Site icon صحيفة الوطن

واشنطن وموسكو اقتربتا من توقيع اتفاق «عدم التصادم»… تحول في الموقف التركي من بقاء الرئيس الأسد «مسايرة لحلفائنا الأميركيين» و«غيرهم» و«تحت وطأة المستجدات في سورية»

الوطن – وكالات :

مع اقتراب واشنطن وموسكو من توقيع اتفاق لمنع تصادم طائراتهما فوق الأجواء السورية، برز تحول في الموقف التركي لناحية استعداد أنقرة للقبول ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة ولو لمدة ستة أشهر قبل أن يتنحى..!، وكأن بقاءه أو تنحيه تقرره حكومة أردوغان، وليس الشعب السوري.
هذا التحول في مواقف أنقرة، قدمه مسؤولان تركيان على أنه مسايرة لحلفائهم الأميركيين والآخرين. وترافق التحول التركي مع إعلان واشنطن أنها لم تطالب بالاستقالة الفورية للرئيس الأسد، في حين اعتبرت لندن أنه لا بد أن يرحل في «مرحلة ما» خلال عملية الانتقال السياسي. وأبلغ مسؤولان كبيران في الحكومة التركية وكالة «رويترز» للأنباء، أن أنقرة مستعدة لقبول انتقال سياسي في سورية يظل بموجبه الرئيس الأسد في السلطة لمدة ستة أشهر قبل تنحيه.
ونقلت الوكالة عن أحد المسؤولين، قوله شريطة عدم الكشف عن هويته: «العمل على خطة لرحيل (الرئيس) الأسد جار… يمكن أن يبقى ستة أشهر ونقبل بذلك لأنه سيكون هناك ضمان لرحيله». واستطرد قائلاً: «تحركنا قدماً في هذه القضية لدرجة معينة مع الولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين. لا يوجد توافق محدد في الآراء بشأن متى ستبدأ فترة الأشهر الستة هذه، لكننا نعتقد أن الأمر لن يستغرق طويلاً».
في واشنطن، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تدعو إلى الاستقالة الفورية للرئيس الأسد. وجاء في بيان بثته الوزارة على موقعها الإلكتروني، ونقلته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، «لم نكن نقول إن عليه (أي الرئيس الأسد) أن يرحل غداً، وقلنا إنه لا يمكن أن يكون (الرئيس الأسد) جزءاً من العملية الانتقالية».
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بلاده ترغب في رحيل الرئيس الأسد «في مرحلة ما» في إطار أي اتفاق تتوصل إليه القوى العالمية لإنهاء الصراع. وأمام مجلس العموم البريطاني (البرلمان)، قال هاموند، وفقاً لوكالة «رويترز»: «نحن على استعداد للتواصل مع كل من يريد التحدث عن شكل الانتقال السياسي في سورية»، واستدرك موضحاً: «لكننا واضحون جداً فيما يتعلق برؤيتنا في أنه لابد وأن يتضمن في مرحلة ما رحيل (الرئيس) بشار الأسد». وأشار إلى أن بريطانيا تعتقد أن هناك ما بين عشرة آلاف و13 ألف مقاتل نشط لتنظيم داعش في العراق. وأضاف إنه يعتقد أن عدد مقاتلي المعارضة السورية غير المنتمين لداعش ولا لـ«جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة» في سورية، نحو 80 ألفاً. ورفض اقتراح تركيا إقامة مناطق على الحدود السورية التركية، من أجل استخدامها كقاعدة لقتال تنظيم داعش، واعتبره «اقتراحاً غير عملي».
وبالعودة إلى موقف أنقرة الجديد بشأن مسألة بقاء الرئيس الأسد، فعلى الأرجح أنها نسقته مع السعودية خلال زيارة وزير الخارجية عادل الجبير إلى تركيا الأسبوع الماضي. وقبل يومين أعلنت الدبلوماسية السعودية موافقتها على بقاء الرئيس الأسد إلى حين يتم تشكيل الهيئة الانتقالية. وربما جاء هذا التحول في الموقفين السعودي والتركي تحت وطأة الاندفاعة الروسية في سورية، وتقليص التباين مع مصر والإمارات والأردن، الدول التي أبدت تأييداً متفاوت العلنية، للضربات الروسية ضد الإرهابيين في سورية، وأيضاً مع الدول الغربية، التي لينت مواقفها من مسألة رحيل الرئيس الأسد.
وسبق لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل النهيان أن التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو بعد إطلاق روسيا لعمليتها العسكرية في سورية. واتبع المسؤول الإماراتي محادثاته الروسية باتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، شددا خلاله على أهمية تحقيق الانتقال السياسي في سورية. وبعد أيام، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري من العاصمة الإسبانية مدريد، عزمه إجراء مباحثات بشأن سورية مع ممثلي روسيا وتركيا والرياض والأردن. وسارع دبلوماسي روسي إلى الكشف عن لقاء ثلاثي روسي أميركي سعودي تقرر أن يعقد في العاصمة النمساوية فينيا، لمناقشة الأزمة السورية.
في سياق آخر، أعلنت واشنطن أنه تم توقيع اتفاق مع موسكو حول اعتماد الطيارين الأميركيين والروس الإنجليزية لغة مشتركة بينهم لتنظيم حركة الطيران خلال تحليقهم في الأجواء السورية. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إيرنست» الإثنين، وفقاً لموقع «روسيا اليوم»، أن «مذكرة التفاهم» جاءت لضمان تنظيم حركة الطائرات تجنباً للحوادث، مشيراً إلى أن هذه المذكرة «لا ترتقي إلى مستوى أي نوع من التعاون الإستراتيجي على الإطلاق».
وقد تواصل مسؤولون في وزارتي الدفاع الأميركية «البنتاغون» والروسية، منذ بدء موسكو غاراتها الجوية فوق الأجواء السورية، وذلك لتنسيق حركة الطائرات في السماء، دون حدوث اشتباكات بين طائرات قوات التحالف والطائرات الروسية.
وبالترافق مع إعلان البيت الأبيض، أوضح المتحدث باسم «البنتاغون» الكابتن جيف ديفيس أن الولايات المتحدة وروسيا باتتا قريبتين جداً من توقيع اتفاق لتفادي أي حادث جوي بين الطائرات الأميركية والروسية في الأجواء السورية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ديفيس قوله: «أصبحنا قريبين جداً لدينا وثيقة شبه جاهزة لتوقيعها» موضحاً أن بروتوكول اتفاق قد يوقع اعتباراً من الثلاثاء (أمس).
واقتربت المقاتلات الروسية جداً في واقعتين منفصلتين من الطائرات الأميركية في سماء سورية، إحداهما كانت خلال الأسبوعين الماضيين حيث اقتربت مقاتلة روسية من طائرة أميركية على مسافة 500 قدم (152.4 متراً). والثانية كانت الخميس الماضي حيث اقتربت طائرة روسية من طائرتين أميركيتين إلى 1500 قدم (457.2 متراً).
وكشف مسؤول أميركي لشبكة «سي. إن. إن» الأميركية للأخبار أن القادة العسكريين الأميركيين حذروا طياريي بلادهم العاملين في الأجواء السورية من الرد على المقاتلات الحربية الروسية التي تقترب من طائراتهم في سورية. وقال المصدر الذي وصفته الشبكة بـ«المطلع على الملف» إنه تم إبلاغ الطيارين باتخاذ إجراءات الملاحة الآمنة.

Exit mobile version