الأزمة الحكومية في لبنان تتفاقم وحرب بيانات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة النواب … برّي: ليس من حقك رفض الحريري وقرار تكليفه لا يأتي منك … رئاسة الجمهورية: بيان برّي أسقط عنه صفة الوسيط وجعله طرفاً
| وكالات
دخلت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في نفق جديد على خلفية بيانات من رئاسة مجلس النواب وبيانات مضادة من رئاسة الجمهورية حاول كل طرف من خلالها، تحميل الطرف الآخر مسؤولية الأوضاع السيئة التي باتت تعيشها البلاد مع استمرار استعصاء إطلاق حكومة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري.
وردّ رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، على بيان للرئاسة اللبنانية صدر أول أمس، متهماً إياها بتعطيل مبادرته لتسهيل تأليف حكومة جديدة، وقال برّي، في بيان له، إن «قرار تكليف رئيس حكومة خارج عن إرادة رئيس الجمهورية بل هو ناشئ عن قرار النواب، أي السلطة التشريعية، والذي يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة هو الرئيس المكلّف».
وقالت الرئاسة اللبنانية، أول من أمس الثلاثاء، إن المرجعيات التي تتطوع للمساعدة في تأليف الحكومة اللبنانية مدعوة إلى التقيد بأحكام الدستور، داعياً إلى «الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه».
وقال بري في بيانه أمس: إنه «باسم الشعب اللبناني تحركت وأتحرّك، ومن حقي أن أحاول بناءً لطلب دولة رئيس الحكومة المكلّف أن أساعده في أي مبادرة قد يتوصل إليها، لاسيما أن رئيس الجمهورية الذي تعود له صلاحية توقيع مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيسها أبدى كل رغبة بذلك وأرسل إلي عدة رسل بهذا الشأن وحصل أكثر من اجتماع لإنجاح ما سمي مبادرة برّي».
وتابع بري: إن «القاضي كان راضياً طالما ارتفع عدد الوزراء إلى 24 وحُلّ موضوع الداخلية، إلا أن إصراركم على (8 وزراء + 2) يسميهم رئيس الجمهورية الذي ليس له حق دستوري بوزير واحد فهو لا يشارك بالتصويت فكيف تكون له أصوات بطريقة غير مباشرة».
كما قال: إن «كل شيء في لبنان معطّل، والبلد ينهار، والمؤسسات تتآكل، والشعب يتلوى، وجدار القسطنطينية ينهار مع رفض مبادرة وافق عليها الغرب والشرق وكل الأطراف اللبنانية إلا طرفكم الكريم، فأقدمتم على البيان البارحة صراحةً تقولون: لا نريد سعد الحريري رئيساً للحكومة».
وأكد متوجهاً للرئيس اللبناني ميشال عون: «هذا ليس من حقكم، وقرار تكليفه ليس منكم، والمجلس النيابي قال كلمته مدّوية جواباً لرسالتكم إليه، والمطلوب هو حل وليس ترحالاً والمبادرة مستمرة».
وبعد بيان بري الشديد، ردّت رئاسة الجمهورية اللبنانية أمس في المقابل ببيان شديد آخر، فأشار مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إلى أن هذا «أمر لن نتوقف عنده في بيان بري وهو الأسلوب غير المألوف لدى دولته في التخاطب السياسي شكلاً ومضموناً».
وتابع مكتب الإعلام إن «ما يجدر التوقف عنده باستغراب، أن يلقى البيان الذي صدر بالأمس عن رئاسة الجمهورية ردّة فعل غير متوقعة من بري خصوصاً في ما يتعلق بموقع رئيس الجمهورية في التركيبة الوطنية التي تكرّست في وثيقة الوفاق الوطني، وما يرمز إليه من وحدة الوطن ودوره في السهر على احترام الدستور»، معتبرًا أنه «من المؤسف حقاً أن يتحدث بري عن عدم حق رئيس الجمهورية بالحصول على وزير واحد في الحكومة مبرراً ذلك بعدم مشاركته في التصويت».
وتابع: «كأن البيان الصادر عن بري أراد أن يؤكد ما بات مؤكداً بأن الهدف الحقيقي للحملات التي يتعرض لها رئيس الجمهورية هو تعطيل دوره في تكوين السلطة التنفيذية ومراقبة عملها مع السلطة التشريعية، وإقصاؤه بالفعل حيناً، وبالقول أحياناً، عن تحمل المسؤوليات التي ألقاها الدستور على عاتقه».
وأضاف: «أن يفهم بري من بيان الأمس بأن رئيس الجمهورية لا يريد المبادرة التي وافق عليها الشرق والغرب ولا يريد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري رئيساً للحكومة ويبني على هذا النهج ما هو في رأيه حق أو غير حق، فإنه قمة الإنكار ومجافاة الحقيقة».
وشدّد مكتب الإعلام على أن «رئيس الجمهورية عمل جاهداً على تنفيذ المبادرة الفرنسية وتعاطى ايجاباً مع مسعى بري بدليل أنه أرجأ الحوار الذي كان ينوي الدعوة إليه إفساحاً في المجال أمام دولته في النجاح بمسعاه وطالب مراراً رئيس الحكومة المكلف بأن يقدم تشكيلة تتمتع بالميثاقية وتحصّن الشراكة وتؤمّن ثقة مجلس النواب»، معتبراً أنه «من المفيد أن يتذكر بري أن الكلمة المدوية التي صدرت عن مجلس النواب أكدت على وجوب اتفاق رئيس الحكومة المكلف مع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة وهو الأمر الذي لم يحصل رغم مرور أكثر من 8 أشهر على التكليف».
وتابع: «لا بد ان يدرك بري وغيره، أن رئيس الجمهورية يسعى بكل قوة إلى حل للأزمة الحكومية التي افتعلتها ممارسات باتت معروفة عند الجميع، وعقّدتها رغبات في تهميش دور رئيس الجمهورية والحد من صلاحياته ومسؤولياته، ولعل البيان الذي صدر أمس خير دليل على ذلك».
وتم تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية في تشرين الثاني الماضي، بعد استقالة حكومة حسان دياب في آب الماضي، لكنه حتى الآن لم يتمكّن من تشكيل الحكومة.
وتتفاقم الأزمة الحكومية والاقتصادية في لبنان، حيث كشف تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من مليون لبناني بحاجة لدعم مستمر لتأمين احتياجاتهم الأساسية بما فيها الغذاء، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها البلاد.