Site icon صحيفة الوطن

لماذا لا تقبل نصيحتي…؟!

نحتاج من يهمس في آذاننا بمحبة وصدق ويأخذ بأيدينا ويعيدنا إلى جادة الصواب أن أخطانا، ويقدم لنا النصيحة أن احتجنا…
نحتاج إلى أيدي دافئة تضغط على أيدينا برفق وإحساس صادق وعندها نتقبل كل عبارات النصيحة ومفرداتها..
قيل قديماً «النصيحة بجمل»، ويقال أيضاً «من شاور الناس شاركهم عقولهم»، على الرغم من حاجتنا جميعاً للنصح وفائدة النصيحة العملية والنفسية، لكنها قد تكون مصدر إزعاج أن أتتك من الشخص غير المناسب وفي الوقت غير المناسب.
لا تنصحني «كل واحد أدرى بمصلحته»؟
يقول علماء النفس: «النصيحة التي تكره سماعها هي النصيحة التي تحتاجها فعلا في حياتك».
«لن أنصحك بشيء فلا شيء أثقل على النفس الحرة من تلقي النصائح» فإذا كنا نحتاج من ينصحنا ويرشدنا، لماذا نخاف من النصيحة وفي كثير من الأحيان نكرهها ونردد عبارة «كل واحد أدرى بمصلحته»؟
وإن كنا لا نحتاجها ولا نريدها ولا نتقبلها من أحد، مقتنعين بأننا نعلم الخطأ من الصواب، لماذا نطلب النصيحة من الآخرين ونعمل بها أحياناً؟! وفي بعض الأحيان نرى الخطأ واضحاً ولكن لا نجرؤ على نصحهم، لأنهم ربما يفهمون ما نقوله لهم أنه تكبر ولا يقبلون النقد والنصائح ويتهمون بالفوقية.
إذا من المفروض عليك أن تراجع نفسك إذا أردت أن تساعد شخصاً على الاستفادة من تجاربك في الحياة وأردت إعطاءه نصيحة، وكذلك يجب أن تحدد الطريقة التي يجب أن يسمع بها كلامك، فكلّ منّا له طريقته في الحياة، وكل منا له أهدافه، وبالتأكيد يقبل النصائح والملاحظات ولكن بأسلوب معين وليس بصيغة الفرض أو الأمر والنقد، لذا أغلب الناس لا يفضلون سماع ملاحظات أو تعليقات الآخرين.
نصيحة واحدة قد تغير حياتك.. إن قدمت لك بطريقة صحيحة؟
النصيحة تعني إرادة الخير للمنصوح له بفعل ما ينفعه أو ترك ما يضره، أو تعليمه ما يجهله،
ومهما تنوعت وسائل الاتصال والتأثير، ستظل الكلمة المباشرة والصادقة المخلصة تحتل مكانة عالية وأساسية في الحياة.
الكل قد يقدم النصيحة، ولكن ليس الكل يعطيها بأسلوبها الصحيح، الكثير يود لو يعطي نصيحة لأصدقائه لكنه يفتقد الأسلوب والوسيلة والدبلوماسية.
قد نتجاهل كثيراً النقد الموجه لنا، لكن مهما تجاهلنا لابد أن يبقى أثر منه ولو بسيطا في نفوسنا فنخدعها ونصرف الانتباه عن النقد والنصيحة لكي نحافظ على تقديرنا الايجابي لذاتنا ونتهرب من مواجهة الفشل والشعور بالضعف.
النصيحة أسلوب لا يجيده الكثيرون وهي نوع من التقويم للمجتمع وغيابها قد يصيب المجتمع بكارثة وتعطى في الوقت المناسب والأسلوب المناسب فلا صراخ ولا شتائم وهؤلاء يدعون النصيحة..
وبالفعل نصيحة واحدة قد تغير مجرى حياتك وربما أيضاً قد تنقذك من كارثة إن كان أساسها العلم والمعرفة والتجربة في الحياة، وليس الجهل والتهور و«البروظة»، فبعضهم يقدم لك كلاما غير صحيح ويعطي نصائح هو لا يفعلها.
فلا تقدم النصيحة إلى من يظن أنه أفضل منك وهذا يظهر في نبرة صوتك وتعابير وجهك وحركات اليدين، ولا تعطي نصيحة لا تفعل بها أنت، ولا تعطي نصيحة خاطئة، وخصوصاً لو كنت عالما بأنها خاطئة، لا تنصح من منطق أن المنصوح جاهل ولا يعرف ماذا يفعل حتى لو كان لا تشعره بذلك.
ودائما توخى الحذر وأنت تقدم النصيحة لأنك لو أخطأت في النصح قد تسبب كارثة في حياة الآخر ولو أصبت تزرع وتنشر المحبة والود القلب
واعط نصيحتك في السر وليس في العلانية، وبشكل إفرادي وليس أمام الجماعة فإن النصح بين الناس قد يعتبره البعض نوعاً من التوبيخ ولا يرضى سماعه.
انصح برفق ولين ومحبة «الشدة من غير عنف واللين من غير ضعف» وابتعد عن النقد مع استخدام الكلمة الطيبة والابتسامة وبرغم كل ذلك لا تتوقع أن يقبل الآخر نصيحتك وملاحظاتك ومع ذلك لا تتردد في تقديمها.

في النهاية
النصيحة فن من فنون الحياة يجب أن تتصف باللين والصبر على ردود أفعال الآخر لأنها قد تجلب في بعض الأحيان للناصح نوعا من الأذى وردة الفعل غير المحسوبة..
فالكلمة الطيبة تحتضن القلب وتنعشه وتبلسم الجروح وتخفف الآلام، وتبدد الخوف، تتسلل إلى نفوسنا من دون استئذان لنشعر بدفئها وتُزهر معها أيامنا.. فقدم النصيحة بحب وحنان ودفء لأنها لا تحتاج إلا إلى ذلك والجميع يستطيع قولها فهي لا تتطلب جهداً أو تعباً وهي علامة واضحة على المحبة والصدق ودليل حقيقي على حب الآخرين وصلاح البيئة الاجتماعية والقضاء على سلبياتها.

Exit mobile version