Site icon صحيفة الوطن

من وحي المؤتمر

| د. اسكندر لوقا 

من حيث المبدأ لا يملك أحدنا إلا الإشادة بأي مؤتمر يعقد بهدف تقييم الواقع الذي يعنيه وتقويمه في الوقت عينه، وذلك من خلال رسم خريطة طريق من أجل مستقبل حضور أفراده في المجتمع.
في سياق مؤتمر الصيادلة الخامس والثلاثين الذي عقد بدار الأوبرا بتاريخ 13/4/2017، تلمس الحضور كم هو حجم التصميم على مواجهة الزمن الصعب في المستقبل بإرادة وطنية صلبة وذلك بغية كسر الجدار الذي يحاول أعداء الوطن إقامته، للحيلولة دون تقدم العاملين لا في حقل الصيدلة فحسب بل أيضاً في بقية الحقول العلمية والثقافية.
إن مؤتمر الصيادلة هذا هو واحد من المؤتمرات التي سبق أن عقدت في دمشق وباقي المدن السورية، توكيداً للموقف الذي اعتمده أبناء وطننا في سياق مواجهة أعدائه من كل حدب وصوب.
لقد استطاع هؤلاء الأعداء، كما هو معروف، بشكل أو بآخر، أن يعتدوا على العديد من الآثار والأوابد التي تشهد بحضارة سورية على مدى مئات آلاف السنوات، ولكنهم فشلوا في ضرب وتجريد الفكر العلمي والفني والأدبي من مقومات البقاء على درب الصمود والعزم على تخطي الوضع الذي نجم عن العدوان على بلادنا، أعني الوضع الذي ما زال يحتفظ بقدرته على العطاء والتفاعل مع الأمر الواقع بالوعي والحكمة والإيمان.
إن مؤتمر الصيادلة يأتي دليل نبض الحياة الذي بقي يعمل في وطننا، ودليل قدرته على تخطي ما اعترضه ويعترضه من صعاب على نحو وضع العصي بين العجلات، وكان انتصار حضوره على النحو الذي شاهدناه على مسرح الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون، وبما لا يقبل الشك بأن إرادة الحياة هي الأقوى من كل المحاولات التي ترمي إلى اغتيال حلم الإنسان في بلدنا الصامد في وجه الأعاصير التي هبت على بلدنا وتهب عليه من دول شتى غايتها العودة به إلى العصر الحجري كما يدعون ويأملون، متجاهلين أن بلدا أعطى العالم دروسا في الوطنية وقهر الأعداء يمكن أن ينزلق إلى ما يحلمون به.
إن سورية الصمود والارتقاء بعلمائها، بمثقفيها، تبقى المثل في دحر الغزاة على غرار دحر أعدائها منذ أيام التتار حتى زمن الاستعمار الفرنسي مرورا بالاستعمار العثماني، ولا يمكن إلا أن تكون، في نهاية المطاف، البداية والنهاية في حساب الزمن الآتي عاجلاً أم آجلاً.

Exit mobile version