Site icon صحيفة الوطن

وسط مساعي موسكو وواشنطن لإطلاق ديناميكية جديدة في البلاد … قمة فرنسية أميركية تناقش الوضع في سورية

| أنس وهيب الكردي

مع اقتراب نهاية «دولة داعش» المزعومة في سورية والعراق، تكثف الدول الغربية مشاوراتها حول المرحلة التالية للتنظيم المتطرف، وسط مساعٍ أميركية روسية لإطلاق ديناميكية جديدة في سورية.
وتنعقد اليوم في العاصمة الفرنسية باريس قمة ما بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب، تتناول الوضع في سورية ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن قضايا ثنائية ودولية مختلفة حسبما ذكر البيت الأبيض. ومسلحاً باتفاق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على إنشاء «منطقة تخفيض تصعيد» في جنوب غرب سورية، يصل ترامب إلى باريس الخميس للمشاركة في احتفالات اليوم الوطني لفرنسا «يوم الباستيل»، وأيضاً لمناسبة مرور 100 عام على دخول القوات الأميركية الحرب العالمية الأولى، إلى جانب فرنسا وبريطانيا. ويشارك الرئيس الأميركي في حفل استقبال في ليزانفاليد حيث سيتفقد متحفاً فرنسياً عن الحرب ويزور مقبرة نابليون. وقال البيت الأبيض: إن ترامب وماكرون سيعقدان بعد ذلك اجتماعاً ثنائياً يعقبه مؤتمر صحفي.
وأجبر الانسحاب الأميركي المتزايد من قضايا الحل السياسي في سورية، واقتصار مشاركتها في عمليتي أستانا وجنيف على تأمين مصالح حلفائها الإسرائيليين والأردنيين والفرنسيين على إعادة النظر في سياستهم السورية.
واستشعر الفرنسيون خطورة الفراغ الذي ولده الانسحاب الأميركي ما أدى إلى إقصاء الغرب عن طاولة مستقبل سورية، والذي تتم مناقشته بين الروس والإيرانيين والأتراك في أستانا، وضرورة تعديل مواقفهم من الأزمة السورية لعدم تلاؤمها مع مستجدات الواقع الميداني والسياسي، ما دفعهم إلى البحث عن موقف جديد وإطلاق مبادرة جديدة لحل الأزمة لم يتم الكشف عن مضمونها بعد. ولقد عرض بالفعل المسؤولون الفرنسيون المبادرة على نظرائهم الإيرانيين الذين أبدوا ترحيباً بها. وانتهز ماكرون رئاسته الجديدة للتعبير عن هذا الموقف والذي رأى فيه أن لا بديل شرعياً عن الرئيس بشار الأسد، مؤكداً أن الأخير ليس عدواً لفرنسا، وأن رحيله ليس شرطاً لإطلاق المفاوضات. وتبع ذلك مواقف الرئيس الفرنسي بسحب اعتراف بلاده بـ«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، وتردد أنباء عن فتح الباب أمام إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق.
وفي هذا السياق، أدت الضغوط المكثفة التي مارستها فرنسا، وقادها الرئيس الفرنسي شخصياً، على «الهيئة العليا للمفاوضات»، إلى انخراطها بشكل أكثر جدية في لقاءات منصات المعارضة التي نظمتها الأمم المتحدة في لوزان مؤخراً. وأشاد المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بنضوج مواقف المعارضات من المبادئ الاثني عشرة، واقترابها من مواقف الحكومة السورية بشأنها. وسيناقش الزعيمان أيضاً، مستقبل المناطق المحررة من داعش في سورية، وخصوصاً، أن قوات خاصة فرنسية وأميركية تشارك في عملية «التحالف الدولي» ضد التنظيم، القائمة حالياً في الرقة.
ولدى واشنطن مشروع لإستعادة الاستقرار في المناطق التي يتم دحر داعش عنها، لا يرقى إلى إعادة الإعمار ويكتفي فقط بـ«استعادة الخدمات وإشعال الأنوار». وتتركز نواة المشروع على مدينتي الطبقة والرقة.
في المقابل، تريد باريس مشروعاً واسعاً لإعادة إعمار المناطق المحررة من داعش. على الرغم من ذلك تتفق العاصمتان على إشراك روسيا في المشروع، وسط خلاف على دور إيران بسورية. وتبدو فرنسا، حالياً، أقل معارضة لنفوذ طهران في المنطقة مما كانت عليه أيام الرئيسين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند.
من جهة أخرى، يتخذ ترامب وماكرون، وهما وجهان جديدان على الساحة السياسية حققا انتصارين غير متوقعين في انتخاباتهما الرئاسية، مواقف مختلفة تماماً في مجالات مثل تغير المناخ والتجارة. ولم يخف ترامب دعمه لمرشحة اليمين المتطرف في فرنسا زعيمة الحركة الوطنية ماري لوبان للفوز بانتخابات الرئاسة الأخيرة، كما أنه يتبنى قيماً سياسية واقتصادية تتعارض مع تلك التي يحمل لواءها ماكرون. فالأول أقل حماسة لليبرالية الاقتصادية وأكثر قرباً للحمائية التجارية، وهو لا يبدي كثير ود تجاه حلف شمال الأطلسي «الناتو» أو الاتحاد الأوروبي، ما يضعه على النقيض الفكري مع نظيره الفرنسي. على الرغم من ذلك وصف مسؤول في البيت الأبيض، العلاقة بين الزعيمين بأنها «إيجابية للغاية». وأضاف: «قد ننظر إلى العالم في بعض القضايا بطريقة مختلفة، لكن رؤيتنا واحدة للكثير من القضايا الأخرى».
وتأتي زيارة ترامب لفرنسا في أعقاب حضوره اجتماع قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا الأسبوع الماضي. وخلال القمة باتت الولايات المتحدة معزولة نسبيا عندما أكدت مجدداً على قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية تاريخية دولية تم التوصل إليها في باريس عام 2015 لمكافحة تغير المناخ.

Exit mobile version