أسرار تُكشف
| تيري ميسان
أثار دحض وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، في 17 كانون ثاني لتصريحات القائد العام للقيادة المركزية «سنت كوم» الجنرال جوزيف فوتيل، ونفيه أيضاً لتصريح الكولونيل توماس فيل، الناطق الرسمي باسم التحالف الدولي لمكافحة داعش في 23 كانون الأول من السنة الماضية، الكثير من الارتباك والغموض، ولم يرض تركيا التي لم تتردد في تحذير القائم بالأعمال الأميركي فيليب كوسنيت في 10 كانون الثاني، وإجراء استعداداتها لعملية عسكرية بعد ثلاثة أيام في عفرين ومنبج، لكنها أرجأتها حتى 20 كانون الثاني الجاري.
وخلافاً لتصريحات كلا الطرفين، لم يدع قرار الولايات المتحدة إلى إنشاء دولة مستقلة وذات سيادة في شمال سورية، فهذا مشروع فرنسي، بل إلى دولة غير معترف بها، على غرار كيان بونتلاند الصومالي، أو كردستان العراق.
غير أن الهيكلية الأخيرة مستقلة تماما، لها سفاراتها الخاصة بها في الخارج، ولا تستجيب عملياً لأوامر الدولة العراقية، على الرغم من امتثالها نظريا للدستور العراقي، الذي هي من حيث المبدأ طرف فيه.
يفترض بقوات أمن الحدود السورية أن تتألف رسمياً من 30 ألف رجل، نصفهم من مقاتلين سابقين في «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، وأن يتم إخضاعهم لدورة تدريبية لمدة ثلاثة أسابيع على تقنيات الاستجواب والمسح البيومتري، وقد اجتاز زهاء 230 متدربا بالفعل هذه الدورة.
أما النصف الآخر فينبغي من الناحية العملية أن يتألف من خمسة عشر ألفا من جهاديي داعش الذين يعاد تدويرهم بالخفاء.
في الواقع، كان الممثل الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب في الائتلاف، الحقوقي بريت ماكغورك، الذي شارك، جنبا إلى جنب مع جون نيغروبونتي والكولونيل جيمس ستيل، في إنشاء الإمارة الإسلامية في العراق عام 2006، كما تكفل مع الكولونيل جيمس كوفمان بإبلاغ الرئيس جورج بوش بتفاصيل تلك العملية السرية في ذلك الحين، التي تقوم على تفتيت المقاومة العراقية للمحتل الأميركي من خلال تقسيمها إلى سنّة وشيعة، وخلق حرب أهلية مفتعلة.
وبعد فترة قصيرة له في جامعة هارفارد، أعيد بريت ماكغورك إلى وزارة الخارجية ليكون قريبا من جون كيري، فشارك في عملية تحويل الإمارة الإسلامية في العراق إلى تنظيم داعش، كما شارك أيضاً في تنظيم الاجتماع التحضيري للغزو الجهادي للعراق في 27 أيار 2014 في عمان، وأعاد تنظيم العراق، واختتم مساعيه بتشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش.
وكأي تلميذ نجيب، وافق ماكغورك على وضع نفسه في خدمة الرئيس ترامب للقضاء على المنظمة الجهادية التي كان قد أنشأها بنفسه، والتي يحاول الآن إعادة تدوير بعض المقاتلين فيها.
يشي مشروع «قوة أمن الحدود» بالكثير عن إخلاص أعضاء «وحدات حماية الشعب» للمحتل الأميركي عبر ممارسة الفوضى اللطيفة لموراي بوشكين، واستعدادهم في الوقت نفسه لتشكيل وحدة قتالية مع مجرمي داعش، تحت قيادة الولايات المتحدة.
وخلافا لكل ما هو ظاهر، فقد حظي الهجوم التركي على عفرين، وربما على منبج في القريب العاجل، بموافقة هيئة الأركان الروسية إبان الزيارة الخاصة التي قام بها حقان فيدان رئيس المخابرات التركية لموسكو يومي 18-19 كانون الثاني الجاري، والتي تكللت بالانسحاب الفوري للقوات الروسية من منطقة الاشتباك.
سورية، التي لا تضع حاليا في أولياتها التصدي عسكريا للولايات المتحدة لتعطيل آلية إعادة تدوير الجهاديين فوق أراضيها، تصرفت بذكاء حين تركت تركيا، العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، تتولى تلك المهمة.