أضحى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، خارج أسوار البيت الأبيض، منذ العشرين من كانون الثاني الماضي، لكن متاعبه السياسية والقضائية في العاصمة واشنطن لم تنته بعد، حيث بادر الديمقراطيون، إلى إطلاق عملية عزل ترامب، بعد حادثة اقتحام الكونغرس في السادس من كانون الثاني الماضي، عندما قام موالون للرئيس الجمهوري وقتها، بالهجوم على مبنى الكابيتول لأجل عرقلة تصديق مجلس الشيوخ على نتائج الانتخابات الرئاسية التي يصفونها بالمزورة.
وعشية بدء جلسات محاكمة ترامب، طلب محاموه من مجلس الشيوخ العدول فوراً عن محاكمته، معتبرين أنها انتهاك للدستور و«مسرحية سياسية تشكل خطراً على الديمقراطية»، في حين اعتبر المدّعون الديمقراطيون أنّه ارتكب أخطر «انتهاك للدستور».
وكتب المحاميان ديفيد شون وبروس كاستور في مرافعة من 78 صفحة سلّمت لمجلس الشيوخ عشيّة بدء المحاكمة: إنّ «اللائحة الاتهامية التي تبنّاها مجلس النواب غير دستورية في جوانب عدّة، ويكفي كلّ من هذه الجوانب وحده لاعتبارها فوراً لاغية وفي غير محلّها».
إلى ذلك، أعلن زعيما الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ أنهما توصلا مع الفرق القانونية إلى اتفاق بشأن قواعد محاكمة ترامب، فيما اعتبر النواب الديمقراطيون أن ترامب ارتكب أخطر انتهاك للدستور عبر «تحريض» أنصاره على مهاجمة مبنى الكونغرس (الكابيتول).
وسيخوض أعضاء مجلس الشيوخ تجربة غير مسبوقة عندما يجتمعون لاتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد في منصبه، ولايزال يشكّل مركز ثقل في حزبه ولو من دون السلطة التي كان يمنحه إياها البيت الأبيض.
ووجّه مجلس النواب الأميركي في 13 كانون الثاني، لترامب تهمة «التحريض على التمرّد» وصوّت لعزله، ليكون الملياردير الجمهوري الرئيس الأميركي الوحيد الذي يوجّه إليه مرتين اتّهام يقتضي محاكمته في مجلس الشيوخ في إجراءات يمكن أن تفضي لعزله.
وأكّد المدّعون العامّون في مرافعة مكتوبة سلّمت لمجلس الشيوخ عشية بدء المحاكمة، أنّ «جهوده للتهرّب من مسؤوليته غير مجدية»، في إشارة إلى الطلب الذي قدّمه محاموه، مشدّدين على أنّ «الأدلّة» ضدّه «دامغة».
لا أحد بوسعه أن يحدد مدة دقيقة للمحاكمة حسب موقع «سكاي نيوز»، لكن من الوارد أن تكون أقل من ثلاثة أسابيع، أي أقل من المدة التي استغرقتها محاكمة عزل ترامب خلال المرة الأولى، من جراء اتهامه بمحاولة الضغط على رئيس أجنبي لأجل إحراز مكاسب سياسية في الداخل الأميركي، فضلا عن محاولة عرقلة عمل الكونغرس.
وفي الثالث عشر من كانون الثاني الماضي، صوت 232 عضوا في مجلس النواب الأميركي مقابل 197 لفائدة عزل ترامب بتهمة التحريض على التمرد، وحظي هذا القرار بتأييد عشرة من النواب الجمهوريين.
في المحاكمة الحالية، سيوجه الادعاء تهمة التحريض على العنف لترامب، على اعتبار أن أحداث الكونغرس خلفت عددا من القتلى والجرحى، بينما وجد أعضاء في الكونغرس أنفسهم في حالة من الذعر، فيما كانت تحيط بهم الفوضى وأصوات الرصاص.
وفي مذكرة الاتهام التي أودعها الادعاء، خلال الأسبوع الماضي، ورد أن مسؤولية ترامب عن أحداث السادس من كانون الثاني في الكونغرس «لا تخطئها العين».
وسيجري اتهام ترامب على اعتبار أنه قام بتجييش الأنصار والحشود بمزاعم لا سند لها بشأن تزوير الانتخابات، إضافة إلى تعريض حياة كل أعضاء الكونغرس للخطر، وتهديد عملية الانتقال السلمي للسلطة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طالب بدوره في وقت سابق بإقصاء ترامب، من الحصول على معلومات استخباراتية عالية السرية، والتي يتلقاها دورياً الرؤساء السابقون على خلفية «تصرفاته الشاذة»، وما قد يلحقه من أضرار «لتهوره في حال قرر الإفصاح عن معلومات حساسة»، مشيراً إلى أن القرار سيحسمه مسؤولو المخابرات.