Site icon صحيفة الوطن

«يو إس إيه تودي» : احموا المدنيين في الرقة ولا تكرروا سيناريو الموصل

| ترجمة إبراهيم خلف

أكد المدير التنفيذي لـ«مركز حماية المدنيين من الصراعات» فيديريكو بوريلو أن تنظيم «داعش» الإرهابي يرغب بسقوط الكثير من القتلى في صفوف المدنيين نتيجة للغارات التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها على مواقعه سواء في الموصل مؤخراً أو في الرقة حالياً، ولهذا يجب الحيلولة دون السماح بحدوث ذلك.
وفي مقال نشرته صحيفة «يو إس إيه تودي» الأميركية، اعتبر بوريلو أنه في الوقت الذي تمكنت فيه القوات العراقية من تحقيق النصر على تنظيم داعش في الموصل، تقوم «قوات سورية الديمقراطية– قسد» التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة باقتحام مدينة الرقة، آخر معاقل التنظيم الكبرى في سورية، مؤكداً أنه نتيجة للمعارك الكبيرة ضده سيتم هزيمته عسكرياً، ولكن السؤال الجوهري يتمثل في كم من مئات الآلاف من المدنيين الذين ما زالوا محاصرين في الرقة سيموتون خلال هذه العملية، لهذا يجب على العالم ألا يدخر جهداً لتوفير الحماية لهم.
ويشير بوريلو إلى أن المدنيين في كلتا المدينتين تعرضوا لممارسات همجية من تنظيم داعش خلال سنوات، وأن القصص التي يرويها الناجون تشي بالممارسات المروعة التي تُمارس بحقهم، فإذا قرروا البقاء أو عجزوا عن المغادرة، فإنهم يواجهون يومياً وحشية داعش، فضلاً عن الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها والتي يمكن أن تقتل مئات المدنيين في وقت واحد، زيادة عن نيران المدفعية غير الدقيقة من «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، ناهيك عن نقص في الأغذية والمياه النظيفة وعدم وجود رعاية طبية لهم.
فأولئك الذين ينجحون في المغادرة، يواجهون إما نيران القناصة والعبوات المتفجرة التي تمت زراعتها من مسلحي داعش على طول الطريق، أو يتم استهداف قوافل الفارين عبر غارات جوية من طيران التحالف، أو يتم احتجاز الشبان المدنيين بشكل تعسفي من القوات الكردية للاشتباه بتعاطفهم مع تنظيم داعش.
ويؤكد بوريلو من مكتبه في العراق أنه لا يمكننا ببساطة إلقاء اللوم على داعش بسبب ارتفاع عدد القتلى من المدنيين، حيث إن الوفيات في صفوف المدنيين والإصابات الناجمة عن ضربات التحالف والتي تلعب دوراً في جدول أعماله المتضارب. أن التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة لديه التزام وفرصة لبذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين من عملياتهم، فضلاً عن العمليات التي يقوم بها تنظيم داعش، وأن عدم القيام بذلك يقلل من احتمالات النجاح العملي ويهدد بفشل إستراتيجي.
بدوره أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس مؤخراً أن الإستراتيجية الأميركية المناهضة لداعش سوف تتحول من تكتيكات الاستنزاف إلى تكتيكات الإبادة، فتنظيم داعش يهدف إلى الإبقاء على المدنيين محاصرين في الرقة ليموتوا معهم: إما أن يموتوا من التنظيم أو من خلال الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف، أو عبر المعارك الجارية بين قوات المعارضة السورية والمتمردين.
ويشير بوريلو إلى أنه ثمة بديل عندما يتعلق الأمر بالمعارك في مدن مكتظة بالسكان مثل الموصل والرقة، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يجب عليهم اختيار الحماية على الإبادة، وهناك أسباب وجيهة للقيام بذلك، الأول قانوني، فالقانون الدولي يشترط على أطراف النزاع اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لحماية المدنيين، ويمكن اعتبار استخدام الغارات الجوية المكثفة وضربات المدفعية في المناطق المأهولة بالسكان أمراً غير قانوني.
ثانياً، لدى الولايات المتحدة وحلفائها مصلحة إستراتيجية في بذل كافة الجهود الممكنة للحفاظ على حياة المدنيين، فإذا كانت تكاليف استعادة السيطرة على الموصل والرقة تتضمن ارتفاعاً في عدد القتلى من المدنيين، فضلاً عن الدمار، فقد يكون المدنيون غير راغبين في الاعتراف بشرعية النظام الذي يأتي ما بعد داعش، ناهيك عن زراعة بذور العنف الدوري والقصاص وإعادة ولادة نسخة جديدة من داعش أو شيء ما أسوأ من ذلك.
خلاصة القول إن داعش يرغب برؤية أكبر عدد من القتلى المدنيين، ولهذا يجب على الولايات المتحدة وشركائها ألا يسمحوا بحدوث ذلك. ويضيف بوريلو: إن الكثير من الضحايا المدنيين سقطوا خلال معارك الموصل، وعلى قوات التحالف تجنب حدوث ذلك في الرقة من خلال تبني سياسة مفعمة بالصبر والتخطيط والتنسيق والموارد والإبداع، ويجب أن يكون استخدام القوة الجوية والمدفعية محدوداً للغاية، وينبغي القيام بكل شيء من أجل فتح ممرات آمنة للمدنيين، والتفكير في عمليات محددة تهدف لاستخراج المدنيين بأمان، متى أمكن ذلك.
ويؤكد بوريلو أنه عند اتخاذ قرار بشأن إبعاد قوات داعش أو محاصرتها تماماً، ينبغي أن يؤخذ بالحسبان المخاطر التي يتعرض لها المدنيون، لذلك لا بد من العمل على نقل القتال العنيف نحو المناطق غير المأهولة أو المأهولة قليلاً بالسكان، فضلاً عن ضرورة إبلاغ المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش بشكل واضح حول إستراتيجية حماية المدنيين، سواء من الضربات الجوية الأميركية أو من أيدي تنظيم «داعش» الوحشية.
وخلص بوريلو إلى القول إن العالم الذي يوجه أنظاره نحو المدنيين المحاصرين، ويأمل بمستقبل سلمي لهذه المنطقة المضطربة أن يبذل قصارى ما بوسعه للحفاظ على حياة المدنيين وسلامتهم.

Exit mobile version