Site icon صحيفة الوطن

رسالة بايدن لحلفائه في المنطقة

ذكرت صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية قبل أيام أن السفارة الأميركية في إسرائيل نشرت في يوم الجمعة الماضي في الخامس من شهر آذار الجاري رسالة رسمية إلى وسائل الإعلام يحذر فيها الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل والدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من مغبة القيام بأي اعتراض على السياسات الأميركية وبعدم السعي لأي حلول عسكرية لمشاكل المنطقة، وجاء في نص هذه الرسالة الوثيقة: «نحن لا نعتقد أن القوة العسكرية هي الرد على التحديات في المنطقة ولن نمنح شركاءنا في الشرق الأوسط «شيكاً» أبيض لاتخاذ سياسات تتعارض مع المصالح الأميركية».
وتضيف هذه الرسالة الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض بعنوان «التوجيهات الخاصة بالأمن القومي في هذه المرحلة»، وفي الشرق الأوسط سنحافظ على الالتزام المؤكد بأمن إسرائيل مع السعي إلى دمجها بالدول المجاورة لها واستئناف دورنا بتشجيع التوصل إلى حل الدولتين بشكل قابل للحياة، وسوف نعمل مع شركائنا على ردع أي عدوان من إيران وتهديدها لسيادة ووحدة أراضي كل دولة وسنعمل على تفتيت القاعدة والشبكات الإرهابية ومنع داعش من الانبعاث».
وهذا يعني استمرار المراهنة على استخدام كل هذه المجموعات وتوزيعها على طريقته لأنه استخدم عبارة «التفتيت» ولم يسمح لنفسه باستخدام عبارة تصفيتها وكأنه يبعث برسائل مطمئنة لقادة هذه المجموعات.
وبالاستناد إلى هذه التوجيهات يتضح أن السياسة الأميركية برئاسة بايدن لم تحمل جديداً يذكر أو يخالف الأهداف التي لم يستطع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تحقيقها لكن الطريقة التي سيتبعها بايدن بموجب ما تدل عليه هذه التوجيهات ستكون في أغلب الاحتمالات مختلفة عن طريقة سلفه فيما يلي:
1- سيلجأ إلى تفضيل ألا تواجه واشنطن إيران بسياسة أحادية أميركية اتخذها ترامب حين انسحب من الاتفاق الدولي حول الموضوع النووي الإيراني والواضح أن ما يسعى إليه بايدن هو توحيد السياسة ألأميركية مع السياسة الأوروبية تجاه الموضوع النووي الإيراني والتنسيق مع أوروبا ضمن موقف مشترك للتفاوض مع إيران حول صيغة العودة الأميركية لاتفاق خمسة زائد واحد.
2- في الموضوع الفلسطيني لم ير بايدن ما يمنعه من الإعلان عن موقف يتجنب التطرق فيه إلى الحل الذي تبناه ترامب باسم صفقة القرن فأعلن عن «العمل على تشجيع حل الدولتين» وهو هنا سيستند إلى الحل على الصيغة الأميركية التي تبنتها جميع الإدارات الأميركية القائمة على أن يتفاوض الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بشكل مباشر ويتفقان وحدهما على هذا الموضوع دون أن تحدد واشنطن مكانها.
وهذا يعني أن تحديد مكان الدولة النهائي والشامل سيظل مرهونا بموافقة الجانبين، أي القبول الفلسطيني بما تعرضه إسرائيل من مكان أو جزء من مكان مدعومة سراً أو علناً من قبل الإدارة الأميركية التي تزعم أنها لا تريد الضغط على أي من الجانبين في هذا الموضوع بينما هي تضغط عمليا على الفلسطينيين بسياستها التي تتجنب فيها منع إسرائيل من الاستيطان الذي يقلص المساحة الجغرافية للأراضي المحتلة في الضفة الغربية بل ولا تطالبها بنزع المستوطنات ولذلك لن تلغى صفقة القرن حتى لو لم تظهر كعنوان في إدارة بايدن طالما أن كل الإدارات الأميركية تركت الاحتلال الإسرائيلي يكثف الاستيطان في الضفة الغربية ويحولها إلى كانتونات مقسمة تمثلها المدن الفلسطينية مع وجود الجدار الفاصل والطرق الالتفافية التي ابتلعت أراضي قرى داخله لتجزئة الديموغرافية الفلسطينية، فصفقة القرن تشير فقط إلى موافقة إسرائيل على إنشاء دولة في قطاع غزة مع توسيع مساحة القطاع عن طريق تبادل متعدد الأطراف للأراضي، أما الضفة الغربية فلا تريد إسرائيل أن تكون جزءاً من أي دولة فلسطينية.
ولذلك يعتقد معظم المحللين في إسرائيل بأن الطريق ما زال طويلاً أمام أي حل للتسوية بين الجانبين سواء نجحت المصالحة الوطنية الفلسطينية أم لم تنجح وسواء جرت انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني أم لم تجر لأن إسرائيل ستصر كعادتها منذ اتفاقية أوسلو على منع وجود دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية أو أي جزء منها وهذا ما ترفضه السلطة الفلسطينية.
ولهذا السبب تتمسك إسرائيل بمحاولة فرض صفقة القرن التي غابت عن النظر كعنوان علني في هذه الأوقات لكنها بقيت في الأدراج تنتظر فرصة إخراجها من جديد على طريقة بايدن وحكومة إسرائيلية جديدة وهذا ما تعلنه كل برامج الأحزاب الإسرائيلية قبيل الانتخابات المقبلة في 23 آذار.
وبالمقابل ما زال الشعب الفلسطيني يملك الإرادة التاريخية القادرة على إحباط مخططات تصفية حقوقه الوطنية وهو الذي يملك القرار ويرفض المساومة على حقوقه ولا يسير وراء دعاة التفريط وهو الذي أسقط التداول بصفقة القرن ولن يقبل بنزع سلاح مقاومته مهما اشتد بطش قوات الاحتلال في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية والحصار على قطاع غزة.

Exit mobile version