أعمال البيئة الشامية تراجعت ولكن! … رغم نجاحها.. يعتبرها البعض تشويهاً لتاريخ دمشق وصورة المرأة
| وائل العدس
رغم كل الأحاديث عن تراجع المستويين الفني والفكري لأعمال البيئة الشامية، إلا أنها كما كل عام حافظت على مركز الصدارة من حيث عدد القنوات العارضة، وعدد المشاهدات عبر موقع «يوتيوب».
ورغم غياب «باب الحارة» الذي يعتبر الدجاجة التي تبيض ذهباً لجماهيرته الواسعة، فإن ثلاثة أعمال أخرى كانت كافية لحفظ ماء الوجه على المستوى الشعبي ولكن بنسب متفاوتة.
إذاً، تتبوأ أعمال البيئة الشامية في كل موسم درامي مركز الصدارة وتحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة لتدر على المنتجين أموالاً طائلة باعتبارها تجارة رابحة ومضمونة.
ورغم نجاحها إلا أن تبقى مثار جدل حول محتواها وقصصها التي تسرد وتتناول أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
البعض اعتبر أن هذه الأعمال تشوه تاريخ دمشق الحقيقي والغني فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً في حين كان الصراع الأبرز على دور المرأة وكيفية تصويرها وتوجيه أصابع الاتهام إلى أن هذه الأعمال شوهت صورة المرأة الدمشقية وأظهرتها بأنها مجرد امرأة «ثرثارة» وحياتها مُكرّسة للأحاديث الفارغة، إضافة إلى خدمة زوجها.. في حين أظهرها التاريخ بأنها عنصر فاعل في المجتمع بعد أن كانت ناشطة سياسياً وفكرياً واجتماعياً.
وردة شامية
مسلسل «وردة شامية» ما يزال يحقق الأرقام القياسية للمشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو من تأليف مروان قاووق وإخراج تامر إسحق.
ودارت أحداثه في إطار «فانتازيا شامية» بعيدة من النمطية التي سادت صورة الحارة، حول قصة أختين تتجهان إلى ارتكاب الجرائم وتنفيذ المؤامرات ضد كل من حولهما، بعد مرورهما في تجارب قاسية وضعتهما في قالب نفسي خاص.
وتمحورت التفاصيل حول سلسلة من الجرائم تهز الحارات الدمشقية على يد الأختين (وردة وشامية)، ضمن بيئة الضحايا والقتلة، بدوافع تحركها الخلفيات الخاصة للشخصيات بعيداً من الأسباب العامة.
المسلسل مقتبس عن القصة المصرية «ريا وسكينة» وهي الملحمة الشعبية المأخوذة عن قصة حقيقية صارت فيلماً عام 1954، ومسرحية عام 1980 من بطولة شادية وسهير البابلي، وكتاباً لصلاح عيسى «رجال ريا وسكينة» ومنه تحول إلى مسلسل عام 2005، وحمل العمل السوري روح هذه الحكاية ببنيتها الأساسية ولكن بطابع البيئة الشامية وبشكل أقرب إلى الفانتازيا من الواقع، وبخطوط درامية وحبكة ابتعدت باكراً عن العمل المصري.
ولم يسوق العمل أو يصور أعمال قتل أو إجرام كما انطبع في أذهان البعض، وإنما عرض قصة درامية بسيطة تدور أحداثها عن شخصيتين تقتلان وتسرقان الذهب وعلاقتهما مع نساء الحارة في فترة الاحتلال العثماني.
وركز العمل على شخصيتين نسائيتين خلافاً لما هو مألوف في أعمال البيئة الشامية في السنوات السابقة، حيث تُسند أدوار البطولة في الأعمال لشخصيات ذكورية؛ كما أن الحارة لا تحوي «مضافات أو ساحة أو زعيماً» إنما سوق قماش وذهب وهي الأماكن التي تدور فيها الأحداث.
تقوم سلافة معمار وشكران مرتجى بأداء متقن من خلال تجسيد شخصيتي الأختين «وردة» و«شامية»، وبسبب حادث تتعرض له الأخيرة تتغير حياتهما وتتجهان للإجرام، وتعيشان بأحداث مشوقة وقصص مختلفة وجديدة، تعطي للعمل طابعاً من التشويق.
وشارك في بطولة أيضاً سلوم حداد ونادين خوري ونادين تحسين بيك وسعد مينه وعلاء قاسم وضحى الدبس وسحر فوزي وروعة ياسين ومحمد خير الجراح وعبير شمس الدين ومحمد قنوع وجيانا عنيد وجلال شموط ومعتصم النهار وطلال مارديني ولينا حوارنة وعلي كريم وفاديا خطاب.
عطر الشام
استمر مسلسل «عطر الشام» بجزء ثالث من تأليف مروان قاووق وإخراج محمد زهير رجب، وقد جسد فترة العشرينيات في دمشق، حيث يتناول الحياة الاجتماعية في تلك المرحلة، وما حدث أثناء فترة الاحتلال الفرنسي من خلال قصص وحكايات جمعت بين الخيانة والشهامة والحب والصراع والخير والشر.
وأدى بطولة العمل سلمى المصري ونادين خوري ووفاء موصلي وعلاء قاسم ووائل رمضان وفاديا خطاب ورنا الأبيض وريم عبد العزيز وسوسن ميخائيل وقاسم ملحو، ورغم انسحابهم من الجزء الثالث إلا أن عديد الممثلين ظهروا فيه مثل رشيد عساف وصباح الجزائري وليليا الأطرش وحسام تحسين بيك وإمارات رزق من دون أن يعملوا.
ويعود السبب إلى أن المخرج صور أحداث الجزء الثاني على أنه مؤلف من 39 حلقة، لكن الشركة لم تعرض سوى ثلاثين حلقة خلال رمضان الماضي، وتم اقتطاع تسع حلقات من الجزء الثاني وتمت إضافتهم إلى الجزء الثالث، ليكون المخرج مطالباً بـ21 حلقة فقط.
حريم الشاويش
يندرج مسلسل «حريم الشاويش» تصنيفاً في مجال البيئة الشامية، لكنه يحتوي على العديد من التجديدات، بعيداً عن العنتريات والنساء المهمشات والصياح والصوت العالي، كما اعتادت أعمال البيئة الشامية تقديمه عبر سنوات.
ويؤدي أدوار البطولة زهير رمضان وعبد الفتاح المزين وسعد مينه وعبير شمس الدين وتولاي هارون وفاتن شاهين وغادة بشور ومحمد خير الجراح وريم عبد العزيز وجيني إسبر وأماني الحكيم وجيانا عيد وعهد ديب وحسام عيد ورياض نحاس وبسام لطفي وآندريه سكاف ونزار أبو حجر ورضوان عقيلي وعلي كريم ودانا جبر وميريانا المعلولي وخلود عيسى وعاصم حواط ورشا إبراهيم ولميس عفيفي وإيمان عبد العزيز.
يقدم العمل الذي كتبه هاني زينب في أول نص له في مجال الدراما وأخرجه أسعد عيد، قصة بسيطة عن شخص يحب أن يعمل في سلك الشرطة، لكن والده ميسور الحال يفضل لابنه مهنة أخرى، إلا أن الشاب المندفع تجاه ما يحب يصبح عرضة لغضب والده الذي يحرمه من ميراثه إن لم يحقق شرطاً، وهو أن ينجب ولداً ذكراً يرث ماله، ويعطي مهلة لتحقيق ذلك مدتها عشر سنوات، لتبدأ خطوط العمل بالصراع بينها لتحقيق شبكة معقدة من التشويق والكوميديا المعتمدة على الموقف وليس التهريج، كما يقدم المسلسل خطاً عاطفياً رومانسياً من خلال العديد من قصص الحب المتداخلة.
ويحمل العمل رسالة إلى الجمهور العربي عموماً يوضح فيها مكانة المرأة السورية الحقيقية، كما يتضمن رسالة ثانية تتجلى في الموسيقا التي أعدها الموسيقي السوري الراحل سعدو الذيب، والتي يجمع فيها أغاني البيئة الشامية منذ ما يقارب المئة عام لتقدمها خلال حلقات المسلسل الثلاثين.
أما الرسالة الثالثة فهي مسألة البيئة، المكان والزمان بكل تفاصيلهما، وما خلفه لنا أجدادنا وسوف نتركه لأولادنا، المكان هو الوطن الذي يجب أن نعمل جميعاً على تحقيق نموه وعلوه بكل ما أوتينا من قوة، لا أن نشوه الحقائق فيه ونبتعد به عن جادة الحقيقة، نحو تحقيق أهداف مصلحية آنية، قد تنفعنا شخصياً، لكنها بالمحصلة النهائية تضر بالوطن وتشوه صورته الحقيقية أمام الناس في العالم كله.
حتى 2022
رغم البدء بتصويره، إلا أن الشركة المنتجة لمسلسل «طوق البنات» أجلت استكمال تصوير الجزء الخامس إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، لكن القائمين على العمل لن يكتفوا بهذا الجزء وحسب، بل يتم التحضير للوصول إلى الجزء الثامن، أي إن هذا العمل مستمر حتى عام 2022 على أقل تقدير، علماً أن بطله رشيد عساف انسحب منه إلى غير رجعة.
رمضان المقبل
على أقل تقدير، ينتظرنا خلال رمضان المقبل خمسة أعمال شامية أولها الجزء العاشر من «باب الحارة» من دون معروفة هوية الكاتب والمخرج، وثانيها الجزء الرابع من «عطر الشام» وثالثها الجزء الخامس من «طوق البنات»، ورابعها مسلسل «الكندوش» من تأليف حسام تحسين بيك، وخامسها مسلسل «الأغوات» من تأليف طلال مارديني وإخراج تامر إسحق.