في بلادِ الأرز، هل أتاكم حديثَ الوحوشِ المسعورة؟
ماهم بوحوشٍ لكنهم أشباهَ بشرٍ، يدسون السمَّ في العسل على أنغامٍ حزينة هم أشبهَ بنبتةِ زقّومٍ تُفاخرِ بصبَّارها عارية الخُضرة بجذورٍ منخورة.. تلكَ التي اعتادت أن تقلبَ الحقائقَ رأساً على عقبٍ لأنهم اعتادوا أن يكونوا سلعةً رخيصةً، يحاربونكَ بنفاقهم ودونيتهم يقاتلونكَ حتى بالقلمِ أو بالصورة.. تدَّعي العملَ بالإعلام وما هي بِإعلام، مواخير رزقٍ تقتاتُ حشاشَ القوادينَ في مراعي البيترودولار وتتاجرُ حتى بأحزانِ من قلوبهم مكسورة.. كمنزولِ صحراءٍ راياتهُ حمر يظن الداخل إليه وكأنَّ فحولته بحاجةٍ لمكسرِ عصا، لتصبح كل أفكارهِ المقروءة والمسموعة بسراويلِ الرذيلةِ مأسورة.. يدَّعون بأنَّهم يتنفَّسون الحرية في القولِ والفعل، تبَّاً لحريَّةٍ تجعل إعلاماً شريكاً بتزييف الحقائق، ما أدرَاهم بأن خيطاً رفيعاً يفصلُ بينَ الموقفِ الحر وموقفَ الأتعاب المأجورة.
إن تحدثت العنصرية بين السندِ والهند لاستغاثت هاربةً من فيضِ عنصريتهم، بل لرأينا عِظام هتلرٍ تتراقص في قبره من هولِها، لرأيناها تقدِّمُ خطاباتٍ تُستَجمعُ فيها كل فنونِ الخطابةِ والفصاحة متبرئةً من أقوالهم وأفعالهم مدعيةً بأن عنصريتهم فاقت حتى عنصريةَ من ظنوا بأن صاحبَ البشرةِ السوداء لديهِ في جسدهِ أرواح شرير مسحورة.. فصاحب المركب الغارق فلسطيني وهل يحق للفلسطيني التملك أو الترخيص؟ لقد حاولوا تبرئةَ ساحة «الفينيقيين» في بلاد الأرز حتى من ملكيةِ قارب الموت، فالجنسية الفلسطينية في هذا العالم جسمها «لبّيس» وتتحمل كل الشرورِ لتمسي في نظرِ عنصريتهم تهمة قاتلة إياكَ أن تجعلَها على ربا بلادِ الأمن والأمان منثورة.
إن تحدثَ المكر لخرَّ تائباً من هولِ مكرهم، لرأينا ماكرَ الأمويين الأول يُلبِسهم عباءةَ القيادة فقد بزّوه وبزّوا القادمين والسابقين وكل أساطير الكذبِ تلك التي لانعرفها أو تلك التي عرفناها وفي ذاكرتنا محفورة.. بالنسبةِ لهم ما زال المركب الغارق هو «مركب طرطوس السوري» والضحايا هم ضحايا «الحرب السورية»، هم كمن يريد أن يجعلَ من أرض الشام ساحةَ موتٍ لا أكثر كيف لا و«قابيل» قام بفعلتهِ الشنعاء على ترابها، والمسيح عليهِ السلام صلبَ في جبالها تبَّاً لهذه الشام ما أوحشها، لماذا جعلَت قلوبَ أحفاد الفينيقيين محسورة.. مع أن القاصي والداني يعلم بأن المركب ليسَ سورياً، ولم يغادر من الأراضي السورية بل غادرَ وباعتراف الناجين على مرأى بعض الجهات الفاعلة في بلاد الأرز، ما أسوء حال أمةٍ تكون فيها يد العدالةِ عن كلِّ من يتورط بهكذا خداعٍ مبتورة.
لكن مهما فعلتم، كما تُجار الموت ستحاسبكم يوماً دموع المكلومين ستحاسبكم لعنات السوريين الذين قدَّموا الغالي والرخيص لإنقاذِ ما يمكن إنقاذه، هذا ليسَ بجديدٍ عليهم حتى التاريخ نفسهِ تعبِ من سردِ سيرهم المأثورة، منذ متى انتظر السوريون اعترافاً بجميلٍ أو اغتباطاً لجهودهم المشكورة.. هو الفرق بين من يعمل بصمتٍ لأن للشهامةِ أهلها وللكرامةِ حَملَة لا يدركها من أيديهم عن الحقِّ مبتورة.. اليوم وغداً وحتى آخر العمر شكراً لكل سوري جميل شارك ولو بجهدٍ بسيط في إثبات أن الألمَ الذي نعيشه لن يثنينا عن مروءةٍ وشهامةٍ بأختامِ السوريين ممهورة.