على مدى الأيام التي مضت، لا تزال عمليات البحث مستمرة لإنقاذ الناجين وإخراج جثث الشهداء من موقع السجن الاحتياطي في صعدة بمنطقة «قحزة» الذي قصفه بشكلٍ مباشر طيران آل سعود، تلاميذ المدرسة الوهابية في القتل والإجرام والتنكيل، في الـ21 من كانون الثاني 2022، متسببين في استشهاد أكثر من 91 شهيداً، جرى سحب جثامينهم من بين الركام، حيث سحقت السقوف والجدران الإسمنتية أجسادهم، إضافة إلى جرح أكثر من 200 آخرين غالبيتهم في حالة خطرة، في آخر إحصائية غير نهائية، لسجن يضمّ أكثر من 2000 نزيل يمني ومن جنسيات أخرى.
الجريمة الهمجية هذه، جاءت بالتزامن مع استهداف طيران التحالف السعودي مبنى الاتصالات في مدينة الحُدَيْدَة، الذي أدّى إلى وقوع 6 شهداء، بينهم 3 أطفال، و18 جريحاً، أغلبهم من الأطفال، عازلاً اليمن عن العالم الرقمي باستهداف «البوابة الدولية للاتصالات والإنترنت» ليدخل اليمن في حصار رقمي، إضافة إلى الحصار المفروض عليه براً وبحراً وجواً.
تحالف آل سعود، شنّ خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 100 غارة جوية على أحياء مدنية في العاصمة صنعاء، مستهدفاً مواقع الحي الليبي، ومبنى مجلس النواب، وحي «مستشفى 48»، والمطار الدولي، ومنطقة باب اليمن التاريخية، ومخازن الغذاء شرقي المدينة، والملعب الرياضي، واسطبلات خيول، ومقلب القمامة الرئيس في المدينة صنعاء! ما مثل إفلاساً لبنك أهداف مجرمي التحالف السعودي، تماماً مثل إفلاس العدو الصهيوني عندما استهدف المدنيين المحتمين بمركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفل في قرية «قانا» جنوب لبنان في الـ18 من نيسان 1996، متسبباً في استشهاد 106 مدنيين، وفي استشهاد نحو 55 شخصاً، وإصابة الكثير بجروح، غالبيتهم من الأطفال الصغار الذين كانوا بداخل مبنى من ثلاث طبقات في مجزرة «قانا» الثانية في الـ30 من تموز 2006.
آل سعود يوغلون في ارتكاب جرائم حرب منظَّمة وموثقة وغير مسبوقة، بدعم إماراتي إسرائيلي أميركي بريطاني فرنسي، وصمت وخذلان عالميّ، وهو بالمجمل إرهابَ دولة، والناطق باسم تحالفهم تركي المالكي، يقول: إن الادعاءات باستهداف مركز احتجاز في محافظة صعدة وسقوط ضحايا بداخله «غير صحيحة»، رغم إدانة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للغارة!
تركي المالكي، ليس أكثر من رجل آلي مبرمج على الإدلاء بتصريحات غبية وكاذبة، غالباً ما يتراجع عنها، كعرضه مؤخراً فيلم لمخزن صواريخ قال، إنها «إيرانية» موجودة في «مخزن في ميناء الحُدَيْدَة»، ليتبين لاحقاً، إنه مقطع مقتبس من فيلم أميركي، ما اضطره للتراجع، معترفاً بأن الشريط المصور «يأتي ضمن الخطأ الهامشي للتعامل مع المصادر»!
جرائم آل سعود في صعدة والحُدَيْدَة، ليست الأولى، بل هي واحدة من سلسلة جرائم ترتكب منذ 7 سنوات، ففي الـ8 من تشرين الأول 2016، تعرضت الصالة الكبرى في صنعاء بمجلس عزاء والد وزير الداخلية اليمني جلال الرويشان إلى غارتين جويتين متتاليتين من طيران تحالف آل سعود، أدتا إلى استشهاد أكثر من 100 شخص وإصابة نحو 500 آخرين، والتي نفى في حينه تحالف آل سعود مسؤوليته عن الغارتين الجويتين، إلا أنه أمام هول الجريمة وفظاعتها، أوضح في بيان له، أن «جهة في الجيش اليمني قدمت معلومة مغلوطة بوجود قيادات حوثية مسلحة داخل القاعة، وأن مركز توجيه العمليات في اليمن أجاز الغارة دون إذن قيادة التحالف»!
الولايات المتحدة وإسرائيل، هما المسؤولتان عن استمرار المجازر التي تُرتكب في اليمن، وما دويلات تحالف آل سعود إلا أدوات تستنسخ الجرائم الأميركية والإسرائيلية المرتكبة في فلسطين ولبنان والعراق وسورية، وهي تعبر عن إفلاسهم، وعن أزمة خياراتهم، وفشل واضح في محاولة تركيع الشعب اليمني، أو كسر إرادته، أو حتى النيل من عزيمته، ما يعكس مدى الجنون والهستيريا في سفك دماء اليمنيين الأبرياء.
اليمن مُعتدىً عليه، وله الحق في الدفاع عن نفسه، بكل السبل والوسائل، وقد كفلت كل القوانين الدولية له الحق في ذلك.
بشاعة الجرائم الدموية لآل سعود، الغارق في مسلسل الخزي والعار، لن تُثني اليمنيين عن الصمود والتحدّي لقوى العدوان الغاشم، وما يجري ليس «حرباً عبثية»، إنها حرب وحشية مشبعة بغرائز إجرامية، لمجموعة من القتلة، يستهدفون إبادة شعب آمن، عربي مسلم أصيل.
تحالف آل سعود، أصحاب السجل الأسود، ورعاة الإرهاب والقتل في سورية والعراق واليمن، العابثين بأمن واستقرار المنطقة لمصلحة إسرائيل وأميركا، لن تنقذهم خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني في حماية عروش دويلاتهم، كما أن جرائمهم لن تسقط بالتقادم، وليفهموا أن مدنهم وعروشهم هي من زجاج.