Site icon صحيفة الوطن

محافظ كركوك الفار

استقبل رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في الـ16 من حزيران الماضي، نجم الدين كريم، محافظ كركوك السابق بعد أقل من 24 ساعة من وصوله مطار أربيل قادماً من بيروت، حيث كان قد اعتقل في مطارها الدولي في الـ21 من أيار الماضي من قبل الإنتربول الدولي، ومُنع من مغادرة لبنان لنحو 25 يوماً لاستكمال التحقيقات معه، بعد الإفراج عنه في اليوم التالي لاعتقاله.
نجم الدين كريم الذي يحمل الجنسية الأميركية إضافة إلى العراقية، طبيب جراح في الجملة العصبية، كان عضواً في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن أبرز قادته المقربين من رئيس الحزب الراحل جلال طالباني، وطبيبه الخاص، الذي كان قد تسلم منصب محافظ كركوك في الـ3 من نيسان 2011، مستمراً في عمله كمحافظ لغاية فراره من المحافظة في حزيران 2017.
الوسائل الإعلامية الكردية المحسوبة على الحزب الديمقراطي الكردستاني، والوسائط الإعلامية الخليجية، إضافة إلى تلك التي ترتزق بالمال الخليجي، سوقت بشكل مُركز تصريحات نشوان جلال سكرتير المحافظ السابق، على أن توقيف نجم الدين كريم «كان للاشتباه بقضية كيدية رفعت ضده بكركوك بتهمة استيلائه على عجلات تخص المحافظة».
لقد فرض الأكراد سيطرتهم على معظم محافظة كركوك الغنية بالنفط، وعلى أجزاء من محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى، مستغلين الفراغ الذي تركه انهيار الجيش العراقي بعد الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على مدينة الموصل في حزيران 2014. ففيما استولى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الـ2 من آذار 2017 على شركة نفط كركوك الحكومية، قام محافظ كركوك القيادي في الحزب، نجم الدين كريم، برفع علم إقليم كردستان فوق قلعة كركوك التاريخية ومباني الحكومة الرسمية في الـ16 من الشهر ذاته، معلناً إضافة اللغة الكردية إلى العربية في المخاطبات الرسمية بالمحافظة، رافضاً كل المناشدات من داخل المحافظة وخارجها في إبقاء الوضع على ما هو عليه قبلاً، مستهتراً بالقرار الذي اتخذه مجلس النواب العراقي في الـ1 من نيسان 2017، بـ«رفع العلم العراقي حصراً في محافظة كركوك»، وإنزال العلم الكردي، مصعداً من تحديه للحكومة المركزية في بغداد باتخاذ «قرار إجراء استفتاء شعبي لتقرير مصير المحافظة»، بعد إعلان نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان آنذاك، في مؤتمر صحفي في الـ7 من حزيران 2017، أنه «لا يوجد مناطق متنازع عليها بعد الآن وأن تلك المناطق كردستانية حررت بدماء «البيشمركة»، وانتهى أمرها وأنه لم يبق شيء اسمه مناطق متنازع عليها في قاموس الإقليم وهي كردستانية وعادت إلى الإقليم».
في الـ14 من أيلول 2017، صوت المجلس النيابي العراقي على إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم من منصبه، كما أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الـ17 من الشهر ذاته «أمراً ولائياً» بإيقاف إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان والمناطق الأخرى خارجه، الذي يعني أن الإجراءات التي ستتم بموجب الاستفتاء وما سينتج عنها باطلة، ولاحقاً أصدرت محكمة استئناف كركوك في الـ23 من أيار 2018، مذكرة قبض بحق كريم، وبالحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، على خلفية العديد من المخالفات القانونية والجنائية، بينها: دعوته أبناء محافظة كركوك لحمل السلاح والدفاع عن محافظتهم بمواجهة الجيش العراقي «المحتل»!
الحكومة المركزية في بغداد وبعد فشل كل محاولات الاحتواء والتفاهّم مع المحافظ المتمرد، قررت استعادة المحافظة بالقوة، رافضة القبول بـ«سلخ كركوك» من العراق كأمر واقع، فرضه استغلال الانفصاليين للظروف الإقليمية والمحلّية في ذلك الوقت، وأعطت أوامرها للقوات العراقية في الـ16 من حزيران 2017 بـ«فرض الأمن في كركوك»، التي استطاعت خلال ساعات معدودة، من استعادة أغلب مناطق محافظة كركوك، رافعة العلم العراقي فوق المجمع الحكومي ومقر المحافظة بكركوك، بعد إنزال أعلام إقليم كردستان من عليها، ما أدى إلى فرار محافظها نجم الدين كريم، وانسحاب قوات «البيشمركة» من كامل أراضي المحافظة.
محافظ كركوك الفار، بحقه دعاوى كبرى عديدة، منها ما هو مالي وأخرى جنائي، تصل عقوباتها وفق القانون العراقي إلى الإعدام، فضلاً عن انتهاجه سياسة قومية عنصرية خلال توليه منصب محافظ كركوك، عمدت إلى تغيير ديموغرافي على حساب العرب المسلمين والمسيحيين والتركمان والعبث بسجلات ملكيتهم، وإشرافه على العمليات الإجرامية التي طالت شخصيات ومقار عربية وتركمانية في المحافظة.
تبريرات اعتقال الطبيب الهارب محافظ كركوك السابق في بيروت ساذجة ومضحكة، لا يَحترم فيها مسوقوها أنفسهم ولا من يستمع إليهم، فهل من المعقول أن تقوم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الانتربول» باتخاذ قرار ملاحقة موظف وتوقيفه لعدم قيامه بتسليم «عهدته» الرسمية؟!
صلوا على النبي.

Exit mobile version