اخرجوا من «القن»!
| علي هاشم
من لم يكن على دراية- طوعاً أو قهراً- فقد بات اليوم، وما قاله رئيس اتحاد المصدرين، لن يعود للحكومة بعده أن تقترف ما كان لسابقاتها أن يفعلنه.
في مقال له الأسبوع الماضي، فكك الرجل مغزى المضغوطات المهدئة التي داوم التجار على وصفها لاقتصادنا الوطني وما نجم عنها من تضخم هائل في مستورداته، ووضع إصبعه في عين (جنون) بقاء حبل استهلاك السلع المتدفقة عبر الحدود -تهريبا واستيرادا- على غاربه، وفقأ (دملة) حكومات ناورت في وصف ذاتها كـ (حكومات حرب)!، إلا أن أكثر توصيفاته جزالة تجلى في وصم دعاة الاستيراد عبر (التمويل الذاتي) بـ(الكذب) دون مواربة، مفندا دأبهم على التسبيح باسم أساطير (مصلحة المواطن) لـ(لي عنق) وعينا بما يتربص اقتصاد هؤلاء المواطنين من مخاطر جسيمة جراء استيرادهم الشره.
كان الرجل عادلا في وصف (كهنة السوق) ممن تغلغلوا في القمصان الداخلية للحكومة وحاكوا قطنها (بأناملهم)، قبل أن يحشروا فريقها الاقتصادي في (قن ماسي) جاعلين منه دجاجتهم التي تبيض ذهبا، ومن هناك، خاضوا حربهم باسم (الاقتصاد الوطني)، عليه!.
في مؤتمراتهم و(أربعائياتهم الاقتصادية)، داوم هؤلاء على ترتيل دواوين (يجب ونطالب) بكل ما يعمق الهوة السحيقة بين دفتي ميزاننا التجاري، ولا زالت صور كل منهم معلقة في ذواكرنا حين أرعدوا رفضا لـ(لائحة المستوردات السوداء) التي (فكر) وزير الاقتصاد الأسبق بإطلاقها، فماتت صناعات وطنية بكاملها على طاولة الإنعاش.
أفرطوا في فضح (شركاهم) في الجمارك لدى اقترافها جرم ضبط المنافذ الحدودية، وتربصوا- للمفارقة- بعناصر السلك على الطرقات العامة ومنعوهم من ممارسة عملهم بذرائع (حماية كرامة رجالات الاقتصاد الوطني)، وساعة حاول رجال الرقابة الجمركية نقل نشاطهم إلى رفوف المتاجر التي تعج بالمهربات، امتشق تجارنا سيف (سوق النقد الأسود) مستسهلين دق عنق الاقتصاد الوطني أمام تقلص (بعضٍ) من أرباحهم وهيمنتهم؟!، وفي مرحلة لاحقة، أفسحوا رزمة من (أربعائياتهم) تلك لضمان تدفق المهربات من حرم الموانئ إلى الأسواق!.
رفضوا الأسعار التأشيرية وشنوا هجوما ضاريا على قانون حماية المستهلك، وكافحوا التسعير الإداري ومارسوا (كاميكازية) التضحية برصانتهم المصطنعة -عدة شغلهم- لدى افتضاحهم شركاء لهم في الرقابة التموينية بوصفهم (جماعة الـ10 آلاف ليرة)؟!…
حسنا أن ألقى رئيس الاتحاد قنبلته مع انطلاقة حكومة جديدة (لا تتحمل وزر أخرى) ولديها كل الفرصة للتحرر من غواية التجار، كلام الرجل بمثابة (نقطة في آخر السطر)، وعلى من يعنيه الأمر أن يبدأ الكتابة من التالي.