مخططات«الهيئة» تهدد بشهر ساخن
| عبد الله علي
تأكيداً لما نشرته «الوطن» حول «خطة الجولاني» الهادفة إلى إفشال العملية السياسية وإقامة «نواة دويلة» في إدلب وريف حماة، وكذلك إعادة تفعيل جسور الدعم مع بعض الدول المؤثرة ولاسيما تركيا والسعودية، صدر عن «هيئة تحرير الشام» التي تهيمن عليها «جبهة النصرة» مقطع فيديو للتعريف بـ«الهيئة» وقياداتها وأهدافها ومبادئها. وكان لافتاً أن هذا التعريف تضمن معلومات تكاد تكون متطابقة مع تقرير «الوطن».
وبدأ المقطع بالحديث عن تشكيل «هيئة تحرير الشام» وتعداد الفصائل المشاركة فيها وتلك التي بايعتها لاحقاً، كما ذكر أسماء أهم الشخصيات القيادية والكيانات العسكرية التي انضمت إليها تباعاً. وشدد البيان التعريفي المصور على أن «تشكيل الهيئة جاء إنقاذاً للساحة من التجاذبات العسكرية والسياسية التي قامت بين الفصائل».
وبالنسبة إلى أهداف «الهيئة» فهي بحسب البيان: تصحيح مسار «الثورة»، وإنشاء جسم عسكري وسياسي موحد يهدف إلى إعادة الثورة إلى سيرتها الأولى ويتعهد بالإغارة على مواقع النظام وثكناته حتى إكمال مسيرة التحرير».
غير أن النقطة الجوهرية التي ذكرها البيان هي أن «هيئة تحرير الشام» قامت على مبادئ الاندماج الخمسة نفسها التي وقعت عليها أغلبية الفصائل قبل أن تسحب «أحرار الشام» توقيعها لأسباب لم يحددها البيان، وهذه المبادئ هي»:
– حاكمية الشريعة غاية الجهاد والثورة، ونبذ الديمقراطية والعلمانية.
– رفض العملية السياسية المفضية للاستسلام وإعادة إنتاج النظام.
– إقامة نظام حكم إسلامي يقوم على الشورى.
– إقامة علاقات متوازنة مع الجهات المؤثرة.
– عدم وضع ملف المهاجرين ورقة مساومة سياسية.
وبذلك تكون هذه المبادئ الخمسة بمنزلة وثيقة التأسيس للهيئة الوليدة، ومن المفترض أن تحكم أداءها وسياساتها في المرحلة القادمة.
وكانت «الوطن» قد أشارت في تقرير نشر الثلاثاء، إلى نيّة «هيئة تحرير الشام» إقامة «دويلة أو إمارة» في إدلب وريف حماة بعد الانتهاء من ملف «جند الأقصى»، ثم العمل على تشكيل «حكومة خدمية»، على أن يكون الهدف النهائي هو إفشال العملية السياسية وسحب البساط من تحت أقدام الهيئات السياسية ووفود التفاوض التي تمثل المعارضات السورية. كما تحدث التقريرعن مساعي «الهيئة» للتعامل بندّية مع الدول الداعمة وهو ما أشار إليه البيان التعريفي بـ«علاقات متوازنة مع الجهات المؤثرة».
ويعتبر إصدار هذا البيان التعريفي خطوةً أولى من «الهيئة» للشروع بتنفيذ مخططها السابق. ومن المتوقع أن تتسارع خطا «الهيئة» بهذا الاتجاه في الأيام والأسابيع القادمة، وخاصةً أنها بدأت تستشعر أن المهلة الزمنية المتاحة أمامها للمناورة على بعض الهوامش أقصر مما ينبغي.
وحسب معلومات حصلت عليها «الوطن» من مصدر خاص، فإن «الهيئة» وضعت لنفسها مهلة شهر كحد أقصى لتنفيذ مخططها السابق والتوصل إلى «إقامة الدولة السورية الإسلامية» لتكون بذلك ثاني دولة إسلامية تقام فوق الأراضي السورية بعد «دولة داعش» التي أعلن عنها عام 2014. والغاية من تحديد المهلة بشهر واحد، هي محاولة استباق المساعي الإقليمية والدولية لحل الأزمة السورية والعمل على قلب الطاولة على جميع اللاعبين قبل ذلك.
ولن تقتصر محاولات قلب الطاولة على مسعى «إعلان الدويلة» وحسب، بل سترافقه خطط عسكرية يجري العمل حالياً في أروقة «الهيئة» على وضعها وتدقيق ما انتهى منها. وستهدف هذه الخطط إلى محاولة تغيير المعادلة الميدانية التي ترسخت بعد هزيمة حلب والتي أدت من حيث النتيجة إلى انطلاق المسار السياسي الحالي. ويجري الحديث هنا عن أربع معارك كبيرة تخطط «الهيئة» للقيام بها من أجل تحقيق هذا الهدف.
وربما هذا ما دفع «الهيئة» إلى محاولة إنهاء ملف «جند الأقصى» عبر تسوية تقضي بتسليم السلاح الثقيل وخروج القيادات والعناصر إلى مناطق سيطرة «داعش». لأن ذلك يؤمن لها مزيداً من السلاح الذي قد تحتاج إليه في معاركها ضد الجيش السوري، كما أنه يمنع استنزافها وتعرضها لخسائر كبيرة فيما لو طالت المعركة ضد «جند الأقصى» وخاصةً أن ضيق الوقت يمثل عاملاً ضاغطاً على «الهيئة» في هذه المرحلة.
وبغضّ النظر عن احتمال نجاح أو إخفاق هذه المخططات، فمما لا شك فيه أن مجرد وضعها موضع التنفيذ سيكون كافياً لتصعيد العنف في البلاد وتجديد القتال على جبهات عديدة في مختلف المناطق، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تحويل شهر آذار على أبعد تقدير إلى شهر شديد السخونة.