Site icon صحيفة الوطن

قطر والمسؤولية عن الشرخ الديني المذهبي وتداعياته

| صياح عزام 

تساؤلات مهمة تطرح نفسها: متى يتوقف شلال الدم المهدور باسم الدين والمذهب؟
ومن المسؤول الأول عنه؟ من المسؤول عن هذا الجرح الذي تعمق حتى أصبح العظم تحته مكشوفاً؟
إن أي مقاربة للأمور بصراحة، ومحاولة الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، لا بد أن تكشف أبعاد الدور الذي لعبته مشيخة قطر في تعميق الشق الطائفي والمذهبي، وذلك باستخدامها قنوات ثلاثاً رئيسية كانت تتحرك عبرها، وهي: الإعلام أولاً من خلال محطة الجزيرة التي ترعاها وتمولها، والتي يشرف على برامجها خبراء أميركيون وأوروبيون، ومن خلال تسخير مئات بل آلاف الضمائر التي اشترتها من مثقفين وإعلاميين مثل «عزمي بشارة» الذي أصبح اليوم يفتش عن مكان آخر، بعد أن أُتخم بالمال وبعد أن تكشف دور قطر في رعاية ودعم الإرهاب إلى درجة الفضيحة في العالم أجمع.
والقناة الثانية: هي القناة الدبلوماسية، حيث سيطرت قطر على الجامعة العربية بأموالها السوداء، لتلعب الدور التآمري على العرب، ولتستعين بالخارج ليتدخل عسكرياً لإسقاط أنظمة عربية معينة تعارض نهج الهيمنة الأميركي على المنطقة، إضافة إلى اللعب في استثمارات وانتخابات أوروبا وغيرها من الدول عبر المال والرشا. أما القناة الثالثة، فهي المجموعات الإرهابية التي شكلتها ومولتها ودربتها وعلى رأسها جبهة النصرة الإرهابية وعصابات أخرى تدور في فلكها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن قطر ليست هي صاحبة هذه الإستراتيجية، فمن وضع هذه الاستراتيجية، الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما في تركيا والعواصم الأوروبية الكبرى وأسند أمر التنفيذ إلى قطر والسعودية وغيرهما من الدول الخليجية التابعة للخارج.
الولايات المتحدة أطلقت شرارة هذه الفتنة الطائفية المذهبية غداة احتلالها العراق، وذلك لإشغال العراقيين (سنة بشيعة)، عن مقاومة احتلاله، وللأسف، نجح التضليل، ونجحت بقايا العقلية الثأرية في تمرير المخطط الأميركي، وللتذكير، فإن المقاومة العراقية للاحتلال تحت شعار «لا سنّة ولا شيعة، هذا الوطن ما نبيعه» إلا أن المحطات الإخبارية والقنوات الفضائية العميلة كانت تتجاهل هذا الشعار وتُعتم عليه، وتركز على تشجيع النعرات الطائفية والمذهبية البغيضة والعشائرية، حتى تطوّر الأمر ليصبح الصراع السني الشيعي أقوى من الصراع مع الاحتلال، وامتد هذا الأمر إلى تونس وليبيا ومصر وإلى الساحة السورية.
إذاً، لم يكن الدور القطري بخافٍ على أحد في الإجرام الذي ارتكب في الدول العربية المشار إليها، ما أعاد العرب إلى زمن القرون الوسطى.
وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، يتضح أن مخططات الفتنة هذه بدأت حديثاً في لبنان عام 1975 بغية تقسيمه، تلا ذلك تحرّك جماعة الإخوان المسلمين في سورية في نهاية السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي عبر عمليات الاغتيال والتخريب في المدن السورية.
إن هذا الشرخ الديني المذهبي شطر العالم العربي والإسلامي من إسلام أباد وحتى بيروت، وفعل فعله بكل ساحة في طريقه، وشكّل رحماً لولادة الإرهاب الذي ابتليت به وما تزال عدة دول عربية، وخاصة الدول المناهضة لأميركا وإسرائيل، وفي المقدمة منها سورية التي عانى شعبها الأمرين ولا يزال من وباء الإرهاب، ولكن أبسط مُحلّل سياسي يستطيع أن يرى بوضوح كيف يتم الاستثمار بالإرهاب؟ وكيف تتحرك عملياته على إيقاع سياسي أعمق من مجرّد الإرهاب من تحريك الساحة السورية أو الليبية أو المصرية، لمعاقبة مصر على عدم قبولها بالتورط في التحالف السعودي وانطلاقاً من موقع مصر كبّوابة كبرى بين آسيا وإفريقيا، ومن مخطط تهجير مسيحيي المشرق؟ كل هذا تحت «مانشيت» صحيفة معاريف الإسرائيلية غداة احتلال العراق عام 2003 «أما مصر فهي هويتنا الكبرى».
الخلاصة: يتكشف هذه الأيام أكثر فأكثر الدور الذي لعبه حكام مشيخة قطر، بل الدور الكبير جداً في هذا الشرخ الديني المذهبي في الوطن العربي الذي أدى وما يزال إلى نزيف الدم العربي وخلق الانقسامات في المجتمعات العربية منذ بداية أحداث ما يُسمى «الربيع العربي» تحت شعارات «الثورة والحرية والديمقراطية».

Exit mobile version