القضية الفلسطينية في عيون الدراما السورية … كل ما عاشه الفلسطينيون نقلته الدراما بتفاصيله للمشاهد العربي
| مصعب أيوب
يكاد لا يخفى على أي عربي أن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط سببه الأول والأخير اغتصاب الأراضي الفلسطينية ولابد أن كل عربي يدرك أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه لإحلال السلام والمساهمة في استرداد الحقوق وإظهار الحقيقة، ولأن الدراما شكل من أشكال الواقع وتحكي بلسانه فلم تكن متهاونة نهائياً مع القضية الفلسطينية وسخرت لها إمكانيات كثيرة وساهمت بشكل كبير في تسليط الضوء على التجاوزات والانتهاكات التي كان وما يزال يرتكبها العدو الغاشم، ومن أفضل وأكفأ من الدراما السورية لتجسيد هذه الحالة ونقلها للجميع فكانت وما تزال تنفذ أعمالاً درامية تبرز أهمية القضية ومحوريتها وتبين الدعم الكبير الذي يقدم لها.
عز الدين القسام
بعد أن تصدرت القضية الفلسطينية وسائل الإعلام على اختلافها سارع صناع الدراما التلفزيونية لإنصافها وتسليط الضوء عليها والوقوف إلى جانبها فهي لم تغب عن الشاشة الصغيرة أبداً وكانت حاضرة دائماً وتم تجسيد الكثير من الحالات الإنسانية بالإضافة إلى التعديات الجغرافية ولم تقتصر الإنتاجات على جبهة التحرير الفلسطينية والقطاع الحكومي في سورية وكان للقطاع الخاص بصمة في ذلك، وكان أول الإنتاجات الدرامية في هذا الميدان مسلسل (عز الدين القسام) 1981 وهو من إخراج هيثم حقي وتأليف أحمد دحبور وهو يحكي قصة المجاهد السوري عز الدين القسام في فلسطين، ويحكي العمل فترة قدوم القسام إلى فلسطين بعد أن أصدر الاحتلال الفرنسي حكم الإعدام بحقه في سورية فذهب إلى فلسطين يستنهض همم الفلسطينيين ويحفزهم للدفاع عن أرضهم حيث أسس خلايا القسام في 1921 وقد سلط العمل الضوء على كافة تفاصيل تلك الحقبة وكان من أبرز أبطال العمل أسعد فضة ومنى واصف وأديب قدورة وهاني الروماني ومها الصالح ومها المصري وغيرهم.
بعد نضالي وإنساني
مسلسل عائد إلى حيفا جسد ملحمة وطنية مؤثرة في دراما النكبة الفلسطينية وتدور أحداثه حول رواية الأديب غسان كنفاني حيث نقلت النكبة الفلسطينية إلى ذهن المشاهد ليعيش عمق المأساة الفلسطينية، ويرسم في ذهنه حقيقة النكبة التي كانت أكبر من رواية، وأعمق بكثير من مجرد وطن احتله الأعداء، فرسم المؤلف شخصيات العمل بعنفوان وقدرة على المواجهة، لتروي أحداثه القضية الفلسطينية في بعدها النضالي والإنساني في حالة تراجيدية إنسانية وطنية، فتبدأ أحداث العمل عام النكبة، ويصور مراحل التشرد الفلسطيني والعذاب، وهي مراحل قد خاضها الكثير من الفلسطينيين بعد أن طردوا من بيوتهم وديارهم وتم حرمانهم من أرضهم وأهلهم، ويؤرخ المسلسل أحداث سقوط حيفا كل يوم بيومه عام 1948م، صور العمل في مدينة صافيتا الساحلية التي تتشابه طبيعتها ومديننة حيفا وذلك في العام 2004 وهو من إخراج باسل الخطيب وشارك في بطولته نورمان أسعد وسلوم حداد وصباح الجزائري وتيسير إدريس.
التغريبة الفلسطينية
من أبرز الأعمال الخالدة التي جسدت يوميات الفلسطينيين ومعاناتهم وكان له وقع كبير في قلوب المشاهد العربي وليس السوري فقط مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي كتبه الفلسطيني وليد سيف، فالعمل يحكي قصة عائلة ريفية بسيطة مؤلفة من الوالدين و5 أبناء ويصوركل تفاصيل حياتهم اليومية وترحالهم وهجرتهم وتنقلاتهم المتعاقبة فهم تعرضوا للظلم والظروف الصعبة بالإضافة إلى الفقر، تبدأ أحداث العمل في العام 1933 تزامناً مع عصر الإقطاع وتتتالى الأحداث والصراعات تباعاً، ليغطي العمل مراحل زمنية طويلة وأحداثاً كثيرةً، ففي بداية العمل يكون أبطال الحكاية أطفالاً ومع نهاية المسلسل تكون أعمارهم قاربت الخمسين ومنهم تيم حسن، فقد نشّط العمل الذاكرة الفلسطينية وصنعَ مخزونًا قِيميًّا يبقى للأجيال القادمة حيث تناول كل طبقات المجتمع الفلسطيني ومنهم العامل والطالب والمثقف والأم والأب الفقير.
أنا القدس
هو عمل مشترك سوري – مصري أخرجه باسل الخطيب وضم نخبة من نجوم الدراما السورية والمصرية ومنهم عابد فهد وكاريس بشار وفاروق الفيشاوي وصباح الجزائري وسعيد صالح وصبا مبارك وغيرهم، ويرصد العمل فترة زمنية حاسمة في تاريخ القدس بدأت منذ عام 1917 مع بداية احتلال الجيش البريطاني للقدس مع نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الانتداب البريطاني على فلسطين وصولاً لعام 1965.
يتحدث العمل عن مدينة القدس في تلك الفترة بكل ما يتعلق بجوانبها النضالية والأدبية والسياسية والاجتماعية من خلال خط درامي يواكب ظهور شخصيات بارزة في تاريخ فلسطين الحديث
فالعمل يصور القدس من منظورٍ إنساني وتاريخي، عندما كانت منارة تستقطب المفكرين والأدباء والشعراء. ويعتبر العمل وثيقة مهمة للأجيال الحالية التي لا تعرف الكثير عن تاريخ «زهرة المدائن»، لتتداخل الوثيقة التاريخية بالحبكة الدرامية ليروي عدة حكايا تتطور مصائرها بالتوازي مع الواقع المرير وانعكاساته.
قضية كل حر
في سؤال «الوطن» للمخرج بشار الملا عن كيفية تعامل الدراما السورية مع القضية الفلسطينية يجيب:
كانت الدراما السورية تضع القضية الفلسطينية على قائمة أولوياتها في المسرح والسينما والتلفزيون وتقدم لها نخبة الدراميين والفنانين والعاملين في الميدان الفني والثقافي، والدليل على ذلك فيلم رجال تحت الشمس لغسان كنفاني حتى مسلسل التغريبة الفلسطينية والاجتياح وفيلم «مذكرات فلسطينية» الذي يتحدث عن الصراع العربي ـ الصهيوني في «فلسطين» بين عامي 1882 و1949، والقائمة تطول
وأكد أن هذا كان بموقف داعم من الدولة السورية واعتبار القضية الفلسطينية هي أساس الحقوق العربية المغتصبة، وأضاف الملا أن كل الأحزاب والنخب الفكرية والسياسية في سورية مع كل الاختلافات بينها كانت وما تزال داعمة دائماً ومؤكدة أن القضية الفلسطينية قضية كل حر في العالم.