يد تركيا الخفية
| سامر علي ضاحي
حفلت الفترة السابقة بتطورات مهمة في ملفات الأزمة السورية ميدانياً وسياسياً لعل من أهم نتائجها أن موسكو بدأت تحصد ثمار انخراطها السياسي والعسكري فيها فلجأت استثماراً لهذه النجاحات إلى سحب معظم قواتها العاملة على الأراضي السورية لتحبط الفريق الذي قال مع بداية دخولها العسكري إلى سورية في أيلول عام 2015 إنها دخلت مستنقعاً لن يكون بمقدورها الخروج منه.
ومع الانتصارات العسكرية وعجز العواصم الغربية عن فرض هيمنتها على قرار دمشق المدعومة بتحالف قوي مع مركز قوة عالمي هو موسكو وآخر إقليمي هو طهران، يضاف إلى ذلك نجاح العاصمتين الداعمتين بجذب أنقرة إلى رعاية منصة الحوار السوري في أستانا ومن بعدها سوتشي، مع تطورات الملف الكردي، كل ذلك مهد لاحقاً إلى تقارب مصالح بين دمشق وأنقرة، رغم كل ما يعتري علاقة العاصمتين من قطيعة وخصومة لا بل رغم العدوان التركي الحالي على منطقة عفرين في شمالي سورية.
اللافت أن ثمة تصاعداً مطرداً لعلاقة أنقرة مع موسكو منذ حل أزمة السوخوي بين العاصمتين العام الماضي، رافقها تناسب عكسي في تطور التوتر بين أنقرة وواشنطن بسبب عدة ملفات إقليمية كان أبرزها الملف السوري، وباتت أنقرة اليوم تهدد صراحة باستهداف العسكريين الأميركيين في منطقة منبج إذ لم تسحبهم بلادهم.
ومع اتفاق إدلب لتخفيف التصعيد ودخول الجيش التركي لتثبيت نقاط مراقبة وفق هذا الاتفاق بحسب مزاعم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باتت أنقرة تتحكم بكل ما يدخل أو يخرج إلى المحافظة الخاضعة لجبهة النصرة الإرهابية، كما أن أردوغان حرص على معاقبة الفصائل التي هربت في أوقات سابقة أسلحة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، ومن هذا المنطلق يمكن التعريج على قضية إسقاط الطائرة الروسية في إدلب.
فإن اعتمدنا الفرضية الروسية القائمة على وقوف الولايات المتحدة الأميركية خلف الحادثة لاسيما إن الموقف الروسي مبني على تحليلات استخباراتية بالتأكيد، فإن ثمة يداً لأردوغان في العملية لسببين، يكمن أحدهما بتحمل أردوغان المسؤولية القانونية لهذا الفعل على اعتبار أن حكومته هي التي تتولى دعم «النصرة» وحلفائها من الميليشيات بالأسلحة، وكانت وما زالت ممراً لوصول الأسلحة إلى «النصرة» من جهة، ومن جهة أخرى من المستبعد أن تمر صواريخ مضادات جوية إلى إدلب دون علمها حتى لو كانت من طرازات قديمة.
السبب الآخر يتناقض مع الرواية الروسية، ويكمن في وقوف أردوغان بنفسه خلف العملية بهدف جذب الروس أكثر إليه في مواجهة التحفظ الأميركي على الأكراد الذين يستهدفهم في عدوانه «غصن الزيتون» بحيث تساهم عمليته بحصوله على ضوء أخضر بصلاحيات كاملة في المناطق الكردية وتغاضي الروس أو حتى جذب دعمهم ضد «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وهو ما قد يمهد لحرب دولية بالوكالة في الشمال.