علمني الحكماء أن «بعض الظن إثم»، عندما يتعلق الأمر بالناس الطيبين، لكن التجارب المرة علمتني أن «سوء الظن من حسن الفطن». عندما يتعلق الأمر بالأشرار، ومن الاستنتاجات الراسخة التي توصلت إليها خلال رحلتي الطويلة على سطح كوكب الأرض، أن أميركا هي البالوعة التي تنصب فيها جل أوساخ البشرية، وأن الساسة الأميركيين هم الأقذر بين ساسة العالم برمته. لهذا كتبت على صفحتي في الفيس بوك في الساعة الحادية عشرة وثماني دقائق يوم الثلاثين من كانون الثاني الماضي العبارة التالية: «لا تنكر أميركا أنها تملك ترسانة من الأسلحة الفيروسية والجرثومية، فهل فيروس كورونا الذي يفتك بالصينيين الآن هو رسالة، الغاية منها قمع من يحاولون الانفكاك عن الدولار؟».
أعترف لكم أنني عندما نشرت هذا التساؤل كنت في دخيلة نفسي على ثقة تامة بأن للأميركيين ضلعاً في ما يجري في الصين، لكنني التزمت بصيغة التساؤل كي لا يتهمني أحد ما باتباع نظرية المؤامرة، وخاصة أنه ليس لدي دليل قاطع على ذلك.
صحيح أنني كنت قد اطلعت على ما نشرته الصحف البريطانية بشأن تنبؤ صاحب شركة مايكروسوفت بيل جيتس، بفيروس شبيه بكورونا، خلال مشاركته، قبل عام، في مؤتمرٍ استضافته الجمعية الطبية الأميركية في ولاية ماساتشوستس.
كما شاهدت فيلم «العدوى» Contagion الذي أنتجته شركة Participant الأميركية بالتعاون مع الشركة الإماراتية Imagenation Abou Dhabi وهو من إخراج ستيفن سودربرغ وبطولة ماريون كوتيار، مات ديمون، لورنس فيشبورن، جود لو، وجوينيث بالترو. يتمحور الفيلم حول مواطنة أميركية تصاب بعدوى فيروس كورونا في هونغ كونغ فتنقلها لعشيقها، على حين ينتشر المرض باللمس والتنفس حول العالم ويفتك بمئات الملايين قبل أن تنجح السلطات في العثور على علاج ناجع له.
تفشى فيروس كورونا في مدينة ووهان التي تقع في وسط الصين، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 11 مليون نسمة، وكان أول من اكتشفه هو الطبيب (لي وين ليانغ) الذي يعمل في المستشفى المركزي للمدينة، فبعث رسالة لزملائه العاملين في المجال الطبي في كانون الأول من العام الماضي حذرهم فيها من فيروس كان يظنه فيروس «سارس». لكنهم لم يأخذوا تحذيره على محمل الجد وعندما وصل الأمر للجهات الأمنية الصينية التي لا تخفى عليها خافية، استدعي للتحقيق بتهمة «بث الشائعات»، وأمر بـ«التوقف عن نشر تعليقات كاذبة». وقد توفي المسكين مؤخراً بسبب إصابته بفيروس كورونا الذي انتقل إليه أثناء قيامه بواجبه كطبيب، ما أحدث موجة من الحزن والغضب على موقع التواصل الاجتماعي الصيني «ويبو».
الجديد في الأمر هو أن جريدة ديمسوم اليومية (Dimsum Daily) التي تصدر باللغة الإنجليزية في هونغ كونغ، نشرت مقالاً طويلاً في الثاني من شباط الحالي، خلاصته أن الصين قد أعلنت العثور على (مستوعبات لمواد بيولوجية) في فناء القنصلية الأميركية في مدينة ووهان التي تفشى فيها فيروس كورونا، وهذه المستوعبات «مدفونة على عمق متر ونصف المتر». كما جاء في المقال أن الصين طلبت رسمياً تفسيراً أميركياً لوجود تلك المستوعبات في فناء القنصلية، كما طلبت عبر وزارة خارجيتها اجتماعاً عاجلاً لمجلس الأمن الدولي!
وقد جاء في المقال الذي كتبه ويليام إبز، أن العديد من العلماء الروس يعتقدون أن أميركا هي التي «أنشأت فيروس ووهان لتخريب الصين من أجل كسب أطنان من المال عن طريق الخروج لاحقًا بالترياق أو اللقاح».
المدهش في الأمر هو أن الإعلام العالمي المسيطر عليه أميركياً قد تجاهل هذا المقال تماماً! ماعدا جريدة الـ(صن) The Sun البريطانية التي نشرت تقريراً خطيراً قالت فيه إنه: «على العالم أن يستعد للأوبئة بالطريقة الخطيرة نفسها التي يستعد بها للحرب».
فهل بدأ أحفاد (مالتوس) حرب الأوبئة لتخفيف حمولة الكرة الأرضية من البشر؟