رهان صائب

| خالد عرنوس

نجح المدرب البلجيكي هوغو بروس في كتابة تاريخه الخاص في كتب كأس الأمم الإفريقية بكل روعة بعدما أصبح أول بلجيكي ينجح في التتويج بلقب الكأس السمراء، وقد جاء من الصفوف الخلفية ليتصدر مدربي منتخبات القارة من دون مقدمات كثيرة سوى العمل بصمت وتحمل الصعاب وتجاهل الانتقادات فكان أن ضحك أخيراً لتأتي ضحكته عالية مجلجلة.
قصة بروس البالغ من العمر 64 عاماً تستحق أن تروى ففيها الكثير من العبر والدروس فهذا المدرب الذي مثل كبيري الكرة البلجيكية (أندرلخت وبروج) لاعباً في قرابة 500 مباراة لم يكن مدرباً كبيراً على الرغم من تحقيقه عدداً من البطولات مع نادي بروج وكان الفشل حليف تجاربه الأخرى في تركيا والإمارات وأخيراً الجزائر.
وحتى عندما تعاقد معه الاتحاد الكاميروني قبل نحو العام لاقى تعيينه هجوماً لاذعاً من نجوم الكرة في الكاميرون وعلى رأسهم روجيه ميلا الذي لم يجد فيه مدرباً يلبي طموح الأسود غير المروضة.
بروس دخل الرهان بصبر فحقق الأهم من خلال التأهل إلى النهائيات الإفريقية ثم دخل التصفيات المونديالية ولم تكتمل فرحة التعادل بالجزائر فكان التعادل في ياوندي أمام زامبيا ليعيد الكاميرونيين إلى أرض الواقع، وتلقى بروس والاتحاد الكاميروني صفعة كبيرة على أبواب النهائيات القارية برفض عدد من النجوم المعول عليهم الالتحاق بالمنتخب في البطولة، وسانده الاتحاد في محاولة للضغط على هؤلاء اللاعبين الذين لم يذعنوا وغابوا عن معترك الغابون. بروس الذي سبق له إبعاد عدد من الرموز بدوره راهن على مالديه من اللاعبين على الرغم من إقراره بخسارته بعض الخيارات لكنه دخل البطولة متحدياً فأعطى لاعبه جرعة معنوية بقوله: إن المنتخب الكاميروني قادر على التهام أي منافس في البطولة والوصول إلى اللقب. هذا التصريح نسيه الكثيرون وسط صعوبات رافقت الأسود غير المروضة إلى نصف النهائي وهناك كانت الانتفاضة الأكبر بالتغلب على الغانيين بهدفين، وفي النهائي لم يرهبهم تقدم المصريين بهدف فكان أن عادوا بهدفين بعد مباراة للذكرى كانت الأفضل في مشوار التتويج باللقب الخامس واستحقوا عليها أن يستعيدوا الأمجاد بعد غياب 15 عاماً. إذاً الكاميرون بطل إفريقيا للمرة الخامسة والفرحة الأكبر للاتحاد الكاميروني الذي راهن على مدربه وعلى (من حضر) وبالطبع فإنه من حق بروس أن يتلقى التهاني وأولها كان من أسطورتي الكاميرون (ميلا وإيتو) اللذين صفقا طويلاً للإنجاز المستحق.