يحل رمضان بيننا بعد يومين، فكل عام والجميع بألف خير، والله يعينكم على تمرير أيام هذا الشهر الفضيل بسلام وخير، والأسباب تعرفونها من دون تعدادها!.
يقولون: رمضان كريم، لكن الأغنياء ورجال المال والأعمال والتجار ترجموا هذه المقولة بأن رمضان كريم بالنسبة لهم فقط حيث يرفعون الأسعار ويزيدون أرصدتهم في المصارف والبنوك!.
أما الفقراء فعليهم الاقتصاد في الطعام والشراب إلى أقصى حد ممكن لأن كل المواد يرتفع سعرها في رمضان بما في ذلك شراب السوس أو العرقسوس، وكذلك عليهم أن يحضروا الشموع ويغنون مع أم كلثوم (إيدوا الشموع) أي أشعلوها عند الإفطار والسحور والله أعلم!.
وعلى سيرة العرقسوس ستجدون دكان بائع هذا الشراب الشهي في زاوية الشعلان في دمشق مزدحماً كالعادة والزبائن ينتظرون دورهم لأخذ حاجتهم منه، ومع أن هذا الدكان صغير للغاية حيث لا تتجاوز مساحته المترين، إلا أنه أكثر محلات بيع العرقسوس شهرة في دمشق، وبالتالي أكثر المحلات بيعاً لهذه المادة الرمضانية، فليس المهم طول وعرض ومساحة المحل ليكون عنوان الجودة والسمعة الطيبة.
وعلى سبيل المثال أيضاً، انطلقت حلويات نفيسة الشهيرة بالنابلسية والمدلوقة من دكان صغير لا تتجاوز مساحته المترين أو ثلاثة أمتار في باب سريجة، ومن هذا الدكان الصغير توسعت الأعمال وتفرعت إلى فروع عدة انتشرت في دمشق طولاً وعرضاً لتغطي أحياء دمشق، وهي محلات تضاهي في ديكوراتها وإضاءتها أفخم المطاعم من ذوات النجوم الخمسة، ومع ذلك هناك من يقول اليوم إن حلويات ذلك الدكان الصغير كانت أطيب من الحلويات اليوم، والله أعلم!.
رمضان يذكرنا باجتماع الأسرة على مائدة الإفطار وصوت الإعلامي الشيخ مروان شيخو، وبرنامجه اليومي «تحية الإفطار».
ويذكرنا بفترة السحور حيث كانت إذاعة دمشق تنقل وقائع هذه الفترة على الهواء مباشرة وهي تتضمن القرآن الكريم والإنشاد الديني مع توفيق المنجد وسليمان داوود وحمزة شكور، وقبل الانتقال إلى المسجد كان يأتينا صوت الشيخ علي الجمّال بدعاء روحاني يشرح الصدر.
قبل دخول التلفزيون إلى بلادنا كانت إذاعة دمشق هي وسيلة الإعلام الوحيدة التي تنقل كل الشعائر الدينية في هذا الشهر المبارك، إضافة إلى أنها كانت وسيلة الترفيه والتثقيف والبرامج المنوعة والمسلسلات السورية والمصرية على وجه الخصوص، فكانت تمثيليات القصاص الشعبي حكمت محسن تحتل الصدارة مع المخرج والممثل تيسير السعدي وأم كامل وأبو فهمي وغيرهم، ومن مصر سجل مسلسل»ألف ليلة وليلة»حضوراً لافتاً في إذاعة دمشق حيث كان الناس ينتظرونه بفارغ الصبر لما في حكاياته من تشويق.
ولرمضان أنواع من الأطعمة والحلويات التي ما كانت تظهر إلا في هذا الشهر، منها: النهش الذي لم يعد في متناول الناس هذه الأيام لغلاء سعره فصار لمن عنده فائض من مال، إضافة إلى الناعم (أو الجرادق) وهذا اسمه الحقيقي، وخبز خاص اسمه المعروك، وطبعاً الطبق شبه اليومي، أي الفول مدمس.
من الطبيعي أن يكون شهر رمضان حاضراً في الأغاني والموشحات الدينية، فنشيد «رمضان تجلى وابتسم» بأصوات رابطة المنشدين السوريين هو الأشهر سورياً، وربما عربياً، أما أشهر الأغاني بلا منازع فهي «رمضان جانا» للمطرب محمد عبد المطلب.
هذا عرض موجز لرمضان زمان، فكيف هو رمضان اليوم؟.. الرجاء عدم المقارنة كي لا يقع الظلم!! وكل عام وأنتم بخير.