بما أن النظام السياسي في الولايات المتحدة نظام رئاسي يكون فيه دور الرئيس مركزياً، فهو رئيس البلاد ورئيس الحكومة في آن واحد يساعده في مهامه مجموعة من المساعدين يطلق عليهم اسم «السكرتير» يقومون بمهام الوزراء، لذلك تعد الانتخابات الرئاسية التي تحصل كل أربع سنوات أهم حدث للرئيس وحزبه سواء كانا في البيت الأبيض أم خارجه، وللسبب ذاته يحضر كل مرشح محتمل نفسه للانتخابات المقبلة فور انتهاء السنة الأولى من سنوات الرئاسة الأربع، ومن هذا المنطلق يُحضر الحزب الديمقراطي نفسه من الآن ويحاول أن يرتب أوراقه ليقرر من سيكون مرشحه في انتخابات 2024.
عادة يكون قرار الحزب تلقائياً دعم الرئيس الحاكم إذا كان من الحزب نفسه بالطبع، وإذا كانت هذه فترته الرئاسية الأولى، لكن يبدو أن الحزب الديمقراطي هذه المرة يدرس خيارات عدة، إذ تقول الأوساط المقربة من الديمقراطيين أن الحزب يحاول إيجاد مرشح آخر للرئاسة غير الرئيس الحالي جو بايدن، ويرى المراقبون أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى عمر الرئيس بايدن الكبير.
عندما حلف جو بايدن اليمين الدستورية عام 2021 كان عمره 78 عاماً ما يجعله أكبر رئيس أميركي على الإطلاق، وقبل ذلك كان الرئيس رونالد ريغان أكبر رئيس حكم الولايات المتحدة، وكان سنه الكبير يطرح تساؤلات عدة حول إمكانية متابعته للمهام الرئاسية، وعندما ترشح رونالد ريغان لانتخابات 1980 كان عمره 69 عاماً وعندما غادر البيت الأبيض بعد ثماني سنوات بدت علامات التراجع الصحي التي يعاني منها واضحة.
لعل الخيار الآخر لدى الحزب الديمقراطي هو دعم ترشيح نائب الرئيس كاميلا هاريس لخوض الانتخابات المقبلة، ما اعتاد الحزب فعله بعد أن أخفق ألبن باركلي الذي كان نائباً للرئيس الديمقراطي هاري ترومان من تأمين ترشيح الحزب لانتخابات عام 1952، منذ ذلك الوقت لم يخسر أي نائب رئيس حزب ترشيح الحزب له للانتخابات الرئاسية.
لعل السؤال الذي يسأل حالياً في داخل أوساط الحزب هو: هل سيترشح بايدن لولاية ثانية؟ هل عليه أن يترشح؟ وإذا لم يترشح من سيحل مكانه؟
أسئلة تؤرق أروقة الحزب الديمقراطي وخاصة أن أغلب البدلاء غير معروفين للشارع الأميركي كحاكم كارولينا الشمالية روي كوبر أو حاكم نيوجيرسي فيل مرفي أو حاكم ميشيغان غريتشين ويتمر أو محافظ نيواورلينز السابق جينا رايموند، وبنيت هذه الاقتراحات على فرضية أن نائب الرئيس كاميلا هاريس مدمرة سياسية وليست قادرة أن تكون المرشحة المقبلة للحزب، ففي استطلاع القبول حصلت السيدة هاريس على 15 نقطة أقل من جو بايدن عندما كان نائباً لباراك أوباما و11 نقطة أقل من مايك بينس نائب دونالد ترامب.
يبدو أن الحزب الديمقراطي يواجه معضلة صعبة فهل سيدعم ترشح الرئيس بايدن لولاية ثانية بغض النظر عن حالته الصحية؟ وهل سيتخلى عن دعمه لنائب الرئيس بعد أن فعل ذلك لستين عاماً؟