Site icon صحيفة الوطن

إسرائيل والمقاومة

| تحسين الحلبي

بدأت إسرائيل تعترف بمخاوفها المتزايدة من التطورات الأخيرة التي ثبت فيها لها قبل غيرها، أن سورية تجاوزت الآن أخطر مرحلة في حرب الإرهاب الكونية التي شنت عليها بعد هزيمتها الإستراتيجية الميدانية لمجموعاتهم.
في موقع مجلة «المونيتور» الإسرائيلية الإلكترونية، نشر المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت مقالا جاء فيه أن «إسرائيل تخشى من أن تتحول سورية ولبنان إلى قوة متزايدة القدرات العسكرية على جبهة الشمال الإسرائيلية من خلال الدعم الإيراني العسكري وبخاصة الصاروخي من النوع الدقيق في إصابة الأهداف»، وأضاف: إن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية حتى عام 2013 الجنرال المتقاعد عاموس يادلين قال في 23 تشرين الثاني الماضي: إن إسرائيل ارتكبت خطأ كبيرا حين اتخذت موقفا محايدا من الحرب على سورية فقد كان من الصواب أن تقوم بكل ما يمكن من الأعمال للمساعدة على إسقاط الحكم في عام 2012.
لكن يادلين يستدرك قائلا: إن السبب الذي حال دون ذلك هو شعور الولايات المتحدة وإسرائيل بالضعف في ذلك الوقت وتعويلها على ورقة المعارضات السورية ودورها.
لكن الحقيقة الكاملة التي يدركها كل من تابع تطورات هذه الحرب وعدد المشتركين فيها ضد سورية، يعرف أن إسرائيل منذ الأسابيع الأولى للحرب وحتى إلى ما قبل شهور قليلة، استقبلت باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه، أكثر من ألفي مسلح باسم تقديم العلاج لهم، إضافة إلى تدريب الكثيرين منهم وتزويدهم بمعدات لوجستية وترتيب مختلف أشكال التنسيق بينها وبينهم في الميدان، بل كانت في مناسبات كثيرة، تشن عمليات عسكرية مباشرة خاطفة ومفاجئة على مواقع الجيش السوري في منطقة جنوب سورية، لإنقاذهم من نيران الجيش السوري، ورغم ذلك، منيت إسرائيل بالهزيمة على غرار المجموعات الإرهابية التي كانت تقدم الدعم المباشر لها في مناطق الجنوب.
لم تضيع إسرائيل الفرصة لأنها كانت محايدة، بل لأن سورية أحبطت مخططها، بل أحبطت مخطط من هو أكبر منها وهي الولايات المتحدة، وأصبح ميزان القوى الإقليمي الآن يميل لمصلحة قوة محور المقاومة الذي تزداد يوما تلو آخر قدراته العسكرية وصواريخه التي تهدد كل مدن إسرائيل، وهذا ما أشار إليه المحلل الإسرائيلي حين استشهد بما ذكره بعض قادة الجيش الإسرائيلي حين أعربوا عن خشيتهم من أن تعد سورية بنية تحتية بعد تراكم خبراتها في الحرب لصناعة صواريخ ذات دقة عالية في إصابة الأهداف.
يبدو أن إسرائيل بموجب ما قاله بن كاسبيت، بدأت تجد نفسها في وضع صعب مع مرور الأيام والأشهر على هذا الحال الذي تتطور فيه قدرات سورية في مرحلة ما بعد الانتهاء من داعش، ولذلك استنتج بن كاسبيت أن الخيارات تضيق في وجه إسرائيل فإما أن تقبل بهذا الأمر الواقع ومضاعفاته عليها، وإما أن تغامر بشن حرب وقائية لا تضمن نتائجها بشكل دقيق.
لكن رئيس قسم التخطيط في هيئة الأركان العسكرية الإسرائيلية سابقا العميد المتقاعد أودي ديكيل كان قد أشار بنوع من الإجابة عن أحد هذين الخيارين حين نشر في «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» بحثا في 21 تشرين الثاني الماضي، قال فيه: إن إسرائيل لا يمكنها حل هذا الوضع الصعب الذي ولده انتصار سورية على الحرب التي شنت عليها، إلا إذا «أعطتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضوء الأخضر ووقفت إلى جانبها بشكل مباشر»، ومع ذلك يرى الكثيرون في إسرائيل أن ترامب لم يستطع إلغاء اتفاق فيينا مع طهران رغم عدم موافقته عليه لأنه لا يستطيع ضمان نتائج أي مواجهة مع إيران، فكيف يمكن له أن يسمح لإسرائيل بالتورط بحرب على جبهتها الشمالية ضد محور المقاومة كله؟

Exit mobile version