Site icon صحيفة الوطن

«بقايا صور» المعرض الفردي الأوّل .. سليمان أبو سعدة لـ«الوطن»: كل ما في اللوحات من الذاكرة البصرية وبقايا الأشياء منذ الطفولة

| سوسن صيداوي

ليس أمرا سهلا إثبات الذات، وخاصة في مرحلة من العمر يكون فيها المرء شابا غضا، لم تشد عوده الظروف أو تحاول كسره مشقة المطبات. ولكن ما يجدر تقديره، هو المحاولات من هذه الفئة من الشباب، التي تمضي نحو الأمام بكل ما لديها من عناصر كالجرأة، المواكبة، العزم، كي تبلور فكرها وشخصها، متقدمة في حلمها ولو اقتصر الأمر في بداياته على مجرد تجارب. اليوم من الشباب حديث التخرّج في كلية الفنون الجميلة سليمان أبو سعدة الذي تسلّح بالجرأة والإقدام كي يعرّف عن نفسه عبر ريشته ومجموعة ألوانه التي عمل بها رغم الصعوبة- حسب النقّاد- منجزا نحو العشرين لوحة، تم اختيار خمسة عشر عملاً منها، كي تُعرض في معرضه الفردي الأول الذي حمل عنوان «بقايا صور» في صالة الآرت هاوس بدمشق، وتجدر الإشارة أن المعرض مستمر لغاية 24 أيلول 2017.

أسلوبي تبسيطي
تحدث الفنان الشاب سليمان أبو سعدة عن تجربته الأولى وعن سبب اختياره اسم المعرض، مشيراً إلى حبه للقراءة التي تُثري ذاكرته البصرية وتعمل على تطويرها، قائلا «كنت أنجزت عشرين لوحة ولكن تم اختيار خمس عشرة منها ضمها المعرض، اسم المعرض «بقايا صور» أخذته من رواية الأديب حنا مينة التي تحمل العنوان نفسه، وهي من أولى الروايات التي قرأتها، وبصراحة العنوان تملّكني، بداية فكرت في «تخيلات» كعنوان، ولكن رسوت على العنوان الأول، وخاصة أن الأديب يتحدث في روايته عن بقايا الصور العالقة في ذاكرته منذ طفولته، وبالنسبة لي كل ما عملت عليه في اللوحات هو من الذاكرة البصرية، وهي من بقايا الأشياء والأماكن التي بقيت في ذهني منذ الطفولة وحتى اللحظة. أنا أحب القراءة كثيراً لأنها تحرض خيالي وتجعلني أتطور بصريا. والأسلوب الذي عملت به هو أسلوب تبسيطي من خلال تحويل الأشكال لمساحات هندسية مع غلبة اللون، لأن الزخم اللوني يعبر عما بداخلي من مشاعر وأفكار، وانعكاسها على اللوحات كي أعبر عن الأمل الذي يبقى في الحياة. في الأعمال لم أنتمِ إلى مدرسة معينة إلا أن المدرسة التجريدية هي الأساس».

الحكم على الفنان
تحدث الفنان والناقد التشكيلي غازي عانا عن التجربة الأولى للفنان الشاب، مشيراً إلى أن الحكم عليه سابق لأوانه وخاصة أن توجهه وذاته الفنية ستبرزان من خلال المعرض القادم، متابعا «كون الفنان سليمان شاباً قد تخرج حديثا في الكلية، لم تفاجئني اللوحات، لأن الخريجين يبحثون دائماً عن أمور جديدة، وبالعودة إلى سليمان، يبدو أنه شاب جريء لأن الموضوع الذي اختاره صعب جداً وحتى اللون الأخضر هو لون صعب، ووفق بالكثير من اللوحات، كما أن هنالك لوحات تحتاج إلى الوقوف عندها. ربما الفنان تسرّع، ولكن من الضروري أن يعرض فنه وخاصة لأن هذه الخطوة ليست بسهلة، فهناك من الطلاب بعد التخرج يتوقفون ولا يعرضون، وأنا أهنئه على هذه الخطوة. بالنسبة للأسلوب فهو استند على الواقعية، لكنه خلط الكثير من المدارس، وعمل بالمدرسة التعبيرية والانطباعية من حيث اللون، وأيضاً بالمدرسة التكعيبية. طبعا لا يمكننا أن نحكم عليه في الوقت الحالي، إلى أن نرى معرضه القادم وكيف سيستقر ولكن ما قدمه كطالب خريج هو أمر مهم جدا. ولابد لي من الإشارة إلى أمر مهم، لاحظت أن الفنان قدم لوحة كموديل وهي تُظهر أن لديه إمكانية كمصور، ومن الممكن أن يكون مشروع مصور جدّ مهم».

بناء جميل
شدت الفنانة التشكيلية أسماء فيومي على يد الفنان الشاب أبو سعدة، مقدرة جرأته في الطرح ومعجبة بتقديره للآراء التي توجه له، قائلة: «أحب كثيراً أن يعمل الشباب بجرأة وأن يقدموا لوحاتهم من دون أي تردد، لأن هذا الأمر يضعهم أمام آراء الكثير من الناس، ومن ثم يصبح هناك حوار بينهم لأن الحوار سيكون دافعهم للعمل. المعرض جميل وأتمنى له التوفيق، وبالنسبة لبنائه للوحة جميل جدا، ولكن ألوانه بحاجة إلى نضج أكبر، وأتوقع له مستقبلاً واعداً وخاصة أنه يصغي إلى الملاحظات الموجهة إليه».

مقومات أقرب للعالميين
من جانبه وجد الفنان التشكيلي محي الدين حمصي أن اللوحات في المعرض فيها شيء من الحداثة وبصره لم يسبق أن وقع على مثيلها قائلا: «تجربة الفنان سليمان أبو سعدة تجربة جميلة جدا، فهو قد عمل بتقنية حديثة، ولديه مقومات أقرب للفنانين العالميين مثل بيكاسو، وبالنسبة للألوان، فهي زاهية ورأيتها منعشة للنظر والقلب، والحالات التي عمل بها هي حالات إنسانية ولها علاقة بالحياة اليومية، لأنه يصور الأماكن اليومية لنا كغرف المنزل والطبيعة، فالصور جديدة والاختيارات جديدة وهذا لم يكن مسبوقاً، وهو يسير في خط لنفسه ينم عن وعيه وفكره، وهذا أمر لا يجعلنا نستهتر بالفنانين الشباب فطاقاتهم هائلة وأتوقع له مستقبلاً جميلاً».

Exit mobile version