أرقام بالألوان.. بانوراما 2015 وتوقعات 2016 … «الأخضر» يرتفع 85% أمام الليرة مخالفاً لوعود الحكومة.. ولا من يحاسب!
| علي نزار الآغا
لم يكن عام 2015 عاماً جيداً لليرة السورية، مقارنة بباقي سنوات الحرب، إذ ارتفع الدولار مقابل الليرة السورية (نتيجة ضعف قيمة الليرة) بأكثر من 85.7%، مقارنة بنحو 44.8% في عام 2014 ونحو 55% في عام 2013.
ورغم كل التفاؤل في التوقعات، والوعود التي أطلقها مصرف سورية المركزي لإعادة الليرة إلى قيمتها الحقيقية، انجرفت لأسعار من 210 ليرة للدولار بداية العام إلى قرابة 390 ليرة، علماً بأن الدولار كسر حاجز 400 ليرة لعدة أيام هذا الشهر.
وحتى رسمياً، أصدر مصرف سورية المركزي ما يزيد عن 285 نشرة خاصة بالمصارف وشركات الصرافة خلال عام 2015، رفع فيها سعر صرف الدولار أمام الليرة بأكثر من 70%.
واللافت للانتباه خلال تعاملات هذا العام، اشتداد وطأة المضاربة في السوق، واتساع نقاط الضعف في السياسات الحكومية التي شكلت ممراً آمناً للدولارات باتجاه السوق السوداء، دون وجود أي حل حاسم، بل على العكس من ذلك، لاحظنا انسياقاً للسعر الرسمي للدولار وراء الأسعار غير الرسمية، في فترات طويلة هذا العام.
ومن نقاط الخلل في سياسات الحكومة، تجاهل الطلب التجاري الحقيقي على الدولار، والخلل في تمويل موافقات الاستيراد من قبل المركزي، ولجوء التجار إلى السوق السوداء، واتساع ظاهرة التهريب التي تضغط على الدولار أمام أعين الحكومة، ما يجعل ترشيد الاستيراد بلا فائدة عملياً، أو بابا لاسترزاق البعض، إضافة إلى الأخطاء في بعض القرارات الحكومية في القطع المالي مثل حركة الدولار في قطاع التأمين، وتحديد أسعار بيع الدولار التدخل وعدم تحديد سعر للشراء من المواطنين قريب منه، ولا ننسى اللعبة الكبرى التي يديرها كبار المضاربين في السوق لجني الأرباح على حساب فقر المواطن وضعف اقتصاد الوطن.
مع التأكيد على أننا نقدّر تدهور الإنتاج الذي يعتبر القاطرة الرئيسية لسعر الصرف، لذا نتحدث عن سعر صرف حقيقي يعكس جميع العوامل المؤثرة في سعر الصرف، ويأخذ في الحسبان تدخل الدولة وقدرتها على ضبط السوق، ولنا في العامين 2013 و2014 دروس، عندما ارتفع الدولار إلى 335 في 9 حزيران 2013 ثم انخفض وأنهى العام عند 145 ليرة.واستقرار الدولار لأشهر عند مستوى 170 ليرة.
ونسأل: هل ستعيد السنة القادمة سيناريو الـ2015 في سوق الصرف، أم سوف ينتبه المعنيون أخيراً إلى خطورة الملف، لتبدأ المحاسبة الحقيقية؟ هذا ما نتركه للأيام القادمة.
قصة «الأصفر»
ارتفعت أسعار المعدن الثمين في الأسواق المحلية نحو 70% خلال عام 2015، إذ أنهت تعاملات الأسبوع عند 11800 ليرة لغرام 21 قيراطاً، الذي أنهى تعاملات العام الماضي عند 6950 ليرة.
وخالف الذهب محلياً اتجاهه العالمي خلال عام 2015، إذ هبطت أسعار الذهب في السوق الفورية 9% مسجلة خسائر للعام الثالث لأسباب أهمها التوقعات بأن يرفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة وهو ما حدث بالفعل هذا الشهر.
ويعود سبب الارتفاع الكبير في أسعار الذهب محلياً إلى ارتفاع سع صرف الدولار أمام الليرة السورية نحو 85.7% خلال عام 2015، وذلك في التعاملات غير النظامية، وبنسبة أقل في سعر الصرف المستخدم من جمعية الصاغة لتسعير الذهب. إذ تلجأ الجمعية لاعتماد سعر صرف وسطي للدولار بين السوقين النظامية وغير النظامية.
هذا وأظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي الصادرة من أيام أن سورية حافظت على احتياطياتها الذهبية حتى تاريخه دون تغيير، إذ يوجد لدى المصرف المركزي 25.8 طن ذهب، وهذه البيانات محدثة منذ شهرين.
وفي سياق آخر، تباينت توقعات أسعار الذهب خلال العام القادم، فبينما توقع المحللون في مؤسسة طومسون رويترز تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات هذا العام، مواصلة خسائر العامين الماضيين قبل أن تنتعش في 2016 بفعل تعافي الطلب في آسيا، تخالفهم بيانات وكالة التوقع الاقتصادي -التي اطلعت عليها «الوطن»- والتي تفيد بانخفاض أسعار الذهب في عام 2016 إلى مستويات جديدة دون 1000 دولار للأونصة، وأن يسجل أدنى مستوى منظور عند 928 دولاراً للأونصة في نهاية عام 2017، دون أن يرتفع سعر الأونصة صوب 1000 دولار حتى عام 2020.
بورصة دمشق: عام الحيطة والحذر
يبدو أن أفضل وصف للعام 2015 في بورصة دمشق هو عام الحيطة والحذر. إذ لم يرغب مستثمرو البورصة بتكرار تجربة الأداء الإيجابي للعام 2014 الذي بث تفاؤلاً في الأوساط المالية بعد أن تجاوزت تعاملات الأسهم 3.34 مليارات ليرة سورية، فاقتصرت تعاملات العام الحالي على نحو 1.2 مليار ليرة سورية، بالنسبة لجميع الصفقات العادية والضخمة وما بيع في المزادات.علماً بأن الأسعار لم تنخفض بشكل ملموس هذا العام، كما أن عدد الأسهم المتداولة هذا العام بلغت نحو 8 ملايين سهم مقارنة بأكثر من 25 مليون سهم في العام الماضي.
ويبدو أن انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين إثر الارتفاع الملموس في معدلات التضخم حدّت من قرارات المستثمرين للتوجه نحو الأسهم، إضافة إلى نشاط التعاملات في أسواق الصرف، الذي جذب إليه اهتمام الكثير من أصحاب الرساميل، رغم ارتفاع درجة المخاطرة فيه، بحثاً عن عائد أعلى على رأس المال.
ومن الملاحظ خلال مطالعة البيانات التراكمية لقيم التداول في سوق دمشق للأوراق المالية هذا العام، بروز ظاهرة التركّز بشكل فاقع، إذ حظيت أسهم خمسة شركات مدرجة من أصل 24 شركة؛ بأكثر من 75% من قيمة تعاملات عام 2015، هي الشركة المتحدة للتأمين، وبنك سورية الدولي الإسلامي، وبنك قطر الوطني، وبنك عودة، وبنك البركة.
في المقابل اكتفت أسهم لـ11 شركة بنحو 3% فقط من التعاملات، علماً بوجود أسهم لم تجر عليها ولا صفقة هذا العام، بسبب ظروف الحرب، كشركة نماء الزراعية.
أما بالنسبة لمؤشر السوق، فقد حافظ على تماسكه النسبي للعام الثاني على التوالي، فلم يفقد أكثر من 5% من قيمته هذا العام، على حين كان قد زاد بنسبة 1.74% عام 2014.
توقعات «الأسود»
هبطت أسعار النفط عالمياً إلى أقل من النصف في 18 شهرا وهوت إلى أدنى مستوياتها في 11 عاماً عند 36.04 دولاراً للبرميل خلال الأسبوع الماضي. وساهم هذا الانخفاض في تعزيز الطلب على الخام في الأمد المتوسط.
في هذه الفترة ارتفعت أسعار المشتقات النفطية في سورية عدة مرات، حتى أصبحت تباع بأسعار قريبة من تكلفتها للمواطن، بل وقد تحقق أرباحاُ في بعض الفترات، يأتي ذلك بسبب ارتفاع كلفة استيراد المشتقات بالليرة السورية، نظراً لانخفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية، وبدلاً من لجوء الحكومة إلى تحمّل هذه التكلفة الزائدة، نقلتها إلى المواطن، وخفضت من الاستيراد بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية، عملاً بما أسمته الحكومة «عقلنة الدعم»، ما ساهم في نشاط الأسواق السوداء، وأسواق البدائل كالحطب. وهنا نسأل: هل ستستمر الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية رغم التوقعات بانخفاض أسعارها عالمياً، وهل ستزيد من الاستيراد للحد من السوق السوداء؟ علماً بأنها سعّرت برميل النفط وفق السيناريو المتفائل في موازنة 2016 بنحو 70 دولاراً، ما يعني عائدات إضافية متوقعة للخزينة. وتوقع بنك غولدمان ساكس استمرار السعر بالانخفاض حتى 20 دولاراً للبرميل.الأمر الذي سخر منه المدير التنفيذي لشركة BP بون بيكينز في حديث لقناة CNN الأميركية، متوقعاً أن يرتفع سعر برميل النفط ليبلغ 70 دولاراً خلال أشهر، مؤكداً أن توقعات غولدمان ساكس مخطئة للغاية..
بدورها، تفيد بيانات وكالة التوقع الاقتصادي -التي اطلعت عليها «الوطن»- بأن أسعار النفط سوف تتراوح بين 38 و27 دولاراً للبرميل خلال العامين القادمين (2016- 2017).