Site icon صحيفة الوطن

إذا عرف السبب بطل العجب

ميسون يوسف :

منذ الأيام الأولى للعدوان الإرهابي الشامل الذي استهدف المنطقة عامة وسورية والعراق خاصة كان واضحاً تركيز الجماعات الإرهابية على الآثار والأماكن التاريخية لهدمها وهدم كل ما له صلة بالحضارة القديمة وآثار القرون الغابرة. لقد أظهر الإرهابيون بذريعة واهية مزيفة أو من غير ذريعة أبداً، أظهر الإرهابيون عداء وحقداً على الآثار بصورة عامة وعلى الآثار الأشورية والبابلية القديمة، وفجروا هذا الحقد تدميراً للآثار واجتثاثاً للتاريخ.
ومع كل عملية هدم وتفجير لمنطقة أثرية أو لهيكل أو تمثل هنا أو كنيسة أو مسجد أثرى هناك كان المتابعون يطرحون السؤال مستفسرين عن علاقة الهدم الممنهج ذاك بالثورة المزعومة أو الأعمال الإرهابية المسماة قتالاً للسلطة هنا أو هناك.
سؤال يطرح فيعجز الخبراء عن إيجاد جواب موضوعي منطقي له حتى أن بعض الذرائع التي كان يسوقها الإرهابيون التكفيريون كانت سطحية واهية يرد عليها بردّ قاطع يسقطها ردّ يقال فيه: «إن لم يكن الإسلام يجيز وجود هذا الآثار فكيف بقيت في مكانها طوال القرون الأربعة عشر الماضية رغم أن من حكم خلالها حكم باسم الإسلام وأنه يعتمد الشريعة الإسلامية ورغم كل ذلك فإنه لم يقترب من الآثار بل حافظ عليها وأضاف إليها من جواهر العمارة والبناء ما جعل مدن الشرق تحفاً أثرية ومعمارية؟».
فالمسألة إذاً لا علاقة لها بالدين الإسلامي قطعاً وليست أبداً تطبيقاً للشريعة الإسلامية كما أنها لا تتصل لا من قريب ولا من بعيد بالعمليات العسكرية والمواجهة التي شكلت الجماعات المسلحة الطرف المعتدي الإجرامي فيها، ومع هذا النفي والاستبعاد يطرح السؤال مجدداً: لماذا إذاً تقوم هذا الجماعات الإرهابية بالإبادة التاريخية وتدمير آثار الحضارات في سورية والعراق؟
هنا قد يفاجأ السائل إذا قلنا إن الجواب وبكل بساطة قائم في جملة واضحة يتضمنها التلمود اليهودي الذي تعتمده الحركة الصهيونية دستوراً وشريعة تلتزم بها، جملة تقول: «لن يبنى هيكل سليمان مجدداً ما لم تمح جميع الآثار الأشورية والبابلية وآثار حضارة ما بين النهرين».
ولأن التلمود ملزم في عقيدتهم الصهيونية ولأن هيكل سليمان وإعادة بنائه هو السحر الذي تغري به الحركة الصهيونية يهود العالم ولأن الجماعات الإرهابية هي أداة هذه الحركة وسلاح المشروع الصهيوأميركي فإن هذه الجماعات تتصرف حيال آثار أشور وبابل وكل حضارة العراق والسورية تصرفاً انتقامياً لتسهل إقامة الهيكل المزعوم، وفي ذلك دليل آخر يضاف إلى ما نقوله دائماً: إن الإرهابيين مرتزقة وعملاء للمشروع الصهيوأميركي وإن قتالهم إنما هو واجب لمواجهة هذا المشروع الاستعماري الاحتلالي الذي يستهدف المنطقة وشعوبها وتاريخها.

Exit mobile version