مع بدء حملة الانتخابات العامة في الولايات المتحدة يحاول فريق الرئيس الحالي والمرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن طرح عدة ملفات قد تكسبه الرئاسة لأربع سنوات أخرى، ومن أبرز تلك الملفات هو الملف الاقتصادي الذي كان وما زال أكثر الملفات أهمية بالنسبة للشارع الأميركي.
يرى الكثير من المراقبين أن فريق بايدن حاول مدة طويلة إنجاح ما سمته الصحف الأميركية «بايدنومكس» أي «الاقتصاد على طريقة بايدن»، لكن مع تقدم الرئيس السابق دونالد ترامب قائمة المرشحين الجمهوريين للرئاسة، يحاول فريق بايدن تطبيق إستراتيجية اقتصادية جديدة تعتمد على تصوير ترامب كمرشح يدعم تخفيض الضرائب على الشركات وتصوير بايدن على أنه كابوس للأثرياء، ما يعتبر تحولاً شعبوياً يهدف إلى التغلب على شكوك الناخبين بشأن حالة الاقتصاد من خلال نقل النقاش بعيداً عن الاستفتاء على بايدن إلى الاختيار بين الحزبين الرئيسيين، ويقول أحد العاملين في فريق بايدن: إن «استطلاعات الرأي أظهرت أن أغلبية الناس يعتقدون أن بايدن يهتم بأشخاص مثلهم وترامب لا، لذلك سيكون هذا جوهر الهجوم الاقتصادي».
لا تزال تفاصيل هذه الإستراتيجية قيد المناقشة ولم يتم الانتهاء منها بعد وفق مراقبين، يعتبر مساعدو بايدن أن خطاب حالة الاتحاد المقرر في آذار المقبل سيكون منصة يتم من خلالها طرح الإستراتيجية الجديدة والبيان للأميركيين أن السباق يمثل خياراً واضحاً بين الوقوف إلى جانب الطبقة العاملة أو الأثرياء.
وقال أشخاص مطلعون على المناقشات: إن مسؤولي مجلس النواب يميلون نحو اقتراح قائمة موسعة من الزيادات الضريبية على الشركات وعلى أولئك الذين يكسبون أكثر من 400 ألف دولار كجزء أساسي من الخطاب، ويجري أيضاً مناقشة طرح هذه الضرائب الجديدة كوسيلة لتمويل مزايا الضمان الاجتماعي، ما يؤكد التزام بايدن بحماية البرنامج.
لم يكن بايدن وحده الذي سوّق نفسه مدافعاً عن الضمان الاجتماعي، بل ترامب أيضاً قام بتقديم نفسه مدافعاً عن البرنامج، ما لم يُبق لفريق بايدن سوى الضرائب للتميز بها، فهم سيركزون بشكل خاص على الإنجاز التشريعي لترامب المعروف بقانون عام 2017 القاضي بخفض الضرائب على الشركات، وأثبتت هذه التخفيضات الضريبية عدم شعبيتها إذ أدت إلى تدن كبير في شعبية ترامب، ونقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤولين في إدارة بايدن اعتقادهم أنه «خلال السنوات الست التي تلت ذلك، أصبح القانون أكثر أهمية بالنسبة للناخبين ذوي العقلية الشعبوية المتزايدة في البلاد».
من الملاحظ أن بايدن قد بدأ بالفعل في دمج المزيد من الانتقادات المباشرة لترامب في خطاباته الاقتصادية، وأخبر حشداً من الناس في ولاية ويسكونسن في وقت سابق من هذا الأسبوع أن «سعي الرئيس السابق للحصول على إعفاءات ضريبية على الشركات ساهم في تفريغ الطبقة الوسطى»، أما في خطاب ألقاه في ولاية نورث كارولينا فقد قال بايدن: «إن ترامب هو الرئيس الوحيد الذي حكم لأربع سنوات وخسر الأميركيون وظائفهم»، ويتوقع المراقبون أن يصعّد بايدن خطابه ضد «التلاعب بالأسعار» في الشركات، مقدماً نفسه على أنه حصن ضد الشركات الجشعة التي تجعل الأميركيين «يشعرون وكأنهم يتم التلاعب بهم كأنهم مغفلون» على حد تعبيره، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض مايكل كيكوكاوا عن أولويات الإدارة: «الرئيس بايدن ونائب الرئيس (كامالا) هاريس يقاتلان من أجل الطبقة الوسطى وليس المصالح الخاصة في وول ستريت»، أي في شارع البنوك.
أمضى بايدن الأشهر الستة الماضية في محاولة للترويج لأجندته الاقتصادية تحت شعار «اقتصاد بايدن» أو «بايدنومكس»، لكن هذا الجهد طغى عليه الإحباط المستمر بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وحتى مع تحسن نظرة الأميركيين للاقتصاد خلال الشهرين الماضيين بقيت معدلات الموافقة على رئاسة بايدن منخفضة، ويعتقد الديمقراطيون أنه إذا تمكن بايدن من إقناع الناخبين بأنه سيضعهم على الطريق نحو اقتصاد مستقبلي أكثر عدالة، فقد يكون ذلك كافياً لتحييد مخاوفهم بشأن الاقتصاد الحالي وبالتالي الفوز بالانتخابات.
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة