Site icon صحيفة الوطن

بعد تعليق حسان دياب سداد استحقاق «اليوروبوندز» … لبنان نحو هيكلة الديون.. و«حزب الله» يرحب بأي مساعدة خارجية «لكن بشرط»

أكد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «حزب اللـه يرحب بأي مساعدة خارجية شرط ألا يتم التسلل لفرض وصاية وهيمنة خارجية على لبنان.
وأوضح قاووق، «نحن لا نريد أن نرهن اقتصادنا ومجتمعنا ومستقبل أهلنا لجهات خارجية، وفي الوقت نفسه حريصون على الإصلاحات التي تشجع الجهات الخارجية على تقديم المساعدات. لبنان دخل في مرحلة جديدة، لأن الحكومة تعمل بنهج جديد ورؤية جديدة تضع لبنان على مسار الاقتصاد المنتج صناعياً وزراعياً، للخروج من أزماته»، وذلك حسب ما نقل عنه موقع «لبنان24».
وفي معرض تعليقه على استحقاق دفع سندات «يوروبوندز»، قال من بلدة الصوانة: «كان لا بد من اتخاذ قرار جريء يحمي مصالح اللبنانيين وحقوق المودعين، ونحن ما كنا أبداً لنقبل أن تدفع الدولة السندات والديون الخارجية من أموال المودعين، فهذا حقّ الناس، ونحن نساعد في أي حل، شرط أن نحفظ حقوق المودعين، ولا نمد اليد إلى جيوب الفقراء».
وأضاف: «البلد كان على حافة الانهيار، والحكومة بادرت إلى اتخاذ قرارات جريئة مالياً واقتصادياً وقضائياً لإنقاذ البلد، والمطلوب ألا يعرقل أحد عملها، وإذا كان هناك من لا يريد أن يساعدها من بعض القوى السياسية، فعليه ألا يعرقل وألا يحرض، علماً أن بعض القوى السياسية تراهن على إخفاق الحكومة حتى لو كان ثمن ذلك انهيار البلد، وهذا أبعد ما يكون عن المسؤولية الوطنية».
وما من شك أن كلمة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب أول من أمس كانت مفصلاً في تاريخ الحكومات اللبنانية لجهة مقاربة السياسة المالية للبلاد. فالرجل خرج ليعلن تعليق «سداد استحقاق 9 آذار من اليوروبوندز، لضرورة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الأساسية للشعب اللبناني».
وهو الأمر – أي تعليق السداد – الذي يعد سابقة في تاريخ طويل من علاقة الحكومة بالدائنين، إذ لم يحدث للبلد الذي «تخطّى مجموع الدين العام فيه الـ90 مليار دولار، بما يشكل نحو 170% من الناتج المحلي» وفق دياب، أن تخلّف أبداً عن استحقاقاته.
وتقوم فكرة هيكلة الدين على استبدال دين سيادي قديم للدولة بدين سيادي جديد، وذلك بعد التفاوض مع الدائنين. وفي حال عدم التوصّل إلى صيغة مُرضية، سيكون بإمكان الدائنين رفع دعاوى قضائية على الدولة اللبنانية في الخارج، ما قد يؤدي إلى الحجز على بعض أصولها.
«هذه خطوة لا مفرّ منها» يقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ«الميادين نت»، ويتابع قائلاً «لكن الأهم من الإعلان عن خطوة التعليق وإعادة الهيكلة، هو معرفة ما سيترتب على هذا الإجراء خاصة في ما يتعلق بالجانب القانوني».
ويرجّح عجاقة أن يكون الفريق الحكومي قد أنبأ كبار مالكي سندات اليوربوندز بالأمر قبل إعلان أول من أمس، لكن ماذا عن صغار المالكين؟ يجيب أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية بأن ذلك لم يتم، ما قد يمثل عثرة في سير التفاوض بشأن الهيكلة، ويدخلها في إرباك المرافعات القضائية.
ويشير عجاقة إلى إجراء قانوني «غير مفهوم» اعتُمد منذ تشرين الأول 2014، وذلك بإلغاء بند في سندات اليوروبوندز ينص على أن «بإمكان الأغلبية المؤهلة من حاملي السندات ربط جميع حاملي السندات ضمن القضية نفسها بالشروط المالية لإعادة هيكلة الدين العام»، وهذا ما يرتب على الحكومة التفاوض مع جميع حاملي السندات والتوصل لتسوية كي لا تُستدرج الدولة اللبنانية إلى محاكم نيويورك أو باريس أو لندن المالية.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين أن إعلان دياب أول من أمس «جريء ومفصلي»، معللاً ذلك بقوله إن «الحكومات السابقة لم تكن شريكة في السياسات النقدية، لكن هذه المرة قررت حكومة دياب أن تكون المتحكمة بالسياسة النقدية وألا تهدر موارد الدولة المالية المرتبطة بحاجات الناس الأساسية».
وأضاف ناصر الدين في حديث لـ«الميادين نت» أن التفاوض بين الحكومة وحاملي السندات بدأ بالفعل، وهذا «ما يتطلب التفافاً شعبياً حول قرار الحكومة ومفاوضين أكفاء يعملون لتأمين مصالح الدولة لا مصالح المتحكمين برؤوس الأموال».
وأوضح ناصر الدين أن «تعليق السداد ترك باب التفاوض مفتوحاً مع المالكين، لهم حقوق عند الدولة، لكن الأخيرة بحاجة إلى بعض الإصلاحات والتعديلات، وبالتالي تحتاج للتفاوض معهم حول فوائد الدين ومدة التسديد وغيرها من الأمور».
وبلغت قيمة الدين العام في لبنان لغاية تشرين الأول 2019، 87.1 مليار دولار، منها 32.51 ملياراً محرّراً بالدولار و54.5 ملياراً محرّراً بالليرة، فيما تشكّل سندات اليوروبوندز 93.6% من مجموع الديّن المحرر بالدولار.
وبدأت معالم الأزمة تتضح منذ عام 2011 مع بدء تسرب الدولارات من احتياطات مصرف لبنان المخصّصة للحفاظ على ثبات سعر الصرف وتمويل حاجات الاستيراد، ما انعكس عجزاً متراكماً في ميزان المدفوعات.

Exit mobile version