلال استعراض الأحداث في المشافي الخاصة التي زاد الإقبال عليها خلال الأزمة بسبب خروج العديد من مشافي القطاع العام عن الخدمة نتيجة التخريب الإرهابي الذي طالها والازدحام الكبير على ما بقي منها، في ظل غياب أي رقابة فعلية من الجهات المعنية، يتبين مدى الاستغلال المادي الممارس بحق المرضى وسوء جودة الخدمة الطبية المقدمة، وعدم الالتزام بتسعيرة الوحدات الطبية المقررة من وزارة الصحة تحت ذريعة ارتفاع المستلزمات والتجهيزات الطبية، إضافة إلى الأخطاء الطبية التي تسببت بوفاة العديد من الحالات.
إن هذا يضعنا أمام ضرورة إعادة التأهيل الإنساني للبعض من الكادر الطبي الذي تخلى عن مبادئ المهنة ليعود إلى إنسانيته والعمل على إنعاش ضميره، حتى يضع أولوية إنقاذ المرضى قبل الربح المادي، إلى جانب ضرورة قيام الجهات الرقابية المختصة وعلى رأسها وزارة الصحة بمهامها في ضبط أداء المشافي لجهة التقيد بالأسعار والتقيد بالإجراءات والخدمات الطبية وفق المقاييس المعتمدة، وفرض أقصى العقوبة والحرمان من الممارسة بحق كل مدنس لأكثر المهن إنسانية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن