إطلاق العرض الخاص لفيلم «الصليب المكسور» في دمشق … نجدة أنزور لـ«الوطن»: السينما ترافق البندقية في سبيل تحرير سورية من الإرهاب
| مايا سلامي - تصوير: مصطفى سالم
أطلقت شركة «أنزور للإنتاج الفني» مساء أمس العرض الخاص الأول للفيلم الوثائقي «الصليب المكسور» من كتابة محمود عبد الكريم وإخراج يزن نجدة أنزور وتوثيق الدكتور محمد كمال الجفا والإشراف العام للمخرج والمنتج الكبير نجدة إسماعيل أنزور، في قاعة الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق.
ويكشف الفيلم خفايا تهجير مسيحيي قرى محافظة إدلب من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة، وخاصةً مما يسمى «الحزب الإسلامي التركستاني» بتواطؤ من قبل الخارجية الأميركية، سعياً إلى تحقيق مشروعها في استهداف مسيحيي المشرق.
وفي إطار سعي الشركة المنتجة إلى عرض فيلمها عربياً وعالمياً تحقيقاً لأهدافه الإنسانية تم عرض الفيلم برعاية اللجنة الوطنية للمغتربين السوريين في هولندا بحضور شخصيات دينية ودبلوماسية واجتماعية، إضافة إلى عروض أخرى له يتم التحضير لها في كل من بلجيكا وألمانيا وكندا، كما يجري التنسيق مع عدد من الفضائيات العربية والأجنبية لعرض الفيلم الوثائقي على شاشاتها.
بداية موفقة
في تصريح خاص لـ«الوطن» قال نجدة أنزور: «نحن كسوريين معنيون بهذه المشكلة التي يعرضها الفيلم، لأن الإمارة الإسلامية التي يشكّلها الحزب التركستاني تقع داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، وواجب علينا التصدي لهذا المشروع التقسيمي الإرهابي التكفيري لنضع النقاط على الحروف، وأعتقد أن هذا الفيلم بداية موفقة في سبيل طرح هذا الموضوع عالمياً، لكشف سياسة الغرب التي تكيل بمكيالين للسوريين».
وعن سبب اهتمامه بتوثيق جرائم الإرهاب بحق الأقليات أوضح أنزور: «شيء طبيعي أن يقوم كل شخص من خلال موقعه وأدواته بالتعبير عن الظلم الواقع على سورية وشعبها، فالسينما مهمة جداً وترافق البندقية في سبيل تحرير سورية من كل الإرهاب والفصائل غير الشرعية الموجودة على الأراضي السورية، وتعبث كما يحلو لها، فاليوم الشعب السوري واعٍ، وهذا الإقبال الكبير على الفيلم الذي نشاهده اليوم هو أكبر دليل على أن الشعب السوري يرفض كل أشكال التقسيم والتجزئة والإرهاب».
وفي سؤال عن سبب تسمية الفيلم أجاب: «الحزب التركستاني استولى على الكنائس وكسر الصلبان الموجودة فيها، فجاء الاسم من خلال نسيج العمل الذي قمنا فيه».
توجه خاص
بدوره، أشار مخرج الفيلم يزن أنزور لـ«الوطن» إلى أن فكرة الفيلم عرضت عليه وحاول تقديمها بطريقة فنية بعد اطلاع وقراءة مطولة حتى وصل إلى الصيغة المناسبة للعمل.
وأضاف: «عانينا مشكلة صعوبة الحصول على المواد الأولية مثل الصور عالية الدقة بسبب عدم قدرتنا على الوصول إلى تلك الأماكن، وأنا كمخرج أصور وأمنتج بيدي أحب أن أذهب وأصور وأوثق بنفسي لكن هذا الموضوع كان صعباً في ظل الظروف السياسية التي نمر بها».
وفيما يتعلق بالتعاون مع والده، كشف أن التعامل مع الوالد صعب جداً، فالأستاذ نجدة علم كبير، وأنا دائماً ما أقول إنه ليس لديّ طموح بأن أكون نسخة جديدة من نجدة أنزور لأنه شخص واحد فقط له قامة كبيرة، وأنا عندي توجهي الخاص البعيد عن السياسة ولكن ضمن ظلها، فأنا أحب تقديم شيء إنساني يعبّر عن الناس وما يعانونه.
وجوه غريبة
أما الدكتور محمد كمال الجفا، فكشف لـ«الوطن» أنه ابن محافظة إدلب وكان أول من راقب دخول مقاتلين بوجوه غريبة إلى داخل سورية عندما تم البدء بإسقاط النقاط الحدودية بين سورية وتركيا».
وتابع: «بالتالي بعد عام من دخول الأزمة في سورية كنت أقوم بجولة أسبوعية على كل القرى الحدودية في محافظة إدلب، ولفتت نظري هذه السحنات الغريبة عن المجتمع السوري وعن العرب، ـكما لفت نظري أيضاً منذ أول مجزرة في مدينة جسر الشغور أن من قام بها كانوا أناساً ملثمين، وعندما كنت أسأل عن هويتهم كانوا يقولون إنهم التركستان».
وأضاف: «بعد ذلك تتالت جرائمهم وكانوا يختبئون خلف معارضة سورية، كل العمليات العسكرية التي خاضوها ضد الجيش والمدنيين وتهجير أهالي جسر الشغور وحوض نهر العاصي، كان هؤلاء التركستانيون رأس الحربة في تلك العمليات الإرهابية».
وبالحديث عن الصعوبات التي واجهته قال: «هناك أناس وطنيون كثر في محافظة إدلب وهناك العشرات ممن عملوا معي ودفعوا حياتهم وألقي القبض عليهم من الإرهابيين، وبالتالي لدينا أيضاً 300 فيلم لم تعرض حتى الآن خوفاً على المندوبين في محافظة إدلب والوطنيين الذين ما زالوا يعملون لخدمة وطنهم سورية».
الجانب الواقعي
الأمين العام للاتحاد المسيحي اللبناني المشرقي فرانسوا علم قال: «هذا الوثائقي تضمن شقين، أحدهما حزين عندما شاهدنا الأحداث المؤلمة التي مرت بتلك المنطقة، والثاني كان فيه شيء إيجابي يتعلق بالتركيز على الجانب الواقعي الذي تضمن كماً كبيراً من المعلومات الدقيقة التي تظهر الحقائق التي حاول منظمو الحرب على سورية إخفاءها تحت ستارة الثورة.
الجغرافيا السورية
وفي كلمة ألقاها أمام الحضور، قال الكاتب والباحث اللبناني غسان الشامي: «أحيي الأرواح التي أينعت في هذه الأرض كروماً وشموعاً وسياجات من شقائق وجوري، لا يستوي الحديث عما حل بمسيحيي إدلب من دون الحديث عن صليب كل سوري، صحيح أن إدلب محافظة جديدة استحدثت عام 1958 في الجغرافيا السياسية السورية، لكن أرضها تعود إلى مطالع الزمان والحرف والزيت والسراج، هي اللون الأخضر الغامق في المشرق، تعود إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، مملكة إبلائية عرفت فصل الدين عن الدولة وأنتجت مكتبة ورقيمات.
وأكمل: «في تلك المنطقة بنى المعماريون السوريون كنائس نسفها المحتل الفرنجي في دياره، إنها المدن الميتة وليست المنسية، فالنسيان أبشع من الموت، إنها المدن التي كانت مصنع زيت وخمر العالم القديم ومركزه الروحي».
ووجه شكره إلى كل من فكر بأن يلقي الضوء على المسيحيين وحالهم تحت احتلال وعسّ أوباش الزمن المعاصر، بالطبع إن معاناة مسيحيي جسر الشغور وتهجيرهم مذبحة بحق ذاتها، ومن بقي منهم يحمل بين أضلعه ملح هذه الأرض.