Site icon صحيفة الوطن

فيسك: مركز تنسيق عسكري روسي كردي سوري في الصحراء الشرقية

| عن «صحيفة الإنديبندنت» البريطانية، ترجمة إبراهيم خلف

أكد الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقال نشرته صحيفة «الإندبيندنت» البريطانية أنه ثمة تعاون يجري بين الجيش العربي السوري وروسيا و«وحدات حماية الشعب» الكردية بعد إنشاء مركز سري لتنسيق العمليات في الصحراء الشرقية في بالبلاد، مؤكداً المركز يهدف للحيلولة دون وقوع أخطاء بين حلفاء كل من روسيا والولايات المتحدة الذين يواجهون بعضهم البعض عبر نهر الفرات. وقال: «إن الاتصالات الجديدة، مهما كانت ضعيفة، تثبت أن جميع الأطراف مصممة على تجنب مواجهة عسكرية بين موسكو وواشنطن».
وأشار فيسك إلى أنه زار هذا الأسبوع بلدة الرصافة في ريف الرقة، وقال: أنه في أحد بيوت قرية صحراوية جدرانها من الطين، جلس عقيد روسي في زي مموه مع أحد ضباط «وحدات حماية الشعب» ومجموعة من الضباط السوريين، فضلاً عن مجموعة رجال ينتمون للميليشيات القبلية السورية المحلية، في محاولة لتجنب حدوث أي مواجهة، بما أن الجميع يقاتل ضد تنظيم داعش.
ونقل عن أحد ممثلي «حماية الشعب» قوله: «بعد الهجوم السوري الأخير المفاجئ على مواقع لداعش في غرب الرقة منذ أكثر من أسبوعين تقريباً، استهدفت طائرة روسية عن طريق الخطأ موقعاً كردياً، الأمر الذي جعلنا جميعاً نقوم بإنشاء مركزنا هذا قبل 10 أيام». وأضاف ممثل «حماية الشعب»: إنه لدينا مركز آخر للتنسيق في عفرين، ومؤكداً أنه «علينا أن نشكل قوة واحدة تحارب معاً» ضد داعش.
وأكد فيسك، أن وجود هؤلاء الرجال في هذه المنطقة النائية يظهر مدى جدية موسكو في مراقبة إستراتيجيتها في الحرب في سورية، فضلاً عن حاجتها لمراقبة «قوات سورية الديمقراطية – قسد» والتي تتواجد في الرقة وتتلقى دعماً جوياً أميركياً.
وقال: إن «قسد» والتي لا تعرف عن الديمقراطية سوى جداول رواتبها، ينظر الأتراك لها بشكوك عميقة، وسيزداد غضبهم عند معرفة التعاون الحاصل بين الجانب السوري والكردي، فعلى الرغم من أن كلاً من أنقرة ودمشق يعارضان بشدة إنشاء دولة كردية مستقبلية، ورغم أن الصلات الجديدة بين وحدات حماية الشعب وروسيا وسورية قد تكون ضعيفة، إلا أنها تدل على أن جميع الأطراف مصممون على تجنب حصول أي مواجهة عسكرية بين موسكو وواشنطن».
وأكد فيسك، أن الوحدات السورية المزودة بدبابات روسية متطورة، فضلاً عن دروع المشاة المحتشدين قرب مدينة الرصافة الرومانية، ساهمت من خلال التكتيكات التي يتبعها الجيش السوري عبر شن هجمات على مسلحي داعش من الخلف، الأمر الذي جعلته يبتعد مئات من الأميال المربعة نحو الأراضي في غرب نهر الفرات.
وأشار نقلاً عن الجنرال صالح، أحد قادة جبهة الفرات، إلى أن قواته وقوات صديقه العقيد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، بإمكانها الوصول إلى وسط مدينة الرقة في غضون خمس ساعات فيما إذا لو قرروا القيام بذلك، واصفاً كيف أن رجاله تمكنوا من إخراج تنظيم القاعدة وداعش من مدينة الشيخ نجار الصناعية بحلب نحو بحيرة الأسد، وكيف أنهم قاموا بحماية إمدادات المياه إلى المدينة، والتي نجم عنها وقوع خسائر كبيرة في صفوف قواتهم، وكيف أنهم تحركوا شرقاً من قاعدة كويريس الجوية للسيطرة على دير حافر ومسكنة ومدن أخرى في ريف حلب، ثم اتجهوا فجأة نحو الجنوب الشرقي، ومن ثم نحو جنوب نهر الفرات باتجاه الرقة. وقال الجنرال: «قواتنا الآن تبعد سبعة أميال عن نهر الفرات بين الرقة ودير الزور، وعلى بعد 14 ميلاً عن وسط الرقة و10 أميال من القاعدة الجوية القديمة، وإننا لا نهتم كم بلغ عدد قتلى داعش؟ فتنظيم داعش والنصرة والقاعدة، كلهم ​​إرهابيون، وعدد القتلى في صفوفهم لا يهمنا، هذه هي الحرب».
وأكد الجنرال، أن الهدف التالي ليس الرقة، بل مدينة دير الزور والتي يعاني فيها آلاف من المدنيين الحصار، مضيفاً: «لقد قال رئيسنا إننا سنحرر كل شبر مربع من سورية»، وهذا شعار يتبناه كل الضباط السوريين، وإننا إذا تمكّنا من فك الحصار عن دير الزور، فسنتمكن من تحرير 10 آلاف جندي سوري للقتال على جبهات الحرب.
وقال فيسك: «لا أعتقد أن السوريين سوف يتورطون في القتال إلى جانب القوات التي تدعمها الولايات المتحدة ويقاتلون من أجل الرقة، ومن خلال نقطة «التنسيق» الصغيرة هذه التي رأيتها في الصحراء، أعتقد أن الجيش السوري سيتوجه نحو دير الزور».
هذا وتقوم الإدارة السورية بنهج تكتيك آخر مثير للاهتمام في ريف الرقة، وذلك من خلال إنشاء مقر بالقرب من موقع انتشار مجموعة الجنرال صالح، وإن محافظ ريف الرقة يخطط لاستعادة إمدادات المياه والكهرباء، وتمويل الأشغال العامة وتقديم المساعدة للنازحين، وفق فيسك.
وأشار إلى أنه يبدو واضحاً تماماً أن الجيش السوري يسمح لأصدقاء أميركا الأكراد إلى حد كبير بالسيطرة على الرقة، الأمر الذي سيساعد الحكومة المدنية السورية بإدارة المدينة في نهاية المطاف. وخلص فيسك إلى القول: «إن المهندسين السوريين يستعيدون الطاقة الكهربائية من محطات التوليد الواقعة في الصحراء والتي كان يستخدمها قادة داعش كمخابئ لهم، وإن أنظمة الطاقة هذه مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحقول النفط السورية، المتواجدة في «لؤلؤة الصحراء» السورية، والتي تتعافى ببطء من انتهاكات داعش، وإن من سيتحكم في هذه الثروات الغنية، ومن سيتقاسم منتجاتها، ومن سيحررها من مافيا داعش – سيحدد جزءاً من تاريخ سورية السياسي في المستقبل.

Exit mobile version