Site icon صحيفة الوطن

هل تغسل «هيئة التحرير السورية» ماء وجه القوى المتآمرة؟

سامر ضاحي :

يبدو أن المشاركة الروسية الجوية في سورية وإشعال الجيش السوري جبهات القتال فيما يقارب عشر محافظات ضربا مخططات التعويل على التنظيمات المسلحة بما في ذلك التكفيرية الإرهابية من قوى إقليمية ودولية كانت تراهن على مسألة الوقت لإسقاط النظام في سورية، وتحقيق مآربها فيها الأمر الذي دفع بالقوى الإقليمية والدولية للملمة ما تبقى لها من تنظيمات على الأرض في محاولة لتوحيدها ضمن تشكيل سياسي وعسكري قد يتطور إلى بديل من الائتلاف المعارض يحصل عبرها على مختلف الأسلحة لمواجهة الروس كأولوية تسبق الحاجة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وقد سربت صحيفة «الحياة» اللندنية عن معارضين سياسيين وعسكريين من الائتلاف المعارض أن دولاً إقليمية بينها تركيا وقطر كثفت اتصالاتها السياسية والاستخباراتية مع التنظيمات المسلحة السورية لتشكيل ما تسميه «هيئة التحرير السورية» رداً على المشاركة الروسية في سورية الذي تعتبره «احتلالاً».
التسريب الذي جاء من صحيفة مملوكة لآل سعود يبدو أنه يوجه أكثر من رسالة: الرسالة الأولى موجهة للروس فالدول الخليجية مع تركيا وبعض الدول الإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة لم تصرف الأموال والوقت والأسلحة هباء على ما تسميه «المعارضة» ليأتي الروس وفي لمحة بصر ويقضوا على آمالها دفعة واحدة حتى لو كلف ذلك دعوات لـ«الجهاد» ضمن المنظمات الإرهابية في سورية فهم مستعدون للتحالف مع الشيطان لتحقيق مآربهم، أما التنظيمات التي ستنضوي تحت لواء «هيئة التحرير الوطنية»، وستزيد الدول الإقليمية مستوى الدعم العسكري لها، فترجح أن تكون «الجبهة» الجسم الأكثر قبولاً لدى حاضنة المعارضة، ومن ثم الأكثر قدرة على تحقيق انتصارات تدفع روسيا للعمل على حل سياسي وفق مقررات جنيف، فهم يعتبرون أن موسكو لم تكن صادقة في التزامها بالعملية السياسية، وإنما هي «طرف من أطراف الصراع وحليف أساسي للنظام».
الرسالة الثانية يبدو أنها وجهت للائتلاف، فما يسمى «هيئة التحرير السورية» قد يكون بديلاً من الائتلاف المعارض وخاصة أن أحد أهم أهدافها التنسيق العسكري بين التنظيمات وتشكيل مجالس محلية ومدنية وسياسية داخل البلاد مع إعطاء دور إضافي لرجل الأعمال مصطفى الصباغ ورئيس الوزراء الأسبق رياض حجاب المقربين من الدوحة، وهذا يعني إعادة ترتيب البيت الداخلي للائتلاف أو كما فسره بعض الأعضاء فيه «خطة للإطاحة بالائتلاف ومحاصرته» ولا سيما بعد أيام من اتفاق الائتلاف وكبرى التنظيمات المسلحة على تشكيل القيادة العسكرية العليا.
الرسالة الثالثة: موجهة للتنظيمات التي تقاتل الجيش العربي السوري على اختلاف انتماءاتها والتي تشمل التنظيمات الإرهابية والميليشيات المتشددة لزيادة التنسيق العسكري والسياسي، فعندما تعتبر القوى المجتمعة مؤخراً مع وزير الخارجية القطري خالد العطية في إسطنبول أن المشاركة الروسية «احتلال» ومن ثم ترى فيه تهديداً لوجودها ويصبح من واجبها دعم القوى المعارضة له بكل أنواع الأسلحة للحفاظ على الوضع الراهن على الأقل إن لم يكن بمقدورها أفغنة الحالة السورية واستنزاف روسيا في حرب طويلة في سورية ولا سيما بعد استقدام «الجهاديين» من كل حدب وصوب إليها، كما يدفع التنظيمات التي ترفض الانضواء تحت راية واحدة على التوحد مع التنظيمات الأخرى كي تضمن استمرار الدعم والوجود، ولذلك توقعت بعض المصادر أن تسفر الاتصالات بين حلفاء المعارضة عن «رفع مستوى التنسيق بين الفصائل الإسلامية وجبهتي الشمال القريبة من تركيا وقطر وجبهة الجنوب القريبة من الأردن».
الرسالة الرابعة: موجهة للولايات المتحدة والقوى الغربية لزيادة الدعم العسكري عبر البرنامج السري التابع لـ«وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) وأجهزة استخبارات غربية وإقليمية ممثلة في غرفتي العمليات في تركيا والأردن والمخصص لتنظيمات مختارة من «الجيش الحر» الذي أثمر عن وصول نحو 500 صاروخ «تاو» أميركي مضاد للمدرعات إلى التنظيمات المسلحة بحسب «الحياة»، بعد تخفيض واشنطن ميزانية البرنامج العلني التابع لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) البالغة نصف بليون دولار المخصص لمحاربة داعش لمصلحة تحويل جزء منها لمصلحة دعم «جيش سورية الديمقراطي» (جسد) الذي حصل مؤخراً على 50 طناً من الأسلحة الأميركية عبر شحنة جوية أعلنت عنها واشنطن، على حين ترى القوى الإقليمية أن الأولوية اليوم هي لمحاربة روسيا حتى أن زعيم النصرة المدعو أبو محمد الجولاني دعا الأسبوع الماضي إلى الجهاد ضمن الأراضي الروسية.

 

Exit mobile version