علاقة المثقف مع السلطة فيها تمازج بين الفكري والنفعي، ولهذا بقيت هذه العلاقة واضحة المعالم.. إما أن يكون المثقف جزءاً من مشروع السلطة أياً كان هذا المشروع، أو يكون في الشق الآخر مع ثمن ذلك، وفي كل حال فإن الرابط بينهما الأفكار أو المنافع وليس الأفكار والمنافع.
لكن مع الناس المسألة مختلفة.
ثمة ما يشبه القناعة أن الناس لا يحبون المسؤولين.
أول سؤال في هذا الشأن..
هل نحن فقط من لا يحب المسؤولين؟ أو أننا نتحدث فقط عن مسؤولي المرحلة الحالية؟
الجواب هنا ينطلق أن العلاقة بين المسؤول والمواطن تكاد تشبه بعضها عند كل الشعوب، ولسنا حالة خاصة في ذلك.
ثم إن هذه العلاقة لا تخص هذه المرحلة الحالية فقط، بل أيضاً تذهب بعيداً في التاريخ.
علاقة المسؤول مع المواطن دوماً علاقة «متوترة» وفيها شيء من عدم الارتياح!
الصورة النمطية أن هذه العلاقة هي متوترة من جانب المواطن تجاه المسؤول.
لكن لو حاولنا أن نقرأ الصورة من الجانب الآخر، فهل يحب المسؤولون مواطنيهم؟!
افترض لو أن لديك القدرة على قراءة أفكار وزير ما ونظرته إلى المواطنين، ورد فعله تجاه مطالبهم أو انتقاداتهم.
الصورة الأولى حول نظرة المواطن للوزير تتعلق بالصورة النمطية المتعارف عليها بأنه متعال عن الناس، ثم إنه فاسد على الأرجح.
تشكلت هذه الصورة النمطية على مدار سنوات كثيرة، ورغم أن الجميع يعلم علم اليقين أن التعميم في هذا الموضوع غير صحيح، إلا أن هذه الصورة ما زالت راسخة وغير قابلة للتعديل، ومن مظاهر ذلك أن أي إشاعة عن فساد وزير أو مسؤول آخر يتم تصديقها بشكل طبيعي وبلا تردد، بل أي مقولة عن تصرف سيئ لمسؤول يتم أيضاً التعامل معها كحقيقة من دون التأكد.
وهذا الأمر له علاقة بوقائع كثيرة عاشها الناس مع المسؤولين، ودخلت ضمن التجارب التي اختبروا فيها فساد كثير من المسؤولين.
ثمة شيء آخر له علاقة بالموقف السلبي من المسؤول، يتعلق بشيء من «الحسد والغيرة»، وهذا الأمر لا يتم من عامة الناس في أغلب الأحيان، بل من المنافسين الذين يجدون أن لهم الحق أيضاً بأن يكون في مواقع معينة، وهنا تبدأ حملة تشويه سمعة هي أصلاً مشوهة.
في الصورة المقابلة فإن الوزير وهو ينظر إلى الناس بكثرة انتقاداتهم ومطالبهم تصبح مشاعره أيضاً سلبية.. فهو يراهم «ظالمين» لأنهم لا يرون كم التعب الذي يجهد نفسه به لخدمتهم، وكثير من المسؤولين يعتبر المواطن «جاحداً» وناكراً للجميل، وعندما تسمع المسؤول عندما يصبح سابقاً تكون لغته بهذا الاتجاه، حيث لم يتم تقدير خدماته، وعندما يتوقف الناس عن مسايرته ومجاملته فإن ذلك تعبير عن «عدم الوفاء».
الموضوع فيه كثير من الأشياء التي تقال بكل صراحة، لكن «الحب مفقود» بين المواطن والمسؤول.. نحتاج إلى حكومة حب!!
أقوال:
– كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها. تشرشل.
– من الخطير أن نكون على حق عندما تكون الحكومة على خطأ. فولتير.
– إن كذبنا على الحكومة فتلك جناية، وإن كذبت علينا الحكومة فهي سياسة. بيل موري.