Site icon صحيفة الوطن

على خلفية لقاء بوتين نتنياهو.. تهديد إسرائيل من داخل سورية

| ترجمة إبراهيم خلف

أكد الباحثان أودي ديكيل وكارميت فالينسي في مقال نشره «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» أن مستقبل سورية، وخاصة التأثير الإيراني في المنطقة، كان محور النقاش الذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الروسية، في ظل وجود مجموعة من السيناريوهات الإسرائيلية تجاه التدخل الإيراني، والتي من شأنها التأثير على سياسة إيران.
وشددا على ضرورة تشويه صورة إيران بوصفها طرفاً مزعزعاً للاستقرار، وضرورة تعزيز العلاقات مع الأكراد للحد من النفوذ الإيراني في شمال شرق سورية.
وأشار ديكل، وهو عميد سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن التأثير السياسي والعسكري الإيراني في سورية واسع وعميق، فإيران تسعى للحفاظ على استقرار النظام في سورية، وضمان الوصول لحزب اللـه في لبنان، وفي الوقت نفسه، ترغب في الاستفادة من نجاحاتها ونفوذها في سورية من أجل تعزيز القوة ضد إسرائيل وزيادة مساحة الاحتكاك والتهديد لإسرائيل، الأمر الذي تنظر إليه إسرائيل بعين القلق، فالتدخل الإيراني إلى جانب روسيا، جعلها تستحوذ على مكانة رئيسية في تعزيز الحل في سورية، وتم قبولها على الساحة الدولية كطرف شرعي بين القوى المؤثرة على مستقبل سورية، وأن ترتيبات وقف إطلاق النار وخاصة في جنوب سورية سيعطي إيران ووكلاءها موطئ قدم بالقرب من الحدود الإسرائيلية في الجولان.
وأعرب الباحثان عن عدم رضا الحكومة الإسرائيلية عن الوعود التي قدمتها روسيا بإبقاء القوات الحليفة لإيران بعيداً عن الجولان، معلنةً أنها لن تتسامح مع أي وجود عسكري لإيران أو وكلائها في المنطقة، مشيرين إلى أن نتنياهو أكد للرئيس بوتين معارضة إسرائيل لتداعيات اتفاق وقف إطلاق النار، وكخطوة تمهيدية، أرسل وفداً أمنياً إسرائيلياً رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة للاجتماع مع مديري مجلس الأمن القومي لإقناعهم بدعم موقف إسرائيل الرافض لأي وجود عسكري إيراني في سورية، وإذا حدث خلاف ذلك فإن إسرائيل ستتدخل مباشرة في الأحداث في جنوب سورية.
وأكد الباحثان أن رغبة إيران في تحقيق تأثير إقليمي أكبر، هي أمور تقلق إسرائيل سواء في الشمال أم في الجنوب، حيث تقوم إيران بنشر وكلائها تحت ستار التعاون مع الجيش السوري، على مسافة تسمح بالوصول السريع إلى المنطقة الحدودية للجولان، وهذا من شأنه أن يولد جبهة أخرى في صراع محتمل بين حزب اللـه وإسرائيل، فإيران قامت بإمداد حزب اللـه بآلاف الصواريخ والطائرات من دون طيار، الأمر الذي من شأنه إلحاق الدمار بالمصالح الإستراتيجية الإسرائيلية، وأن وجود إيران في سورية يسمح لها بالوصول المباشر لدعم حزب الله، مما يحد من التهديد المباشر لإسرائيل، وبالتالي تقليص حرية إسرائيل وبشدة في التعامل مع شحنات الأسلحة إلى حزب اللـه عبر سورية.
وأضاف الباحثان: إن زيادة الهيمنة الإيرانية يمكن أن تحوّل سورية إلى مركز لوجستي للإمداد والتموين براً وجواً عبر العراق، بما في ذلك بناء البنى التحتية لتصنيع الأسلحة، فضلاً عن إمكانية إنشاء حزب اللـه السوري لتحرير الجولان، الأمر الذي يشكل تهديداً لإسرائيل.
ومن أجل مواجهة إيران يتعين على إسرائيل، بحسب الباحثين، دعم السكان المناهضين لإيران ودعم المجموعات المتمردة من خلال تعزيز الروابط مع الجهات الفاعلة المحلية وزيادة المساعدات الإنسانية كتدابير وقائية ضد الاختراق الإيراني.
ولدى إسرائيل، وفق الباحثين، عدة سيناريوهات محتملة تجاه إيران، فمن الناحية العسكرية، تتزايد القدرة العملية على تدمير الأصول الإيرانية في سورية، وهذه القدرة تسمح لإسرائيل بمواصلة تقديم قدرات الردع والضرر في المجالين السوري واللبناني، كوسيلة للضغط على إيران وعلى النظام السوري لمنع أو على الأقل تأخير الأنشطة في جنوب سورية، وتشجيع روسيا على القبول بمطالب إسرائيل للحد من وجود إيران ونفوذها في المنطقة. وفي مواجهة روسيا، من الضروري تقديم أربعة مطالب رئيسية: المشاركة الإسرائيلية، على الأقل وراء الكواليس، في المناقشات حول مستقبل سورية؛ فضلاً عن منع وجود إيران ووكلائها في جنوب سورية على نطاق 40 كيلو متراً على طول الحدود؛ ومنع إيران من استخدام الموانئ والمطارات الاستراتيجية الروسية، بالإضافة إلى منع نقل الأسلحة الروسية إلى حزب اللـه، بحسب الباحثين.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فعلى الرغم من أن إدارة دونالد ترامب تضع الإطاحة بداعش من ضمن أولوياتها، إلا أنها مهتمة بالتوصل إلى اتفاق في سورية بالتعاون مع روسيا مع أخذ مصالح إسرائيل في الاعتبار، لذلك من الضروري صياغة إستراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة حول سورية وإيران مع التأكيد على أن الأفكار الجهادية السلفية لن تختفي حتى بعد هزيمة داعش، فالمتطوعون سيواصلون الالتزام بالقضايا السلفية الجهادية في ظل الهيمنة الإيرانية في العراق وسورية ولبنان، ومن الأهمية بمكان إقناع واشنطن إلحاق الضرر بالنفوذ الإيراني عبر استمرار دعم نظام حيدر العبادي في العراق للحد من نفوذ إيران وخلق صعوبات لوصولها إلى سورية، وضرورة إشراك الولايات المتحدة في آلية الإشراف على اتفاقات وقف إطلاق النار وإنشاء قوات محلية معارضة للنفوذ الإيراني عبر التعاون مع الأردن، على ما ذكر الباحثان.
وعلى الصعيد الدولي، يرى الباحثان، أنه من الضروري تشويه صورة إيران بوصفها طرفاً تخريبياً ومزعزعاً للاستقرار في المنطقة، وتقوية العلاقات مع الأكراد في شمال سورية، للحد من النفوذ الإيراني في شمال شرق سورية، ومنع إنشاء ممر من العراق.
وخلص الباحثان إلى القول: يجب على إسرائيل أن تقدم موقفاً واضحاً بشأن مستقبل سورية، ودعم المبادرة الروسية الرامية لتشكيل هيكل فدرالي يستند على النسبة الداخلية للقوات في سورية، الأمر الذي من شأنه الحد من جهود إيران في الهيمنة، فضلاً عن المطالبة بمغادرة القوات الأجنبية لسورية، والتركيز على حزب الله والمجموعات الشيعية، والتي تمثل عاملاً مزعزعاً للاستقرار، وفي كلتا الحالتين، فإن التهديد الإيراني في سورية لا يشكل تحدياً أمنياً لا يطاق لإسرائيل، خاصة بالنظر إلى الوسائل التي تمتلكها إسرائيل والتي بإمكانها التقليل من تأثير إيران على الساحة السورية وما يترتب عليها من تهديدات.

Exit mobile version