لا أقصد البرنامج التلفزيوني الذي يحمل الاسم نفسه، بل المقصود أنني أتمتع كل ليلة بساعة صفا رائعة قلما يحصل عليها إنسان في كوكب الأرض المترامي الأطراف.
هي الساعة التي وهبونا إياها أصحاب الكهرباء مالكي وزارة النور والتنور، ففي كل مساء أجلس في هذه الساعة بلباس الميدان الكامل المكون من «كنزتي» صوف وبجامة رياضة سميكة وبطانية معتبرة، وأتنقل بين الفضائيات العربية التي تتجاوز الألف محطة.
خلال هذه الساعة اليتيمة التي تليها سبع ساعات ظلام وسخام وطار الحمام، أتابع حفنة من الأخبار، وكمشة من المسلسلات، وربع أخماس من الأفلام، وسدس أسداس من البرامج العلمية، وفيما تبقى من وقت- إذا بقي وقت أصلاً-أبحث عن مباريات كرة القدم كي أجمع المجد من جميع أطرافه.
وعند الفجر، عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أدعو في صلاتي أن يهدي الله أصحاب الكهرباء ومالكي التموين وبيت نفط المسلمين والمسيحيين، أن يرفقوا بنا في الشتاء الراحل، والربيع القاحل، والصيف الماحل كي نمضي ما تبقى من أعمارنا بأقل ما يمكن من أخطاء وعثرات، وبقليل من البطاقات فائقة الذكاء وكثير من الزيت والزعتر والسمن والسكر والخبز المقمر!.
وأخص بالدعاء الكهربائيين الذين يحصون على المواطن الأمبيرات التي يجب أن يحصل عليها، طوال الأربع والعشرين ساعة، وضرورة تقنين التقنين، واستخدام المحروقات وعقلنة هذا الاستخدام!.
هل تعلم وزارة الكهرباء ماذا فعلت بنا؟أو ماذا فعلت بي أنا شخصياً؟
حرمتني من متابعة المحللين السياسيين الذين يصبحون علينا منذ بداية اليوم، ويقولون لنا:تصبحون على خير في آخر اليوم!وهل تعتقدون أن حرماني من كل هذا الكم من التحليلات والفصاحة السياسية أمر يسير وسهل على مواطن يفطر ويتغدى ويتعشى، وقريباً يتسحر سياسة مع قليل من المقبلات البرامجية والتقارير المسلوقة مع المايونيز؟.
كيف أعرف أسباب حرب البسوس والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا؟ولماذا سقطت بغداد والأندلس وماذا عن الإنس والجن؟ ولماذا طال فصل الشتاء، وأسعار الخيار والفاصولياء، وكيف يتعامل الرجال مع النساء.
أليس هذا هو الظلم عينه؟
وأدعو اللـه تعالى أن يسامح الكهربائيين والمكهربين والمتكهربين من يوم الخلق إلى يوم الدين، كما أدعو أن يسامح اللـه وزارة لتر الزيت والتموين والخبز- العجين والطحين، ومسؤولي المازوت والغاز والبنزين، وأقف على الدور كي أقول:الله يعين!.
ساعة الصفا قاربت على الانتهاء، وأعترف وأنا بكامل قواي العقلية، وأقسم على ذلك، أن هذه الزاوية كتبت على مراحل، فكل سطرين أو ثلاثة يهرب التيار، وهات ليرجع بعد ست أو سبع ساعات، المهم أنني أنجزت المهمة أخيراً وسامحوني إذا وجدتم أخطاء أو تكراراً وحاسبوا قاطع التيار وكل من ساهم فيما وصلنا إليه، قولوا آمين يا محسنين.