ممثل (البوليساريو) في المشرق العربي أثنى علىدعم دمشق والجزائر للجبهة.. واعتبر أن الأزمة السورية افتعلت ضد أنظمة الخط الأمامي … محمد الأمين في حديث لـ«الوطن»: السعودية تستخدم المغرب أداة لتنفيذ حروبها في كل مكان
| سامر ضاحي – تصوير طارق السعدوني
أكد ممثل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) في المشرق العربي مصطفى محمد الأمين، أن الأزمة السورية افتعلت ضد أنظمة الخط الأمامي في مواجهة بعض المشاريع المعروفة تاريخياً في المنطقة، متهماً السعودية بشن حرب على الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية «ولا ندري لماذا»، وأن الرياض تقود «النادي الملكي المتضامن في الوطن العربي»، وتستخدم المغرب «أداة لتنفيذ حروبها في كل مكان» على حين كانت الجزائر وسورية تدعمان بلاده، بعدما باتت الجامعة العربية «غير موجودة».
وفي حوار مع «الوطن» كشف محمد الأمين أنه موجود حالياً في سورية لتطوير العلاقات السورية الصحراوية، معبراً عن أسفه لأن مكتب (البوليساريو) بدمشق «مغلق حالياً»، ومؤكداً السعي لما هو أعمق من إعادة فتح المكتب. وأضاف «نسعى كذلك إلى أن يظل وجودنا في سورية وجود عملي وفعلي وتضامني لربط علاقات آنية ومستقبلية، وتواصل العلاقات التاريخية القائمة بين الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وسورية».
الأزمة السورية افتعلت ضد أنظمة الخط الأمامي
واعتبر محمد الأمين أن الأزمة السورية افتعلت ضد أنظمة الخط الأمامي في مواجهة بعض المشاريع المعروفة تاريخياً في المنطقة، ودمشق كان عليها أن تدفع ثمن مواقفها، مشدداً على أن الشعب السوري صامد وقوي في مواقفه والدولة السورية قوية وصامدة والنظام السوري كذلك موجود وأبدى حكمةً وتبصراً وصموداً ودافع عن شعب سوري متمسك بأرضه وعروبته. وأكد أن دمشق اليوم رغم كل الأزمة ما زالت أرض كل العرب، وأبوابها مفتوحة لكل عربي ليست لديه أي نيات سيئة تجاه الشعب السوري.
وتطرق ممثل الجبهة التي تسعى لتحرير الصحراء الغربية من «الاحتلال المغربي» إلى الوضع داخل مدينة دمشق التي قال إنها «دائماً في العقل والقلب والروح ومهما قيل عنها تظل دمشق فوق كل اعتبارات»، واصفاً الوضع داخلها ب«العادي جداً، وليس فيها كل ما يصور من تهويل إعلامي يصور المدينة على أنها انتهت وتصور من خلال قذائف وصواريخ ودم وقتل بل دمشق موجودة وسورية موجودة من خلالها».
وحول قضية «الصحراء الغربية» قال محمد الأمين: إن نظام المملكة المغربية بعد 41 سنة من اجتياحه الصحراء الغربية وجد نفسه محاصراً على المستوى الدولي تلاحقه أخطاؤه وأفعاله الشنيعة، فالاتحاد الإفريقي رفض إلا أن ينصاع المغرب لقرارات الشرعية الدولية، والأمم المتحدة تطالبه منذ عام 1963 بأن هذه الصحراء المغربية مستعمرة وآخر مستعمرة في إفريقيا ويجب تصفية الاستعمار منها، ومحاكم الاتحاد الأوروبي تبطل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع المغرب بسبب احتلال المغرب للصحراء الغربية ولا يعترف الاتحاد ولا أي دولة من دوله بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. وأضاف: النظام المغربي وجد نفسه محاصراً بأفعاله فحاول أن يأتي بمتنفس بتصدير أزمة من جديد باتجاه الخط العسكري وتقدم لخرق ما يعرف لدينا ولديهم بالاتفاق العسكري رقم واحد بتجاوز خط الهدنة الذي تم الاتفاق عليه سنة 1991.
وتابع: هذا الخرق قوبل برد تام سواء على المستوى الميداني العسكري أو على المستوى القانوني الدولي من سلطات الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ومن طرف جبهة (البوليساريو) وأدى الموقف المغربي إلى توتر إلى أن أصبحت قوات البلدين يفصلها عن بعضها 120 متراً فقط.
واعتبر، أنه ونتيجة ذلك، فإن الأمم المتحدة التي تقود العملية السلمية منذ 1991 إلى اليوم «وجدت نفسها مجبرة أن تشارك في تهدئة الوضع وإلا عدنا إلى المربع الأول أو إلى المربع صفر، وتقدمت بمجموعة من الاقتراحات كلها قد تكشف عن نيات طيبة تجاه الحفاظ على السلم وعلى تهدئة الوضع والعودة بالوضع إلى ما كان عليه والانطلاق بمفاوضات ولكنها لم تأت بنتيجة حتى الساعة وما زال الوضع متوتراً، وأصبحت الهدنة هشة أكثر»، معتبراً أن مقترح الأمم المتحدة إلى حد الساعة لا يعتبر مقترحاً فعالاً لأنه لا يعيد الأمور إلى نصابها وإنما فقط مطالبات بالعودة إلى الوضع القائم والمقترحات التي تقدموا بها ما زلنا نريد منها أكثر». وأضاف: «نوجه للأمم المتحدة اللوم..».
وتحدث محمد الأمين عن «طرد المغرب» للمكون المدني «المينورسو» (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) الأمر الذي اعتبره المغرب قراراً سيادياً لا رجعة عنه ولكن بعد أشهر تراجع عن القرار السيادي وبدأ العودة التدريجية إلى هذا المكون المدني، معتبراً أن «هذا كله لا يكفي لأنه دائماً هناك ظالم ومظلوم».
الجامعة العربية غير موجودة.. والدول العربية نأت بنفسها
وحول دور الجامعة العربية من أزمة بلاده تساءل محمد الأمين مستغرباً «من يتكلم عن الجامعة اليوم؟، وعندنا مثل شعبي يقول: «إن العزيز لا يموت» والعزيز هنا قد يكون الجامعة العربية لأنها تحمل هذا الاسم. وأضاف: نكن المحبة والعطف لكل ما هو عربي ولكن أين هم العرب؟ العربي الذي يتآمر علينا في أطراف هذه الأمة! والعربي الذي يخوض علينا الحروب في قلب الأمة!.. الجامعة العربية غير موجودة».
أما دور الدول العربية، فرأى محمد الأمين أن كلاً منها نأى بنفسه عن نفسه، وأضاف: أين فلسطين اليوم على سبيل المثال في كل هذه الدوشة (الضجة) الإعلامية؟ إن الدول العربية اصطفت مع البدعة المغربية، وقضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار في البداية وفي النهاية وما زالت إلى اليوم مصنفة كذلك على مستوى القانون الدولي، ولكن الدول العربية اصطفت مع البدعة المغربية وهو استعمار عربي لأخيه العربي، ونحن نعتبر أن المغرب دولة محتلة لأرض الصحراء الغربية بالقوة، ودامت الحرب 16 سنة ولولا تدخل الأمم المتحدة لما توقفت، والجامعة العربية وكذلك الدول العربية لم يكن لها دور في هذا الأمر باستثناء القلة القليلة.
الجزائر الداعم العربي الوحيد.. ولا يمكن أن ننسى مواقف سورية
وحول اتهامات المغرب للجزائر بالتدخل في قضية الصحراء الغربية ودعم (البوليساريو) قال محمد الأمين: تطور الخطاب المغربي بداية من اتهام الشعب الصحراوي وجبهة (البوليساريو) بأننا شذاذ آفاق مستقدمون من فيتنام ومن كوبا للمقاتلة ضده، وبعد ذلك اتهمنا بأننا مرتزقة جندهم القذافي، بعدها أصبح يقول إنها قضية مفتعلة من الجزائر ولا ندري ماذا سيقول غداً، معتبراً أن «موقف الجزائر موقف عروبي يناصر الحق فهي ناصرت الحق في فلسطين وناصرته في تيمور الشرقية، وناصرته في المستعمرات البرتغالية وتناصره في الصحراء الغربية التي تقع على حدودها، ولنا عليهم حق الجوار وحق العروبة وحق الأخوة وحق الثورية، والجزائر قادت ثورة عظيمة يشهد لها التاريخ وهي تعرف معنى حق تقرير المصير ومعنى الحرية والاستقلال. واستطرد قائلاً: إن المغرب في كل مرة كالغريق يحاول التمسك بقشة، اليوم تتهم الجزائر وعلاقاته متوترة مع موريتانيا والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي لأنه لا يوجد أي دولة بمن فيهم المناصرون والداعمون عسكرياً ومخابراتياً للمغرب يعترفون بسيادته على الصحراء الغربية، واتهامهم للجزائر باطل.
ومضى يقول: إن الجزائر هي الداعم العربي الوحيد، ومن دون تنكر للتاريخ، حيث لا يمكن أن ننسى مواقف سورية وفلسطين وليبيا، والجزائر كذلك هي الحاضن وهي العلاقات الجيدة وهي الجارة الذي يرفض الضيم لجاره، وهي تدعم الحق وتطالب باستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وتطالب باحترام إرادة الصحراويين وإجراء استفتاء فيها لتقرير مصير الصحراويين وتقول إذا أراد الصحراويون أن يكونوا مغاربة فبارك الله لهم، وإذا أرادوا أن يقيموا دولتهم فلهم ذلك لأنه عندما قام المغرب باقتسام الصحراء مع موريتانيا في سنة 1975، عرضوا على الجزائر أن يكون لها جزء من الكعكة والجزائر رفضت وقالت لهم لا نحتاج إلى صحارٍ ولا إلى أراض وليست لنا مطامع في الصحراء الغربية، ومازالت على هذا الموقف.
لا ندري سبب الحرب السعودية علينا
وشن محمد الأمين هجوماً لاذعاً على الدور السعودي في قضية بلاده، وقال: نحن لا نرى السعودية إلا من خلال المغرب، إنها تساند وتدعم الموقف المغربي، والسعودية شنت علينا الحرب، ونحن لا ندري لماذا..!
وأضاف: نحن لم نجاهر ولم نخف لها عداوة سابقاً لكنهم بادروا بالعداوة تجاهنا في الكثير من مناحي الحياة، والأهم أنها مولت المغرب عسكرياً.. مولت الحرب العسكرية ضدنا، ومولت الأحزمة الدفاعية والقوات الجوية المغربية والجيش الملكي المغربي ضدنا، وما زالت مستمرة بل طورت هذا الاعتداء علينا، إلى درجة وصلت إلى محاولات الاستثمار في الصحراء الغربية، رغم أن السعودية لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية رسمياً في الأمم المتحدة، ولا تعترف بها رسمياً في الجامعة العربية، فالسعودية تتخذ من المغرب أداة لتنفيذ حروبها في كل مكان وهم النادي الملكي المتضامن في الوطن العربي.. والمغرب قدم خدمات في اليمن والعراق ومناطق أخرى سواء للسعودية أو لإسرائيل، بالتالي المغرب متورط مقابل ما يقدم له فيما يشنه علينا من حرب ومقابل ما يشنه على المنطقة المغاربية من حرب وافتعال المشاكل.
وأضاف: إن الحرب في الصحراء الغربية استمرت 16 سنة ولم تأت أكلها لهم بأي شي ورغم التمويل البترودولار الداعم للجيش المغربي الذي خسر، لم يحصلوا على النتيجة التي يرجونها بدليل أننا بعد اتفاق الهدنة سلمنا المغرب 3500 أسير حرب مغربي على حين هم سلمونا 65 أسيراً فقط، والحرب لم تكن لمصلحتهم ما اضطرهم إلى بناء جدار فصل عازل كالذي بنته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة طوله 2700 ومحفوف ب7 ملايين لغم أرضي شطروا به الصحراء الغربية من شمالها إلى جنوبها، وهذا كله بتمويل من كل دول البترودولار العربية السعودية وغير السعودية. السعودية لا يمكن أن تقدم أكثر مما قدمته لكن بإمكانها الاستمرار فيه ونحن نأمل ألا تفعل ذلك.
وحول رفض الاتحاد الإفريقي مؤخراً قبول عضوية المغرب، أكد محمد الأمين، أن المغرب حاول أن يكون مخادعاً تحت شعار العودة إلى إفريقيا، وهو أصلاً لم يكن عضواً في الاتحاد بل في منظمة الوحدة الإفريقية التي انسحب منها عام 1984، لأنها اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي أصبحت عضواً في المنظمة وتحولت المنظمة بكاملها إلى الاتحاد الإفريقي، والجمهورية الصحراوية دولة مؤسسة في هذا الاتحاد، وقوانين قبول الأعضاء الجدد وإجراءاتها مفتوحة أمام كل البلدان الإفريقية التي تريد الانضمام إليه، والمغرب لم يمر بهذه الإجراءات، بل أراد القفز عليها، ومحاولة الدخول المباشر في الاتحاد، فالمفوضية ورئاسة الاتحاد لم ترفض الطلب المغربي، وإنما قالت له يجب أن تمر بالإجراءات الطبيعية العادية وسيقدم طلبك إلى رؤساء القمة الأفارقة للتصديق عليه، المغرب كذلك اشترط، وهذا سوء نية، لعودته أو لدخوله بأن يقصي الجمهورية العربية الصحراوية عن الاتحاد وهي عضو مؤسس لا يمكن إقصاؤها، فالمغرب هو الذي يخلق المشاكل بنفسه ولنفسه.
وختم الأمين حديثه بالقول: إن هذا النزاع وهذه القضية هي قضية تصفية استعمار مسجلة لدى الأمم المتحدة منذ عام 1965 إلى اليوم وما زالت تتكرر هذه الصفة، وإن كل الكرة الأرضية مجمعة على أن الاستفتاء هو الحل لتقرير مصير الشعب الصحراوي وهو الحل الأنسب بدلاً من العودة إلى السلاح، لا سلاح مغربي، ولا سلاح سعودي، ولا سلاح إسرائيلي، ولا أي سلاح في الدنيا يستطيع أن يقهر الشعوب، معرباً عن أمله بأن تتحلحل الأزمة السورية، وأن تعود سورية إلى وضعها الطبيعي.