الاتحاد الأوروبي تلقى طلب مساعدات من سورية وأعلن عن مؤتمر للمانحين في آذار! … الرئيس الأسد استقبل وفداً وزارياً لبنانياً وتلقى المزيد من الاتصالات والبرقيات من رؤساء دول عبّروا عن تعازيهم ومساندتهم لسورية
| الوطن
تجاوزت المأساة الأخلاقية والإنسانية الدولية، مأساة السوريين، ولم تصل كل دعوات الإغاثة لآذان أصحاب القرار الأميركي حتى الآن، وواصل «القيصر» الأميركي منع ما استطاع إليه من مساعدات، فيما الغرب مازال يرى كارثة السوريين بعين واحدة ويكثر من خطابات تقديم الدعم وفقاً لأهواء السياسة.
وبعد مرور 72 ساعة على الزلزال المدمر وتراجع فرص العثور على ناجين لا تزال فرق الإغاثة السورية تواكبها فرق صديقة وشقيقة تحارب الزمن بحثاً عن الناجين، في حين لم تهدأ مطارات دمشق وحلب واللاذقية عن استقبال طائرات المساعدات، كما لم تهدأ قوافل المساعدات الساعية لتقديم ما أمكن من عون ومساندة للمنكوبين، مخترقة الحصار والعقوبات التي منعت حصول السوريين على معدات لانتشال ضحاياهم ومستلزمات طبية لمعالجة مصابيهم.
رسائل التعزية والاستعداد لتقديم المساندة لم تهدأ أيضاً وتلقى الرئيس بشار الأسد أمس المزيد منها كما أكد خلال استقباله وفداً وزارياً لبنانياً برئاسة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد اللـه بو حبيب، على أهمية التعاون بين لبنان وسورية في جميع المجالات، انطلاقاً من الإمكانات التي يمتلكها البلدان، والمصالح المشتركة التي تجمعهما.
أعضاء الوفد اللبناني نقلوا للرئيس الأسد تعازي وتضامن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي وجميع أعضاء الحكومة مع سورية، إثر الزلزال الذي تعرضت له، مؤكّدين أن هذه الزيارة تأتي لتقديم واجب العزاء وواجب المساعدة؛ لأن اللبنانيين يعتبرون أنفسهم شركاء بالحزن لما حصل، وعليهم الوقوف مع الشعب السوري في هذه المحنة.
واستعرض أعضاء الوفد للرئيس الأسد الإجراءات والقرارات التي اتخذتها حكومة تصريف الأعمال، من أجل تقديم المساعدة والتنسيق مع المؤسسات السورية التي تعمل على الأرض للإنقاذ والإغاثة، وأشاروا إلى استعداد لبنان لفتح المطارات والموانئ لاستقبال المساعدات التي ترد إلى سورية من أي دولة أو جهة.
بدوره شكر الرئيس الأسد الوفد على الإجراءات العملية التي قامت بها الحكومة اللبنانية من أجل تقديم وتسهيل وصول المساعدات إلى سورية، والتي تحقق آثاراً فعلية على الأرض، وتترك أثراً معنوياً لدى الشعب السوري.
الوفد اللبناني الذي ضم وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل هكتور حجار، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، ورئيس الهيئة العليا للإغاثة والأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين، ومدير قسم الشؤون العربية في وزارة الخارجية والمغتربين، كان التقى فور وصوله إلى دمشق وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، وقدّم التعازي باسم قيادة وشعب لبنان إلى القيادة والشعب في سورية، متمنياً الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى، مؤكداً تضامن لبنان الكامل مع سورية، ووضع إمكاناته إلى جانب الإمكانات السورية لتجاوز هذه الكارثة.
وأمس أعرب كل من الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس جمهورية نيكاراغوا دانيال أورتيغا، ورئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، رئيس جمهورية أبخازيا أصلان، ورئيس كوريا الديمقراطية الشعبية كيم جونغ، وكاريكين الثاني البطريرك الأعظم كاثوليكوس عموم الأرمن، في رسائل تعزية للرئيس الأسد عن خالص تعاطفهم وتضامنهم مع الشعب السوري في هذه المحنة، والاستعداد لتقديم العون والمساعدة لتجاوز تداعياتها.
وأعرب قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان في رسالته للرئيس الأسد عن بالغ الحزن للخسائر الكبيرة في الأرواح التي خلفها الزلزال، قائلاً: إنه سيرفع الصلوات لراحة أرواح الضحايا وتضامن الجهود لإغاثة المتضررين من الكارثة.
كما تلقى الرئيس الأسد مساء أمس اتصالاً هاتفياً من الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد أعرب خلاله عن تعازيه وتضامن بلاده مع سورية فيما تعرضت له جراء الزلزال، وأكد أن مصاب سورية هو مصاب للعراق لذلك فإنه سيقدم كلّ ما يمكنه لمساعدة الشعب السوري والتخفيف من آثار هذه الكارثة.
كذلك تقدم رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بخالص تعازيه خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأسد، مشيراً إلى استعداد العراق للاستمرار في تقديم العون والمساعدة لدعم جهود الحكومة السورية في عمليات إنقاذ وإغاثة أهالي المناطق المتضررة.
وشكر الرئيس الأسد خلال الاتصالين العراق قيادة وشعباً على ما أبدوه من استجابة إنسانية وإرسالهم مختلف المساعدات لدعم المتضررين والمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ.
كما تلقى الرئيس الأسد اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدّم خلاله لسيادته وللشعب السوري خالص التعازي بضحايا الزلزال، داعياً اللـه أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يمُن على الجرحى بالشفاء العاجل.
وأكد الرئيس عباس وقوف القيادة الفلسطينية وشعب فلسطين إلى جانب أشقائهم السوريين والاستعداد لتقديم كل أشكال المساعدة الممكنة.
المساعدات متواصلة
بالتوازي تواصل هبوط طائرات المساعدات المحملة بأطنان المساعدات الإنسانية الإغاثية والغذائية والطبية لمتضرري الزلزال في المطارات السورية بحلب واللاذقية ودمشق الدولي، والمقدمة من الدول الشقيقة والصديقة لسورية، وحطت أمس ست طائرات إماراتية وطائرة عراقية وأردنية وهندية وباكستانية وأرمينية وفنزويلية وليبية وتونسية.
وتزامن استمرار وصول المساعدات عبر المطار مع وصول قوافل المساعدات عبر البر القادمة من العراق، حيث أرسل هذه القوافل الحشد الشعبي العراقي الذي أعلن مدير إعلامه مهند العقابي في مقابلة مع «الميادين» أن حملة الحشد الشعبي كبيرة جداً والهدف منها مساندة الشعب السوري، وأضاف: «لدينا هاجس من الأميركيين بأن يقصفوا أسطول السيارات والشاحنات المتجهة إلى سورية».
التيار الصدري العراقي أعلن بدوره عن حملة إغاثية سيتم إطلاقها اليوم الخميس لدعم سورية في مواجهة الدمار الذي أوقعه الزلزال.
وقال التيار في بيان صادر عن مكتب الشهيد السعيد محمد الصدر إنه «تنفيذا لتوجيهات سماحة القائد مقتدى الصدر ستنطلق من مؤسسة مرقد الشهيد السعيد محمد الصدر ونجليه يوم غد الخميس حملة «الأشقاء» للمساعدات الإنسانية المتوجهة إلى الإخوة المتضررين من كارثة الزلزال في سورية الشقيقة تضامناً من الشعب العراقي مع الشعب السوري الشقيق».
من جهته أعلن وزير التعمير والإسكان الروسي إيريك فايزولين استعداد الوزارة لمساعدة سورية في ترميم المباني التي تأذت بعد الزلزال الذي ضرب البلاد أمس الأول.
وأشار فايزولين في تصريح للصحفيين نقلته وكالة تاس إلى أنه يتم التنسيق في هذا الشأن من قبل وزارة الطوارئ، حيث تم إرسال متخصصي الوزارة إلى سورية، وإذا ما دعت الحاجة فسوف يتم إرسال متخصصين من الجهات الحكومية الأخرى، بما في ذلك من وزارة التعمير والإسكان.
يأتي ذلك في وقت سجل فيه أمس ارتفاع في عدد الضحايا وقال وزير الصحة، حسن غباش: إن عدد الضحايا المسجلين في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة ارتفع إلى 1262 وفاة و2285 إصابة، وذلك في حصيلة غير نهائية.
فيما أفادت مصادر أهلية في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة لـ«الوطن» بأن عدد الضحايا بلغ 1400 حالة وفاة وأكثر من 2700 مصاب.
عطاء السوريين
وأمس واصل السوريون إخراج أفضل ما لديهم وأظهرت اندفاعاتهم للوقوف إلى جانب بعضهم في الكارثة التي ألمت بهم عن حقيقتهم الأصيلة، حيث أطلقت حملات أهلية وتطوعية واسعة لجمع التبرعات، التي شاركت فيها جمعيات أهلية ومؤسسات اقتصادية وشخصيات فنية واقتصادية وحتى طلبة وأطفال المدارس تبرعوا بما لديهم لتصل حصيلة التبرعات لأكثر من خمسة مليارات حتى الآن.
الأمانة السورية للتنمية دعت أصحاب الفعاليات، وكل جهة تمتلك الإمكانات إلى ضرورة التبرع بالحليب للأطفال الموجودين في المناطق المتضررة لمساعدتهم في البقاء على قيد الحياة، وأعلن مصدر في الأمانة السورية للتنمية، أنه وفور وقوع الزلزال، تم إيقاف كل أعمالها وأنشطتها، واستنفار كامل كوادرها لتقديم العون للمتضررين في كل المناطق التي تعرضت للزلزال، كما وضعت جميع كوادرها منذ اللحظات الأولى بتصرف منظمة الهلال الأحمر العربي السّوري؛ لتقديم الاحتياجات الأساسية ضمن استجابتها الأولية للمتضررين في محافظات اللاذقية وحلب وحماة باعتبارها أكثر المحافظات تضرراً من الزلزال.
وخلال تفقده أمس برفقة وزيري الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف والصحة حسن الغباش المواقع المتضررة من الزلزال في حلب أكد رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس أن الدمار الناجم عن الزلزال كبير وخاصة في حلب واللاذقية، مشيراً إلى أن الأولوية الآن لإنقاذ من هم تحت الأنقاض، وقال: «من خلال اطلاعي على الوضع في اللاذقية كانت هناك أضرار كبيرة جداً وقد نلجأ لتحديد أماكن منكوبة، وآمل ألا يكون الوضع في حلب مماثلاً، وإذا كان كذلك فلن نخفي الحقيقة وكل دول العالم في حالات كهذه تعلن مناطق منكوبة لديها وتترك للعالم التعاطي مع الحالة»، مبيناً أن الحصار والعقوبات تسببا بمعاناة الشعب السوري وجاءت هذه الكارثة لتفاقم هذه المعاناة على الدولة والمواطنين.
وزير الإدارة المحلية والبيئة- رئيس اللجنة العليا للإغاثة حسين مخلوف وخلال مؤتمر صحفي أمس أكد أن الأولوية في جهود الإغاثة هي إنقاذ الأرواح، وإزالة الأنقاض، وإصلاح المباني المتضررة من جراء الزلزال، مشيراً إلى أن التنسيق لحظي بين اللجنة العليا واللجان الفرعية في المحافظات والوزارات المعنية والهلال الأحمر العربي السوري والأمانة السورية للتنمية وممثلي المجتمع الأهلي، لتحديد الاحتياجات في كل محافظة وإحصاء عدد المتضررين لتقديم العون لهم.
الاتحاد الأوروبي: دمشق طلبت المساعدة ومؤتمر للمانحين مطلع آذار
بينما طالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحفي الولايات المتحدة بالرفع الفوري للعقوبات أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، للسماح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدة الإنسانية الطارئة لضحايا الزلزال الكارثي، وتجنب المزيد من التدهور في الوضع الإنساني، قال الاتحاد الأوروبي: إن سورية طلبت مساعدات إنسانية للتعامل مع تداعيات الزلزال المدمر، مؤكداً أن العقوبات التي فرضها على الحكومة السورية ليس لها تأثير على قدرته على المساعدة.
وأوضح مفوض الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، جانيز لينارتشيتش، أن سورية طلبت كل شيء من مساعدات البحث والإنقاذ إلى الأدوية والغذاء.
ونقلت «رويترز» عن المسؤول الأوروبي قوله: إن الاتحاد الأوروبي يشجع أعضاءه على المساهمة، ونفى أن يكون للعقوبات تأثير على إيصال المساعدات الإنسانية.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن استضافة مؤتمر للمانحين مطلع آذار المقبل دعما لسورية وتركيا في أعقاب الزلزال المدمر.
من جهتها، قالت الخارجية الأميركية: «لن نعرقل تقديم أطراف أخرى المساعدات عبر الحكومة السورية».
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها سترسل وفداً رفيع المستوى لتنسيق جهود الإغاثة في تركيا وسورية.
بدوره أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة في سورية المصطفى بن المليح أن العقوبات المفروضة على سورية تضر بالعمل الإنساني فيها، مبيناً أن الوضع الآن صعب جداً والاحتياجات كبيرة جراء الزلزال، ويجب عدم تسييس الشأن الإنساني فيها.
وأشار المليح وفق «سانا»، إلى أن هدف منظمات الأمم المتحدة إيصال رسالة حول معاناة السوريين جراء العقوبات المفروضة على بلدهم وضرر هذه العقوبات بالعمل الإنساني، حيث منعت وصول مساعدات مادية بملايين الدولارات للمتضررين من الزلزال.
وأوضح أن سورية اليوم تعاني من أزمة مزدوجة جراء الحرب منذ عام 2011 والزلزال الذي زاد الوضع صعوبة، لافتاً إلى أنه قبل الزلزال كان هناك 15 مليون سوري بحاجة المساعدة، و4 ملايين منهم بحاجة إلى مساعدة يومية تقريباً، يضاف إليها اليوم تداعيات الزلزال الكارثي، حيث زاد عدد المحتاجين للمساعدة.
ودعا بن المليح جميع الجهات الخارجية إلى عدم تسييس الشأن الإنساني في سورية للوصول إلى المتضررين، لافتاً إلى أن حجم الاحتياجات في سورية كبير، ويجب أن تعطى حقها من المساعدات.
وبين بن المليح أن الحكومة السورية قدمت كل التسهيلات لإيصال المساعدات إلى كل الأماكن المتضررة، مشدداً على ضرورة الحصول على المساعدات.