Site icon صحيفة الوطن

الأندلس.. أرض الحضارة … علماؤها أسهموا في يقظة أوروبا

رغم الأوضاع السيئة التي كانت تشهدها المنطقة فإنها كانت أرض حضارة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، أنجبت العديد من العلماء والفنانين والمبدعين في العديد من المجالات، ففي الأندلس عاش أول إنسان فكّر في الطيران حول العالم وصمم أداة الطيران على هيئة الطير، وأجرى التجربة بنفسه، وفتح عيون العالم على الفكرة، ذلك هو عباس بن فرناس القرطبي الذي اخترع صناعة الزجاج من الرمل.
وفي الأندلس عاش الفيلسوف ابن رشد الذي نظم مسار الفلسفة العالمية عبر التاريخ ووصل أطرافها، كما عاش في الأندلس أبو إسحاق إبراهيم القرطبي الذي اخترع الاصطرلاب وأدهش علماء أوروبا، كما أن لعلماء الزراعة في الأندلس فضلاً على الزراعة في أوروبا في مجالات عدة مثل حبوب القمح الأسود إلى جنوب فرنسا، وكذلك كان للعلماء الأندلسيين الفضل في الوصول إلى صناعة المناظير الفلكية الضخمة التي يسّرت غزو الفضاء اليوم، كما أنهم أول من رسم الخرائط رسماً علمياً، وأول من قالوا باستدارة الأرض ودورانها حول محورها ودورانها حول الشمس قبل (كوبرنيك)، كما أنهم اكتشفوا من نصف النجوم المعروفة وسموها بأسمائها العربية الباقية حتى اليوم، ووصل العالم (البيروني) إلى نظرية استخراج محيط الأرض، كما أن (ابن الشاطر) كان أول من برهن على أن الشمس مركز الكون، إضافة إلى أن (ابن يونس) هو أول من اخترع البندول الذي طوّره (جاليلو) بعد ذلك بأربعة قرون، وزرياب الذي كان رئيس المغنين في الأندلس الذي أضاف وتراً خامساً إلى العود، وعلماء الرياضيات العرب وضعوا علم الجبر وحساب المثلثات واخترعوا الصفر والكسور العشرية، واكتشفوا سرعة الصوت والضوء، هذا جانب مما وصل إليه علماء العرب في الأندلس، والذي ترجمه الإسبان والأوروبيون واستفادوا منه ونقلوه إلى حضاراتهم.
إن الأندلس لم تكن أرض قصور وقلاع، بل كانت أرض علم وفن، وأرض اكتشاف واختراع، أرضاً انحنى التاريخ إعجاباً وتقديراً لمن وطأها، ولفتت أنظار العالم إليها وما زالت أرضاً تميّزت وتفننت وأعطت وأكرمت.. وهكذا كان التاريخ العربي يعيش فيها، وأشهد أن حكاية ابن زيدون وولادة بنت المستكفي كانت حاضرة فيها، وأحضر ليالي (المعتمد بن عباد) وأشهد معارك (عبد الرحمن الداخلي) وأستمع إلى حكم (عبد الرحمن الثالث).
ولاريب أن الحكم العربي في الأندلس دام أكثر من ثمانمئة سنة، حيث جعلهم يسهمون مساهمة فعالة فيما وصلت إليه أوروبا من تقدم ملموس في الوقت الحاضر، وفي الواقع فإن هناك رموزاً عديدة من رموز الحضارة والعلم في أوروبا يعترفون بهذه الحقيقة.. ومازلنا نحن العرب نتمتم الموشح الأندلسي العربي:
جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل في الأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس

Exit mobile version