المصالحات.. تكتسح محاور درعا
| ميسون يوسف
منذ اليوم الأول للعدوان على سورية في تلك الحرب الكونية التي شنت عليها من أجل إسقاطها وشرذمتها، كان الرهان على الشعب السوري أساسياً في وضع أي خطة دفاع أولا ثم خطة تحرير ثانيا، فسورية تثق بشعبها لأنها تعرف مدى الوطنية المختزنة في صدور أبنائه، ولم تفقد سورية هذه الثقة رغم أن فئات وشرائح ليست بالقدر القليل وقعت ضحية التضليل فانحرفت عن الجادة وفئات أخرى أكرهت فأحجمت عن نصرة الوطن، لكن الشعور الوطني الصحيح ظل قائماً في النفوس وإن خفت أو خبا تحت وطأة التضليل أو الإكراه.
نقول هذا ونحن نراقب ما يجري في الجنوب السوري اليوم وقبله في الغوطة الشرقية والقلمون وغيرها من الساحات التي ما إن أحس الشعب بالجيش العربي السوري آت لتحريره من الإرهابيين والمسلحين الذين اعتدوا على الدولة وأفسدوا أمنها وأرهقوا المواطن بسوء أفعالهم، ما إن أحس الشعب بذلك ونظر إلى اليد التي تمدها له دولته تحت عنوان المصالحة والتسوية والعفو حتى «انفجر» في وجه هؤلاء وخرج إلى الشوارع في تظاهرات عفوية تعبر عن وطنية هذا الشعب وتعلقه بدولته وبرئيسها.
لقد كان لانقلاب الشعب على المسلحين وتحوله عمن كانوا يظنون أنه لهم بيئة حاضنة إلى بيئة ترفضهم وتلعنهم وتدين أفعالهم الإجرامية وتتنصل من كل ما قاموا به ضد دولتهم، الأثر الفاعل في دفع المسلحين نحو الانهيار المعنوي الذي تسبب هو أيضاً بالحد من قدراتهم القتالية وجعل البعض منهم يستسلمون للجيش ويرتضون ما تقرره الدولة، وجعل البعض الآخر يقاتل من غير أمل بالنجاة، وفئة أخيرة منهم تركت الميدان فرارا.
لقد شكلت اليقظة الشعبية والانخراط في المصالحات وولوج باب التسويات والعفو الذي فتحته الدولة عاملا رئيسيا في تسريع التحرير في الجنوب كما كان له تأثير آخر، حيث وجه رسالة قوية للخارج مفادها أن الشعب متمسك بوطنه وبدولته وبجيشه وبرئيسه وأن الخدع والأضاليل انكشفت وبطلت مفاعيلها، وبهذا تكون المصالحات قد تكاملت مع العمل العسكري المتقن الذي عالج به الجيش كل من أصر على غيه وضلاله، ومن ثم وضع الجميع بين خيارين إما المصالحة وإما القتال لأن التحرير واستعادة الجنوب قرار نهائي لا رجعة عنه وينفذ بأي وسيلة.