القمع وتغييب مقومات الحياة خفض عددهم من 27 إلى 3 آلاف … انتهاكات جسيمة للاحتلال التركي ومرتزقته بحق إيزيديي شمال حلب
مارس جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيون في ريف حلب الشمالي الغربي، اعتداءات وانتهاكات جسيمة ضد أبناء الطائفة الإيزيدية عقب سيطرتهم على قراهم ومناطق تجمعاتهم قبل نحو ثلاث سنوات إبان ما سماه النظام التركي عملية «غصن الزيتون» التي مد مناطق نفوذه فيها إلى عفرين.
وأكد عدد من أبناء الطائفة الإيزيدية في أرياف عفرين، ممن تواصلت «الوطن» معهم، أن ميليشيا «الجيش الوطني»، الممولة من النظام التركي، في أرياف عفرين كثفت في الآونة الأخيرة من حملة اضطهادها وقمعها لإرغام من تبقى منهم على ترك مناطقهم نهائياً بعدما نجحت نسبيا في سياسة التغيير الديموغرافي في تلك المناطق منذ احتلالها.
وكشف هؤلاء، أن إرهابيي نظام الرئيس رجب طيب أردوغان ما زالوا يحاصرون القرى التي تقطنها الطائفة الإيزيدية جنوب عفرين، منذ اندلاع اشتباكات مع ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية الموالية لواشنطن في كانون الأول عام 2020، ولا تسمح بالخروج سوى للراغبين بالهجرة بعد أن ضيقت عليهم سبل العيش وقطعت إمدادات المياه والغذاء عنهم لفترات متقطعة وحرمتهم من الوصول إلى العمل والتعليم والرعاية الصحية.
وأشاروا إلى أن الميليشيات تذرعت بتلك الاشتباكات واستثمرت مقتل أحد متزعميها بانفجار عبوة ناسفة قرب قريتي باصوفان وبائي، لتعتقل أكثر من 40 إيزيدياً من سكانهما، ولتشن حملة اعتقال طالت أكثر من 100 آخرين في فترات لاحقة. ونوهوا بأن سجون عفرين تضم راهناً زهاء 300 إيزيدي من سكان المنطقة.
ولفتت مصادر حقوقية مطلعة على الوضع في عفرين لـ«الوطن»، إلى أن واشنطن وبقية العواصم الأوروبية تتغاضى عن انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته لحقوق الإنسان ضد أبناء الطائفة الإيزيدية في سورية، وفي ريف حلب الشمالي بشكل خاص، وتمتنع حتى عن إدانة التجاوزات بحقهم، فيما تصوب مجاهرها وعدساتها على تداعيات المجازر التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي في آب 2014 ضد إيزيدي العراق فقط، ولذلك تغيب قوائم البيانات عن أعداد المفقودين والمعتقلين والمهجرين من أبناء الطائفة في المناطق التي يحتلها النظام التركي وفي تماه واضح مع سياساته العدوانية والتنكيلية بحق الأقليات.
وأوضح أحد فلاحي باصوفان، الواقعة على بعد 4 كيلو مترات شمال شرق قلعة سمعان، لـ«الوطن»، أن عدد سكانها انخفض من 3000 إلى نحو 250 إيزيدياً بعد احتلالها. وشدد على أن الإرهابيين المنضوين في «الجيش الوطني» وفي مقدمتهم ميليشيا «فيلق الشام»، لم يتسامحوا مطلقا مع السكان بوصفهم «كفار» من عبدة النار والشيطان، ولذلك صادروا ممتلكاتهم وقطعوا أشجار زيتونهم ومنعوهم من ممارسة طقوسهم الدينية بعد أن فرضوا عليهم اعتناق الإسلام وشنوا أكثر من حملة اعتقال في القرية، ما اضطر معظمهم إلى الهروب.
مدرس اللغة الإنكليزية «س. ع» المقيم في حلب، وهو من أبناء الطائفة الإيزيدية، أكد لـ«الوطن»، أن اضطهاد نظام أردوغان ومرتزقته لهم خفض عددهم في 22 قرية وبلدة تابعة لعفرين، وفي مقدمتها جنديرس وباصوفان وقلعة جندو وقيبار وبافلون، من 27 ألفاً إلى 3 آلاف فقط منذ آذار 2018 إلى اليوم.
ونوه بأن وجهة النازحين الإيزيديين تركزت باتجاه حلب وشمال شرق البلاد، على حين حزم بعضهم أمتعته نحو العراق، في حين نجحت أعداد منهم بالهجرة إلى بعض الدول الأوروبية التي تضم أقليات منهم، كما في السويد والدنمارك وألمانيا، حيث استأثرت الأخيرة بالحصة الأوفر منهم.