Site icon صحيفة الوطن

إسرائيل بعد قمة هلسنكي

| تحسين الحلبي

هل يمكن أن تفتح قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في هيلسنكي بوابة واسعة نحو مرحلة جديدة تحكم العلاقات الدولية؟
يبدو أن هذا السؤال أخذ يحتل اهتماماً في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط عند كل من يتطلع إلى تغيير في قواعد لعبة النظام العالمي السابق وهو سؤال يفضل المتضررون من أي تغيير فيه العمل على تصعيد التوتر واتهام المعارضين للتصعيد بخيانة المصالح الأميركية، فلم تكد قمة بوتين ترامب تنتهي حتى بدأ عدد من وسائل الإعلام الأميركية باتهام ترامب بالخضوع لبوتين وبلغ الحد بإحدى الوسائل الإعلامية بوضع «هاشتاغ» يصف ترامب بـ«الخيانة»، وهذا على الأقل ما يكشف عنه الكاتب السياسي الأميركي تايلير ديردين في المجلة الإلكترونية «زيرو هيدج» التي اعتادت نشر تحليلات غير تقليدية.
يرى ديردين أن القمة كانت ناجحة عند كل من رأى مصلحة أميركية في تخفيض التوتر مع روسيا، وكانت تشكل استسلاماً من ترامب لكل من رأى أن مصلحته تضررت جداً ولن يقبل بنتائجها.
والمعركة حول مصداقية ترامب وكفاءته في إدارة السياسة الأميركية أصبحت مستعرة بعد القمة بين اتجاهين رئيسيين داخل الجمهوريين والديمقراطيين وخارجهم، ويبرز بين هؤلاء اللاعبين المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» روبرت مويللير من عام 2001 حتى عام 2013، ويعد ثاني مدير بعد هوفر في مدة الخدمة في هذا المنصب، وهو أحد الذين أقسموا بعد سنتين من توليه المنصب على أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، وهو قد تأكد من ذلك تمهيداً لغزو العراق عام 2003 ثم تبين أنه كان يكذب بشكل فاضح، وهو الذي أعلن في 13 تموز الجاري قبل ثلاثة أيام من قمة بوتين ترامب عن إدانة 12 شخصية روسية بالتجسس والقيام بعمليات رصد وتأثير إليكتروني على انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2016، فبصفته المستشار المشرف على التحقيق حول تهمة تدخل روسيا بانتخابات الرئاسة الأميركية وحملاتها الانتخابية اختار مويللير هذا التوقيت بشكل متعمد لعرقلة أي نجاح مرتقب لقمة بوتين ترامب، ورغم أن ترامب أعلن في مؤتمره الصحفي المشترك مع بوتين أنه «لا يجد سبباً يجعله يصدق تقرير رئيس وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» عن تدخل روسيا في عام 2016 في الانتخابات على الرئاسة»، إلا أن وسائل الإعلام الأميركية انحازت إلى مويللير وحكمه القضائي الذي أعلنه قبل ثلاثة أيام من موعد القمة.
السؤال الذي يطرحه الآن بعض المحللين الإسرائيليين: هل ستستغل حكومة إسرائيل هذا الانقسام الأميركي حول ترامب بعد قمته مع بوتين وتنحاز إلى تحالف مويللير الداخلي أم ستقف على الحياد ما دام ترامب يتعهد بتقديم كل ما ترغب فيه؟
لقد كانت القيادة الإسرائيلية وما زالت تتبنى سياسة تسعى إلى زيادة التوتير في العلاقات الأميركية الروسية لأن كل تخفيض في التوتر يخدم مصلحة روسيا وحلفائها مثل سورية وإيران على حين أن التوتر يهيئ أجواء عدم الاستقرار في المنطقة وهو الوضع الذي تستفيد منه إسرائيل التي تفضل فرض المزيد من العقوبات الأميركية على إيران وروسيا وإضعاف قدرة التحالف السوري الإيراني الروسي.
من المؤكد أن الرئيس بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ يدركان هذا الدور الإسرائيلي تجاه إيران وسورية بشكل خاص، ولذلك سارع بوتين إلى الإعلان عن تقديم 50 مليار دولار لإيران تعويضاً عما ستخسره من العقوبات في اقتصادها، كما أعلنت الصين أنها ستشتري كل ما ترغب في بيعه إيران من النفط بدعم اقتصادها، وهذان الموقفان الروسي والصيني يعدان ضربة قاصمة في وجه رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لأنهما يعززان قدرة التحالف السوري الروسي الإيراني ويغلقان باب المناورات الإسرائيلية ضد هذا التحالف وتحديداً بعد قمة بوتين ترامب.

Exit mobile version