Site icon صحيفة الوطن

هاياو ميازاكي صانع «مغامرات عدنان ولينا» … أحد أشهر مخرجي ورسامي الرسوم المتحركة اليابانية

تمتاز أعمال الفنان الياباني هاياو ميازاكي ببساطتها وتركيزها على الإنسان ودمج الطبيعة بالتكنولوجيا، وقد عمد إلى السينما مخرجاً وكاتباً منذ منتصف الستينيات ولا يزال يشغل نفسه بالعمل رغم أنه كرر القول إنه قرر التقاعد.
ربما يأتي قراره هذه المرة كمرحلة جديدة يكتفي فيها بالنظر إلى أعماله المترامية خلال أكثر من ستة عقود، هو بالتأكيد أنجز لنفسه ولفنه اسماً لامعاً وكبيراً كمخرج أول في السينما التي اختص بها وهي سينما «الأنيميشن»، أو كما نسميها بالرسوم المتحركة.
هو أحد أشهر مخرجي ورسامي الرسوم المتحركة اليابانية، لاقت أعماله أصداء عالمية أكثر من أي مخرج أنمي آخر وخاصة بعد تعاونه مع شركة والت ديزني في أعماله الأخيرة.
بين الخيال والواقع، تظهر في عالمه الشاعري مواضيع مختلفة، يقدم أفكاراً عميقة ويتعامل معها من دون الوقوع في المألوف، يعزز شخصية المرأة ويسلط الضوء على التناقض بين الخير والشر، يظهر عالماً غريباً نسترجع فيه أحاسيس الطفولة، يروي قصصاً بسيطة جزئياً أبطالها كائنات حساسة.

مدرسة بحد ذاتها

أنجز إخراجاً وإنتاجاً أفلاماً مختلفة عما نعرفه في مدارس الرسوم المتحركة. هو مدرسة بحد ذاتها أطلقت أعمالاً مثل «قلعة في السماء» عام 1986 و«همس القلب» عام 1995 و«الأميرة مونونوكي» عام 1997 و«سبيريتد أواي» عام 2002 وصولاً إلى «الريح يرتفع» عام 2014 إضافة إلى عدد من الأفلام القصيرة والكتابات لأفلام طويلة قام برسمها آخرون تحت إشرافه.
بدأ العمل عام 1961 في إستوديو توي دوقا ثم انتقل إلى عدة إستوديوهات أخرى إلى أن بدأ مزاولة الإخراج في أول مسلسل كرتوني له «مغامرات عدنان ولينا» عام 1978.
أسس شركة خاصة به اسمها «إستوديو غيبلي» وحاز شهرته في الغرب بعد فيلم «الأميرة مونونوكي» ثم في عام 2001 زادت شهرته بعد عمله «المخطوفة» الذي حاز على أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة والذي يعتبر أفضل أعماله.
ولد ميازاكي في الخامس من كانون الثاني عام 1941 في طوكيو وفي عام 1944 انتقلت عائلته إلى مدينة كانوما الريفية، عاش طفولته أثناء الحرب التي خاضتها اليابان مع الولايات المتحدة الأميركية، ما ترك أثراً بالغاً في أعماله التي تميزت بنبذ الحروب، ومما أثر في أعماله أيضاً أن أباه وعمه كانا يعملان في تصميم الطائرات وقد جرب ذلك بنفسه، وجاءت أعماله مليئة بتصاميم الطائرات المقاتلة.
التحق بعد المدرسة بجامعة «غاكوشاين» ليتخرج عام 1963 بعد أن نال بكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصادية، إلا أنه كان خلال المرحلة الجامعية عضواً في نادي «أدب الأطفال» ما جعله إضافة إلى كونه رساماَ، يلتحق بالمجال الفني من خلال عدد من الشركات التي قدمت عدداً من أشهر المسلسلات الرسومية.
بين عامي 1947 و1955 كانت أمه تعاني مرضاً في الحبل الشوكي أقعدها طريحة الفراش لمدة تسع سنوات.
في عام 1973 ميلادي توجه هو ورفيق مشواره الفني المخرج إيساو تاكاهاتا إلى سويسرا لهدف تحديد ومشاهدة الأماكن التي ألهمتهم في العمل «هايدي» وقد عمل ميازاكي كرسام مصمم ومنظم للمشاهد وتشارك في الإخراج مع تاكاهاتا.
في عام 1975 توجه الاثنان أيضاً إلى أماكن محددة في إيطاليا والأرجنتين وذلك من أجل إنتاج العمل «وداعاً ماركو» يقال بأن الأماكن في العمل كما كانت على الطبيعة هناك.
في عام 1978 قام بكتابة ورسم وإخراج أول مسلسل كرتوني خاص به «عدنان ولينا» وكان نجاحه مذهلاً حقاً فقد تمت دبلجته إلى معظم لغات العالم ومن بينها اللغة العربية في مطلع الثمانينيات ليستمر بثه بشكل مكثف على الشاشات العربية، ولا يزال حتى الآن يذكر على أنه أفضل مسلسل رسومي لدى الكثير.
في عام 1979 قام بكتابة ورسم وإخراج أول فيلم له «لوبين الثالث: قلعة كاجليسترو»
في عام 1983 بدأ المشوار الحقيقي لميازاكي ففي العام نفسه قام بكتابة رسم وإخراج واحد من أروع أفلامه «ناوسيكا أميرة وادي الرياح».
وبعد أن قدم عدداً من أنجح الأفلام أنشأ شركته الخاصة «إستوديو غيبلي» ليستمر في إنتاج عدد من الأفلام التي حققت مبيعات قياسية حول العالم، ففي اليابان كان فيلم «الأميرة مونونوكي» أول فيلم يحقق 1.7 مليار ين ياباني عند إطلاقه، وقد حاز جوائز عديدة أهمها كانت جائزة الأكاديمية اليابانية لأفضل فيلم ذلك العام، لكن وعلى نحو غير متوقع ضرب مايازاكي رقم الثلاثين مليار ين ياباني عندما قدم فيلم «المخطوفة» ويحقق لأول مرة جائزة الأوسكار عام 2003، ثم في العام الذي يليه أخرج فيلم «قلعة هاول المتحركة» والذي رشح أيضاً لجائزة الأوسكار.

ديزني وميازاكي

اعتمد ديزني في أفلامه الأولى على الحكايات الخرافية الشعبية الموروثة مثل «سندريلا وسنو وايت»، وهي قصص يعرفها الجمهور بالفعل ونجاحها المادي مضمون.
أما ميازاكي فكان منذ بداياته يخلق قصصه الخرافية الخاصة، قصصه المليئة بالكائنات العجيبة والأحداث غير المتوقعة. قصصه التي لا يعرفها الجمهور ولا يعرف لها شبيهاً.
ديزني كان حريصاً على تقديم ما يألفه عامة الجمهور، وما يطلبونه. الجمهور الذي لا يريد إلا قضاء وقت لطيف في السينما بصحبة أطفاله.
بينما كان ميازاكي يريد أن يصحب الكبار قبل الصغار في رحلة مذهلة في خياله الخاص. ميازاكي لم يكتب قط قصة كاملة لأفلامه، بل كان يرسم الشخصيات لقطة بلقطة ويجعلها تقرر مصائرها بأنفسها.
لا أحد يمكنه توقع نهاية فيلم لميازاكي، على حين مع ديزني يمكنك توقع كل شيء تقريباً. بداية من مظهر البطل والبطلة مروراً بالمشاكل التي ستواجههما والعدو الشرير ودوافعه وملامحه ونظراته الخبيثة وطريقة حديثه ونبرة صوته، وانتهاء بالنهاية السعيدة التي ينتصر فيها البطل والبطلة وحبهما الذي يقهر كل الصعاب وكل الشر في الدنيا.

Exit mobile version