Site icon صحيفة الوطن

المناورات الروسية العسكرية وردع واشنطن

| تحسين الحلبي

في السنوات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 كانت الإدارة الأميركية تتابع كل ما يحدث من تطور للقدرات الألمانية والتهديدات النازية التي كانت تدعو إلى استعادة ألمانيا لمكانتها وموقعها وإنهاء العقوبات المقررة عليها كافة منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى التي هزمت فيها ألمانيا مع حليفها السلطان العثماني، ولم تلجأ الإدارة الأميركية في ذلك الوقت إلى انتهاج سياسة تردع هتلر عن سياسته العدوانية أو تحول دون تنفيذه لغزو عسكري على دول أوروبية مثل النمسا وتهديده لتشيكوسلوفاكيا عام 1938 قبل عام من إعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا في 3 أيلول 1939.
كانت واشنطن تعد قدراتها وأوراقها قبل الحرب بسنتين واستمرت باتباع هذه السياسة سنتين بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية على الأراضي الأوروبية، إلى أن انضمت إلى الحليفين بريطانيا وفرنسا وأعلنت الحرب على ألمانيا واليابان عام 1941.
ومنذ نيسان من العام الماضي ازداد عدد التحليلات والدراسات الإستراتيجية التي نشرتها المواقع الإلكترونية لمراكز الأبحاث والمجلات السياسية حول الاحتمالات المتزايدة لحرب عالمية ثالثة تقودها واشنطن على روسيا، والصين دولياً وإيران وسورية إقليمياً بموجب ما يراه معهد «كاتو» للدراسات الإستراتيجية الدولية يريد استخدام «شعب مونتينيغرو» ضد روسيا وهو احتمال غير قابل للتصديق لأنها دولة شعب سلافي على غرار الصرب وروسيا سلافية أيضاً؟!
ويبدو أن إدارة ترامب تعد الآن دولاً مثل السعودية ودول الخليج وإسرائيل لضمها إلى قائمة الدول الحليفة التي ستوظفها واشنطن في أي حرب إقليمية أو عالمية تعدها ومهما كانت مساحة الانتشار الجغرافي لهذه الحرب سواء إقليمية أم شبه عالمية.
وهذا ما يستنتجه الكثيرون من المراقبين من التصريحات النارية التي تزايدت في الأسبوع الماضي من وزير الدفاع الجنرال «جيمس ماتيس» والتحركات العسكرية في مناطق آسيوية وشرق أوسطية.
وسوى تترافق هذه الاستفزازات الاقتصادية والعسكرية الأميركي مع أكبر مناورات عسكرية روسية غير مسبوقة منذ أربعين سنة تقريباً.
ففي الرابع والعشرين من شهر آب الجاري كشفت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية الشهيرة أن المناورات ستبدأ من 14 أيلول المقبل حتى 20 منه وذكرت مجلة ذي ستار الأميركية أن المناورات سيشارك فيها أكثر من 300 ألف من الجنود وكانت آخر العناوين حول احتمالات حرب كهذه قد حملتها مجلات بريطانية وأميركية بشكل خاص منذ أواسط تموز الماضي وأصبحت مؤشرات وأهداف هذه الحرب الأميركية تزداد في آب الجاري حين تعثر الانفراج الأميركي مع كوريا الشمالية وازدادت العقوبات على إيران وروسيا والصين على شكل حرب اقتصادية واسعة وشبه عالمية ستتحول أوروبا إلى أكبر خاسر منها إذا ما استمرت إدارة ترامب بتوجيه هذه الحرب على الصين بشكل خاص وروسيا وإيران بشكل عام.
وفي هذه الأوقات المتسارعة ما زالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنشط في تجنيد كل قوة أو قدرة تتوافر لها لتجنيدها وتوظيفها في الاستعدادات لمثل هذا الاحتمال المقبل على العالم ففي الشهر الماضي استضافت قناة فوكس نيوز الأميركية ترامب وسألته عن مدى حاجته إلى دولة صغيرة مثل دولة «الجبل الأسود، مونتينيغرو» في عضوية حلف الأطلسي وهي آخر دولة توافق واشنطن على ضمها لحلف وجاء في السؤال: «هل ستقبل لابنك أن يموت دفاعاً عن دولة صغيرة كهذه؟» فأجاب: «إن شعب «مونتنييغرو» مشهور بمبادرته الهجومية وسيكون قوياً في حرب عالمية ثالثة» ويبدو أن ترامب وآلافاً من الجنود الصينيين وألف طائرة حربية ستشكل النتائج التي سيرصدها حلف الأطلسي «والبنتاغون» وزارة الدفاع الأميركية تثبيتاً جديداً للقدرات العسكرية الأكثر تطوراً مما عرضه الرئيس فلاديمير بوتين في شهر آذار الماضي أمام عدسات القنوات التلفزيونية حول القوة العسكرية الروسية الصاروخية التي ذكر حين عرضها «غير القابلة للرد أو الإخفاق في إصابة أهدافها» ووصف معظم الخبراء الأميركيين والأوروبيين مشاركة الصين بـ3200 جندي في هذه المناورة الروسية، إضافة إلى أكثر من 30 طائرة أكبر إنجاز للتحالف الروسي الصيني لأن الصين ظهرت وكأنها من أهل البيت الروسي في هذه المناورة الروسية وهذا ما يفرض على واشنطن وضعه في حساباتها ووصف «ديميتري بيسكوف» الناطق باسم الكرملين مشاركة الصين بأنها «دليل على توسيع التعاون بين الدولتين الحليفتين في كل المجالات» وثمة من يرى أن المناورات الروسية ستشكل ردعاً قوياً لأي نية أميركية بشن حرب عالمية ثالثة على روسيا وحلفائها.

Exit mobile version