Site icon صحيفة الوطن

لماذا يقترض المواطن السوري؟

| محمد راكان مصطفى

إذا كانت ثقافة القرض في الدول الأخرى تهدف للبحث عن المزيد من الرفاهية فإن ثقافة القرض في المجتمع السوري تهدف إلى سد العجز التراكمي الناتج عن قلة الدخل وزيادة الإنفاق.
فعادة ما يقدم المواطنون على الاقتراض من المصارف بهدف تعديل أو تطوير لممتلكاته كتحديث سيارة أو توسيع منزل.. على حين أن المواطن السوري وخاصة في ظل الحرب التي عصفت بالبلاد يلجأ إلى الاقتراض بهدف ترميم عجز مادي تحت ضغط الحاجة لتأمين المتطلبات الأساسية، كأن يقترض للزواج أو لأجراء عملية أو بسبب حادث أو حتى للتسجيل في المدارس والجامعات، الأمر الذي يضع قروض ذوي الدخل المحدود ضمن قائمة الدعم الحكومي المقدم للمواطنين.
صحيح أن رصيد المكوث ليس اختراعاً من مصرف سورية المركزي وهو موجود في مختلف البلدان، ونؤكد على إننا مع تنشيط حركة رؤوس المال في المصارف الوطنية، على أن يكون هذا القرار موجهاً إلى القروض التنموية والتشغيلية، دون أن يشمل قروض ذوي الدخل المحدود، خاصة وأن غالبية الموظفين وأمام «فخامة» الراتب المخجل يضطرون إلى الاعتماد على مصادر خارجية في ظل الارتفاع الجنوني الذي أصاب الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية لليرة حتى وصل الأمر إلى أنه لا يوجد موظف يكفيه راتبه بما فيهم الوزراء، وأن إمكانية الادخار من الراتب ما هي إلى خرافة لا تتجاوز حدود قصص الخيال.
واستمرار المركزي في إصراره على تطبيق قرار رصيد المكوث ليشمل قروض ذوي الدخل المحدود لا يمكن قراءته إلا كخطوة باتجاه تخفيض الدعم الحكومي لشريحة الموظفين الذين أنهكتهم سبع عجاف، وخطوة تضيق على المواطن الذي اتخذته الحكومة قبلة لها.
ليس من الخطأ أن نستفيد من تجارب وخبرات الدول الأخرى لكن من الضروري الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي يمر بها البلد والمواطن، ويجب قبل إسقاط هذه التجارب على القطاعات المحلية أن يتم توفير الظروف الملائمة لنجاح هذه التجارب.

 

Exit mobile version