Site icon صحيفة الوطن

الناري لضرب أحلام الإنكليز وتجاوز إنجاز الجيل الذهبي … الأسود الثلاثة على بعد خطوتين من استعادة الأمجاد

| خالد عرنوس

سيكون ملعب لوجينكي في العاصمة موسكو مسرحاً للقاء نصف نهائي مونديال روسيا بداية من الساعة التاسعة مساءً بتوقيت دمشق والذي يجمع منتخبي إنكلترا وكرواتيا وذلك في أول مواجهة بينهما في البطولة، ويطمح منتخب الأسود الثلاثة للعودة إلى مباراة التتويج بعد 52 عاماً على حضوره الوحيد فيها عندما فاز بلقبه الوحيد على حين يأمل الناري الكرواتي بتجاوز جيله الذهبي الذي سبق له خوض مثل هذه المباراة قبل عشرين عاماً قبل أن يحرمه المنتخب الفرنسي من تحقيق الحلم يومها مكتفياً بالمركز الثالث، ويعول ممثلو البلاد التي اخترعت كرة القدم الحديثة على ارتفاع وتيرة أدائهم في البطولة التي دخلوها بين المرشحين الثانويين للقب في حين الفريق الآتي من بلاد البلقان يعتمد على خبرة لاعبيه التي تفوق منافسيهم بالنظر للتشكيلتين الموجودتين في النهائيات، ويسعى كلا الفريقين إلى العودة أو (البقاء) في موسكو من أجل خوض النهائي المرتقب يوم الأحد القادم ويجمع الفائز من هذه المواجهة مع الفائز من المباراة الأخرى بين فرنسا وبلجيكا.

تاريخ يتجدد
رسم حضور منتخبي إنكلترا وكرواتيا في نصف نهائي مونديال روسيا 2018 بسمة على وجه عشاق التجديد في أعرق بطولات الكرة العالمية فقد عاد آباء كرة القدم الحديثة إلى مربع الكبار بعد غياب 28 عاماً وللمرة الثالثة فقط لبلد له الفضل الأول في إرساء قواعد وقوانين اللعبة التي باتت أكثر من لعبة رياضية وهي ذات الشعبية الجارفة على مدار الكرة الأرضية، وكذلك فاجأ الناري الكرواتي العالم ببلوغه مربع الكبار للمرة الثانية وذلك بعد عشرين عاماً على الظهور الرسمي الأول للمنتخب ذي اللونين الأحمر والأبيض بالمحفل العالمي ويومها أرخ لإنجازه الأفضل بحضوره دور نصف النهائي أيضاً.

بين العراقة والخبرة
بالتأكيد فإن العراقة الإنكليزية تتكلم عند الحديث عن كرة القدم ففيها نشأت هذه اللعبة (التي نعرفها حالياً) وفيها البطولات الأقدم ومعظم التقاليد التي ترافق أجواء اللعبة حالياً مصدرها بلاد الإنكليز ولذلك فمن الطبيعي أن يكون لمنتخب إنكلترا حظوة كبيرة في البطولات القارية والعالمية لكن ذلك لم يحدث كثيراً فقد غاب عن منصات التتويج إلا في مناسبات نادرة ومنها اللقب العالمي عام 1966 عندما استضافت بلاد الضباب المونديال، خيبت الأجيال اللاحقة الآمال بإعادة الإنجاز أو حتى الاقتراب منه إلا في مناسبة يتيمة لكن المغامرة توقف يومها عند دور نصف النهائي.
وهاهو المنتخب الذي لم يرشحه الإنكليز أساساً يقترب من تحقيق هذا الحلم بفضل عمل جماعي كبير من اللاعبين ومن مدرب طموح لم يأخذ بالأسماء الكبيرة التي لم تأت يوماً إلا بالبكاء ولم يعط أذناً لوسائل إعلام لاذعة لن يسكتها إلا إنجاز جديد.
بالمقابل فإن الطرف الأخر الكرواتي حقق في أول ظهور له بالعرس العالمي قبل عقدين ما عجز عنه الإنكليز في مشاركاتهم الأربع الأولى فوصل إلى مربع الكبار وهاهو يعود إليه بفضل جيل قد يضاهي ذاك الجيل القديم وبتفوق الفريق الناري على منافسه اليوم بالخبرة التي تميز لاعبيه عن الإنكليز وهو أحد عوامل التفوق التي قد تفصل معركة لوجينكي.

عقلية جديدة
في العقدين الفائتين شكلت الأسماء الكبيرة (إعلامياً) عقدة في المنتخب الإنكليزي فكان أمثال بيكهام وجيرارد ولامبارد وروني وسواهم من نجوم الشباك على رأس المشاركين في خمسة مونديالات فائتة ومع كل نسخة كانت التوقعات تشير إلى إمكانية كسر النحس مع نهائي المونديال أو حتى بلوغ مربع الكبار إلا أنهم سقطوا جميعاً على أبواب نصف النهائي أو قبله حتى إن فريق 2014 فشل بتجاوز دور المجموعات.
اليوم لم يتبدل شيء في منتخب الأسود الثلاثة فاللاعبون هم نجوم عمالقة في أنديتهم لكن في المنتخب كلهم سواسية تقريباً، فنجم الفريق هاري كين ليس سوى لاعب ضمن بوتقة الفريق ومثله سترلينغ وهندرسون وديل آلي والبقية، وهذا سر نجاح المدرب ساوثغيت حتى الآن فقد نجح في إقناع الجميع أن لاعبين خبراء مثل جونز وكاهيل وبوتلاند هم أساسيون في العمل وأحد أسباب الوصول إلى مربع الكبار على الرغم من عدم الاعتماد عليهم كأساسيين.

أسود أكثر شباباً
ويعتمد المدرب الذي تسلم مهمته على غير موعد قبل أقل من عامين على عناصر شابة أو وجوه جديدة ففي المرمى هناك جوردان بيكفورد ابن الـ24 عاماً الذي أثبت حسن اختيار ساوثغيت، وأمامه المفاجأة الجميلة هاري ماكغوير صاحب 10 مباريات دولية فقط، وداني روز وجون ستونز وكيران تربييه (11 مباراة) وكايل ووكر.
في خط الوسط يعتبر جوردان هندرسون عمود فقري وحوله ثنائي اليونايتد جيسي لينغارد وأشلي يونغ والأخير يمكن الاعتماد عليه بالدفاع أو الجناح المتقدم حسب الحاجة، ويعتبر ديل آلي ورحيم سترلينغ كلاعبي وسط هجوميين وفي الأمام تماماً هاري كين القائد ذو الـ24 عاماً و19 هدفاً في 28 مباراة دولية فقط.

خبرة الناريين
في الطرف المقابل ربما لعب وجود الهداف التاريخي دافور سوكر بمنصب رئيس الاتحاد الكرواتي دوراً كبيراً في وصول المنتخب الناري إلى نصف النهائي وهو الذي غادر مونديال 2014 من الدور الأول، ففي توقيت مهم جداً جرى الاستغناء عن المدرب أنتي ساسيتش قبل جولة فقط من نهاية التصفيات المونديالية وجيء بالمدرب زلاتكو داليتش الذي لم يسبق له أن درب منتخباً من قبل ونجح حتى الآن بتحقيق نتائج كبيرة ولاسيما على المستوى الرسمي فلم يخسر في ثماني مباريات بينها خمس في روسيا.
ولم يغير داليتش كثيراً في الأسماء لكنه أكد أن الفريق فوق الجميع والمصلحة العامة أهم من الأسماء الكبيرة مهما بلغت شهرة، ومازال يعتمد المدرب البالغ من العمر 51 عاماً على خط الوسط المؤلف من ثنائي الريال والبرشا (لوكا مودريتش وإيفان راكتيتش) وبشكل أقل على ماتيو كوفاسيتش زميل الأول ووثنائي إنتر ميلانو بزوفيتش وبريسيتش اللذين يميلان أكثر إلى اللعب الهجومي، وفي الأمام أصبح أنتي ريبيتش أساسياً ويجاوره إلى الخلف قليلاً الهداف الخبير ماريو ماندزوكيتش والبديل كراماريتش، أما في الدفاع فهناك ديان لوفرين (الوحيد المحترف في إنكلترا) وديماجوي فيدا إلى جانب بيفاريتش وسترنيتش وكورلوكا وتحوم الشكوك حول مشاركة فيرساليكو المصاب، والحراسة في عهدة سوبازيتش مخضرم موناكو.

آراء ومعطيات
يرى الكثير من الخبراء أن المواجهة الإنكليزية – الكرواتية متقاربة جداً بين الفريقين على الرغم من فارق الخبرة الذي يصب بمصلحة الفريق الناري إلا أن الإجهاد الذي ظهر على عدد من اللاعبين أواخر الوقت الإضافي في مباراة روسيا قد يصب في مصلحة رفاق هاري كين على اعتبار أن خوض مباراتين بـ120 دقيقة ومن ثم ركلات جزاء قد تكون نالت بدنياً من اللاعبين وخاصة أن معظمهم قارب الثلاثين أو تجاوز هذه السن وهو ما يعيه الإنكليز تماماً خاصة أنهم لم يواجهوا صعوبات كبيرة في معظم مبارياتهم وخاصة في ربع النهائي عندما فازوا من دون عناء كبير على السويديين.
داليتش وبعد تخطي الروس شد على أيدي لاعبيه ووصفهم بأنهم الجيل الذي يضاهي (جيل 1998) وربما يفوقه، وشدد على أن فريقه لا يهاب أحداً على الرغم من أن الإنكليز يلعبون كرة مباشرة وسريعة ويعتمدون على الكرات الثابتة التي برعوا فيها لكنه لن يجازف كثيراً باللعب الهجومي كما فعل في كل المباريات السابقة مع إدراكه بالطبع أن منافسه يتسم بالسرعة.
وبالمقابل أكد ساوثغيت أن الفرصة كبيرة أمام فريقه لكتابة تاريخ جديد فهم فعلوا أكثر من المتوقع منهم وأشار إلى مسألة الإرهاق التي قد تصب في خانة فريقه معتبراً أن كل اللاعبين أرهقوا وإن بنسب متفاوتة وخاصة أن لاعبيه خاضوا موسماً طويلاً مع أنديتهم قبل الذهاب إلى المونديال.

مشوار الفريقين
نجح المنتخب الكرواتي في تصدر المجموعة الرابعة بالعلامة الكاملة وهو أحد ثلاثة فعلوا ذلك ففاز على نيجيريا بهدفين واكتسح الأرجنتين بالثلاثة قبل أن يكتفي بهدفين مقابل هدف أمام آيسلندا، وفي دور الـ16 اضطر إلى ركلات الترجيح لتجاوز الدانمارك عقب التعادل 1/1 وأعاد الكرّة في ربع النهائي بعد سيناريو أكثر إثارة على حساب صاحب الأرض الروسي بعد التعادل 2/2.
وضمن المنتخب الإنكليزي التأهل بعد فوز متأخر على تونس 2/1 ثم الفوز الأعلى على بنما 6/1 قبل أن يخسر مباراة الترتيب أمام بلجيكا بهدف، وفي الدور الثاني فك عقدة ركلات الترجيح أمام كولومبيا بعد التعادل 1/1 وفي ربع النهائي حقق فوزاً جديراً على السويد بهدفين من دون رد.

مؤشرات
– التقى منتخبا إنكلترا وكرواتيا 7 مرات من قبل ففاز الأول 4 مرات والثاني مرتين وتعادلا مرة واحدة (الأهداف 18/10)، وكانت في أول مواجهة ودية عام 1996 من دون أهداف ولعبا مرتين في تصفيات مونديال 2010 وانتهتا لمصلحة الإنكليز بنتيجة 4/1 في زغرب و5/1 في لندن، وسجل الكرواتي فوزيه ضمن التصفيات المؤهلة إلى يورو 2008 هدفين في أرضه ثم 3/2 في ويمبلي فحرم الإنكليز يومها من التأهل، وكان المنتخب الإنكليزي تفوق في لقاء يورو 2004 بالفوز 4/2.
– خاضت كرواتيا 6 مباريات في أدوار الإقصاء وكلها ضد منتخبات أوروبية ففاز على رومانيا 1/صفر بدور الـ16 وألمانيا 3/صفر في ربع نهائي وهولندا 2/1 على المركز الثالث في مونديال 1998، وخسر أمام فرنسا في نصف نهائي تلك البطولة وتعادل مرتين في البطولة الحالية.
– خاضت إنكلترا مباراة فاصلة بدور المجموعات لمونديال 1958 وخسرتها أمام الاتحاد السوفييتي صفر/1، ولعبت بعدها 20 مباراة بأدوار الإقصاء ففازت بـ9 وخسرت 7 وتعادلت 4 مرات فخسرت بالترجيح أمام ألمانيا (3/4 بعد التعادل 1/1) في نصف نهائي 1990 وأمام الأرجنتين (3/4 بعد 1/1) في الدور الثاني 1998 وأمام البرتغال (1/3 بعد صفر/صفر) في ربع نهائي 2006 قبل أن يفك العقدة بالدور الثاني للمونديال الحالي أمام كولومبيا (4/3 بعد 1/1).
– 10 من هذه المباريات كانت ضد منافسين أوروبيين ففازت إنكلترا بنصفها وخسرت 3 وتعادلت مرتين.
– قاد المدرب داليتش منتخب كرواتيا بـ12 مباراة ففاز بـ7 وتعادل بـ3 وخسر مرتين كانتا وديتين أمام البيرو والبرازيل.
– على حين قاد ساوثغيت منتخب إنكلترا في 23 مناسبة ففاز بـ13 وتعادل بـ7 وخسر ثلاث مباريات واحدة منها رسمية كانت أمام بلجيكا بالدور الأول.
– سجل المنتخب الإنكليزي 11 هدفاً وهو العدد ذاته الذي سجله المنتخب الفائز بكأس 1966 خلال 6 مباريات وهو رقم قياسي في تاريخ مشاركاته المونديالية، على حين سجل الكروات 10 أهداف في النسخة الحالية مقابل 12 هدفاً في مونديال 1998.

Exit mobile version