هموم المستثمرين على الخط الساخن مع الحكومة في أول «أربعاء استثماري» … خميس: السقف مفتوح أمام أي مستثمر وسنضع حداً لكل ما يسيء للمستثمر الجاد ولا مجال للمجاملة!
| هناء غانم
يبدو أن الحكومة عازمة وبشكل جدي على التعاطي مع ملف الاستثمار بطريقة مختلفة، والخطو خطوات حثيثة تسابق الزمن لجهة الإجراءات والقرارات والتسهيلات، التي حاول رئيس مجلس الوزراء عماد خميس وضعها أمام المستثمرين خلال الاجتماع الذي عقد بالأمس في هيئة الاستثمار تمهيداً لمرحلة جديدة، تهدف إلى وضع الاستثمار على السكة الصحيحة، ومعالجة الصعوبات والتحديات التي تواجهه من منظومة الأطر والتشريعات إلى الروتين، وغيرها العديد من القضايا التي تعتبر حجر عثرة أمام المستثمر.
وبحسب بيان صحفي للمجلس (تلقت «الوطن» نسخة منه) أدار رئيس الحكومة ما يشبه غرفة عمليات استثمارية حقيقية، عبر إطلاق أول جلسة من جلسات الأربعاء الاستثماري، لحل ما يعترض مسيرة هذا الملف المتعثر وبالسرعة القصوى لكل حالة على حدة، لكن مع التركيز على عبارة «المستثمرين الجادين والجادين فقط».
قد تكون الحلول مباشرة وسريعة قياسياً عبر الاجتماعات الدورية لكن ذلك ليس تجاوزاً للعمل المؤسساتي وفق رئيس الحكومة، وسيكون المعنيون بهذا الملف من الصف الأول على اطلاع كامل بمجرياته، وخاصة لجهة التواصل بين المستثمر والجهات الحكومية، وإيماناً بأن القطاع الخاص أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني والشريك الأكبر في الاستثمار، ولا بد من الشراكة في العمل لوضع الاستثمار على الطريق الصحيح علماً أن الحكومة ليست هي المسؤول الوحيد عن ذلك، إنما هناك مفاصل كثيرة أهمها أن هناك مستثمرين جادين وآخرين عكس ذلك، كما أن هناك ثغرات في بعض المؤسسات الحكومية تعرقل سير العملية الاستثمارية.
وفي رسالة لطمأنة المستثمرين حول أهم العوامل المشجعة للاستثمار وهي الأمن والقضاء والإجراءات، أكّد رئيس المجلس أن هناك أمراً مرتبطاً بمكافحة الإرهاب ببعض المناطق والحرب على بلدنا في طريقها للزوال، ونحن في مرحلة التعافي الآن، أيضاً هناك أمور تطول البيئة الاستثمارية لكنها مرتبطة بمفرزات الحرب منها التجاوزات والعبث بالإجراءات وغيرها، أما لجهة التشريعات الناظمة للاستثمار جميعها قيد التعديل وقانون الاستثمار أول قانون يتم تعديله ضمن قائمة محددة، وموضوع الفساد تتم معالجته واستبعاد أي موظف معني بأمور الاستثمار يستغل صفته لتحقيق مكاسب شخصية.
وأضاف: هناك تسهيلات كثيرة للمستثمرين، حيث تم تخصيص 40 مليار ليرة سورية منها 20 ملياراً للدعم المباشر و20 ملياراً لدعم الفوائد المترتبة على المقترضين، وهناك 40 مادة يمكن تصنيعها محلياً ضمن برنامج إحلال المستوردات، لكن القروض لن تمنح ويتم دعمها إلا للمستثمر المساهم بالبناء الذي يعمل على أرض الواقع، وبالنسبة للمشتقات النفطية سيتم توفيرها بشكل كامل، وهذا الملف في تقدم وهو هاجس الحكومة اليومي.
وتعهد رئيس الحكومة بحل كل الإشكاليات بشكل فوري، مؤكداً أن الحكومة سوف تستمر في توظيف كل الإمكانيات أمام المستثمر الوطني، معتبراً ذلك أفضل طريقة للترويج للاستثمار وخلق مناخ استثماري قوي للمستثمر الوطني، لضخ استثمارات جديدة، وتشجيع المستثمرين على توطين استثماراتهم في البلد، مؤكداً أن السقف مفتوح أمام أي مستثمر، وعلينا كحكومة أن نضع حداً لكل ما يسيء للمستثمر الجاد، من دون أن يخفي وجود ثغرات بأداء بعض المؤسسات الحكومية فيما يتعلق بتشجيع الاستثمار، مؤكداً أن الأزمة كانت أرضاً خصبة لتعثر الاستثمارات، إضافة إلى ظرف الحرب وهذا شيء طبيعي لأن الأمان هو العامل الأهم للمستثمر.
وشدد خميس في الاجتماع الذي حضرته «الوطن» على أن الحكومة لن تقبل أن يكون هناك فاسد واحد من موظف صغير أو من مدير أو من أعلى من ذلك، «لأننا في مرحلة الانتقال إلى مرحلة أفضل، وهي لا شك مرحلة صعبة، لذلك علينا معرفة الثغرات الواجب الوقوف عندها لتذليلها وتقديم التسهيلات والإعفاءات».
أخطاء جمركية
طرح عدد من المستثمرين مشكلاتهم، وعرضوا للإجراءات التي تعثرت استثماراتهم بسببها، منها ما تم حله مباشرة من الوزراء المختصين وفق الإجراءات المرعية، وباتصال وتوجيه مباشر من الوزير المختص مع المفاصل المعنيّة بالحل، هذا إلى جانب مشكلات أخرى أحيلت على الوزارات المعنية بالحل مع طلب المتابعة من موظفي مديرية المتابعة في مجلس الوزراء، وبلورة الحلول خلال أسبوع، ومنها ما تم تكليف الجهة المعنية متابعة أمور المستثمر لتيسير أموره، أيضاً تم طرح مشكلات تخالف القوانين والأنظمة ومنها إقامة استثمارات في أماكن مخصصة للسكن أعطي بديلاً منها في أماكن مخصصة لإقامة الاستثمارات.
ومن ملاحظات المستثمرين، اعترض صاحب مشروع لصناعة الزيوت النباتية إبراهيم كردي على مخالفة جمركية لاستيراد مواد أولية خاصة بمشروع صناعة الزيوت النباتية في حماة، موضحاً أن المشروع نظامي ومشمول بأحكام قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 بتكلفة تقديرية 150 مليون ل. س ويؤمن نحو 78 فرصة عمل، والمشكلة أنه حصل المستثمر على إجازة استيراد نظامية لاستيراد مادة أولية تسمي زيت نوى النخيل والتي يصنع منها أنواع الزبدة النباتية كافة مثل زبدة الشوكولا وزبدة الآيس كريم، ويحتاج إلى تشغيل أربعة معامل موجودة لديه لإنتاج المنتجات المذكورة، وعند تقديم البيانين الجمركيين تعذر تنفيذهما بسبب خطأ في البند الجمركي ارتكبه المخلص الجمركي، حيث أخطر المســتثمر في مديريــة الجمــارك العامة بأن البضاعة يجب تخليصها برسم جمركي (10 بالمئة) ويجب تعديل الإجازة المذكورة بسبب تغير البند الجمركي أو إصدار إجازة جديدة وبالفعل حصل المستثمر على إجازة اســتيراد جديـــدة بعد إضافة البند الجمركي الأخير إلى الدليل التطبيقي.
ودرست مديرية جمارك اللاذقية البيان الجمركي المقدم من المستثمر وتخليصه على البند الجديد، واتخذت قراراً بالمخالفة على البند رقم 1 من دليل التسويات الجمركية وأحيلت الدراسة على مديرية الجمارك العامة في دمشق بتاريخ 17/12/2018.
وبناء عليه قرر معاون مدير عام الجمارك العامة قمع المخالفة وفق البند 2 وليس 1 من الدليل بغرامة 50 بالمئة من القيمة مضافاً إليها 50 بالمئة من الرسم، وبتوصيف الحالة من المستثمر تبين أن بضاعته في ميناء اللاذقية منذ أكثر من أربعة أشهر ويتكبد خسائر كبيرة يومياً (غرامة حاويات، غرامة أرضيات مرفأ، توقف المعمل عن العمل، تعطيل رأسمال الشحنة) بسبب عدم تنفيذ البيانين الجمركيين على البند 1 من دليل التسوية نتيجة ادعاء معاون مدير الجمارك العامة في دمشق بوجود مخالفة جديدة تتعلق بكون البضاعة كانت ممنوعة بتاريخ البيان الجمركي، وضرورة التسوية وفق البند رقم 2 من دليل التسوية، وهذا أمر مخالف للقانون لأنه يحق للمشروعات المرخص بإقامتها وفق أحكام هذا القانون أن تستورد جميع احتياجاتها من دون التقيد بأحكام وقف ومنع وحصر الاستيراد ونظام الاستيراد المباشر من بلد المنشأ وأحكام نظام القطع، وقد نصت المادة التاسعة عشرة من التعليمات التنفيذية للقانون أنه يحق للمشروعات أن تستورد من دون التقيد بأحكام منع وتقييد وحصر الاستيراد المباشر وأحكام أنظمة القطع جميع المواد والمستلزمات اللازمة لتشغيل المشروع، المواد الأولية والنصف مصنعة والمصنعة والمواد اللازمة كافة للإنتاج التي تعتبر جزءاً من أجزاء المنتج وعنصراً من عناصر تكوينه.
وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أكدت أن تحديد مادة زيت نوى النخيل كمادة أولية حسب كتاب مخصصات مديرية الصناعة في حماة، وأن هذه المادة مسموح باستيرادها بتاريخ 13/9/2018 ، وبعد الاطلاع على مجريات الأحداث تبين أن المشكلة جاءت نتيجة خطأ مادي ارتكبه المخلص الجمركي في مديرية الجمارك العامة في اللاذقية وبناء عليه تم الإيعاز فوراً لتخليص بضاعة المستثمر دون أي غرامات لتخفيف الأعباء ودعم مشروعه لكونه من المشروعات الملحة للمستوردات، ولكون مسؤولية الخطأ لا تقع عليه، بحيث يتم تخليص البضاعة وتسوية المخالفة على البند رقم 1 من دليل التسويات والرسم 10 بالمئة لأن البضاعة كان ممسوحة بتاريخ البيان.
أثر ضريبي رجعي
أخذت مشكلة أثر ضريبي رجعي على مشروعات نقل في حلب حيزاً كبيراً من النقاش، عرضها أكثر من مستثمر، إذ تقدم مستثمرون إلى هيئة الاستثمار السورية بطلب جماعي بخصوص قرار وزارة المالية بالعودة على الشركات بفارق الضريبة بشكل رجعي من عام 2013 وحتى تاريخه، بعد صدور تعليمات من الهيئة العامة للضرائب والرسوم رقم 2102 ت. ع لعام 2017 معدلة لتعليمات وزارة المالية رقم 3660 لعام 2000، بهدف توحيد الأسس والضوابط التي تعتمد في حال التكليف المباشر لمشروعات النقل، التي انتهت فترة إعفائها من جميع الدوائر المالية، بقيام مديريات المالية بتقدير الأرباح السنوية الصافية لكل سيارة والأعباء والنفقات والاعتبارات الأخرى كافة.
ظهرت فروقات ضريبية نتيجة لتطبيق التعليمات الجديدة للهيئة العامة للضرائب والرسوم بالمقارنة مع التعليمات الصادرة عن وزارة المالية، بدورها وجهت وزارة النقل كتاباً إلى وزارة المالية تضمن طلب إعادة النظر بالرسوم التي فرضت على مشروعات النقل عطفاً على توصية لجنة الخدمات والبنى التحتية.
وتقدم أصحاب شركات النقل المشملة بأحكام قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 بمذكرة إلى وزير المالية يشرحون فيها رجوع مديريات المالية في جميع المحافظات عليهم بتكاليف 2012 وما بعد وفق القرار 2102 لعام 2017، مع العلم أنه تم تكليفهم عن أعوام 2012 وما بعد وفق التعليمات 3660 لعام 2000، علماً أن أغلب الطرقات كانت في أعوام 2014- 2013- 2012 مغلقة بسبب سيطرة المجموعات الإرهابية عليها، وأغلب الشركات نظمت ضبط سرقة واحتراق آليات، وقامت مديريات المالية عن طريق لجان خبرة مختصة بتنظيم تقارير خسائر لهذه البولمانات ولم يتم الأخذ بها، مؤكدين توقف معظم الآليات في المحافظة عن العمل خلال الأعوام 2013- 2012- 2014 بسبب عدم تزويد المستثمرين بالوقود وسرقة جزء كبير منها، وأنه لا يجوز لمديريات المالية المطالبة بتكليف هذه الآليات وهي متوقفة أو متضررة، وهنا تعهدت الحكومة بحل المشكلة وإعادة النظر بالموضوع.
بوصلة الاستثمار
بدوره أكد مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب أن الحكومة تولي الكثير من الدعم الكامل واللا محدود لقطاع الاستثمار وقد تجلى ذلك بالمساعدة والمساندة للهيئة، من خلال اتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات الحكومية التي توجه بوصلة الاستثمار بالشكل الصحيح لكي يعوض الاقتصاد السوري ما خسره من جراء الحرب الهمجية من تدمير ونهب ممنهج للمعامل والمنشآت، ويؤسس لمرحلة جديدة وأقوى وأرسخ وأهم تلك الإجراءات توجيه الوزارات والجهات العامة تفويض ممثليها ومنحهم الصلاحيات والإسراع في إنجاز الأدلة الإجرائية التي تختصر الزمن والجهد والتكلفة للإخوة المستثمرين.
ومن المشروعات التي أُثيرت خلال الجلسة مشروع لتصنيع أسطوانات الغاز التي طالب صاحبها بالتعاون مع الحكومة لجهة تأمين السلع، حيث أكد خميس بهذا الخصوص استعداد الحكومة لتقديم سبل الدعم كافة سواء للتعاقد إذا اقتضت الحاجة أو دعم التصدير، إضافة إلى غيرها من مشروعات المتعلقة بتربية الأبقار والعجول وبعضها الآخر المتعلق بالزراعة والثروة السمكية.
وخلص خميس إلى أن هناك مشروعات متعطلة منذ سنوات، لذلك لم يعد هناك مجال للمجاملة، موضحاً أن الحكومة تتعهد بإعطاء أرض في المناطق الصناعية وتقديم الدعم الكامل لإقامة المشروعات الاستثمارية.